السقيا من أعمال البر التي كانت تتباهى بها العرب وسقاية الحجاج أو المعتمرين أو غيرهم أمر جليل وعظيم، والسقيا للمصلين في المسجد النبوي بدأت بالطرق البدائية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين وذلك بجلب المياه من الآبار بالقرب والحياض ونحوها إلى المسجد النبوي، ثم حفر الآبار حول المسجد ونقل المياه إليه، ثم حفر الآبار في أجزاء من المسجد، لينتفع بها المصلون ومرتادو المسجد وفي عام 561ه تمكن أحد الأمراء في العهد العباسي يدعى سيف الدين ابن الهيجاء من أجراء مخرج لعين الزرقاء إلى فسحة كانت في المسجد النبوي من جهة باب السلام وجعل لها منهلا واستمرت سنين من الدهر تعمل، فتزاحم عليها الناس فأزيلت. ثم استحدثت السقيا بالسبل التي تعتمد على الآواني الفخارية الدوارق والجحال والأزيار لسقية المصلين والزوار في المسجد النبوي حتى عام 1398ه ثم استبدلت الدوارق بالترامس المبردة، وبهذا التاريخ إنتهى عصر السقيا القديم الذي يعتمد على المحسنين من أهالي المدينة، وغيرهم من الزوار وبدأ عصر جديد للسقيا تحت إشراف وكالة الرئاسة العامة لشؤون الحرمين. في عهد الملك خالد بن عبد العزيز رحمه الله تولت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين أمر السقيا في المسجد النبوي حيث تعاقدت مع مؤسستين لهذه المهمة النبيلة كانتا تقومان بتحضير الماء في ثلاجات كبيرة في حي حارة الأغوات وحي باب الشامي ومن ثم تنقله في ثلاجات صغيرة إلى جوار المسجد النبوي الشريف ليوزع في حافظات بأعداد مناسبة في سائر أنحاء المسجد كانت المؤسستين تعمل تحت إشراف المنادي والبكري وهما من السقايين القدماء في المدينة. وفي عام 1402ه مع بداية عهد الملك فهد رحمه الله انتقلت مهمة السقيا إلى شركة أخرى وتم، إنشاء محطة تبريد غربي المسجد النبوي الشريف خاصة به مجهزة بكل ما يلزم والجديد والمهم في تاريخ السقيا هو جلب ماء زمزم إليها من مكةالمكرمة عبر صهاريج فيتم تعقيمه ونقله للمسجد النبوي الشريف بواسطة صهاريج خاصة لحمل مياه زمزم، وأصبحت السقيا في المسجد النبوي على مدار العام بماء زمزم. فوفرت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي الشريف مياه زمزم للسقيا لمرتادي المسجد النبوي الشريف بالمدينةالمنورة والتي تفخر بها حكومة المملكة العربية السعودية لما فيها من عمل خير أوجبه الإسلام على ساكنيها وزوارها من حجاج ومعتمرين وزوار، وألقت على عاتقها مهام عظيمة، منها تحليل مياه زمزم بصفة دورية في مختبر الرئاسة ومتابعة التحاليل التي يتم عملها بالجهات الأخرى، ومراقبة ومتابعة أعمال السقيا بالحرمين فيما يخص تعبئة الحافظات (الترامس) داخل الحرمين ومرافقه وتزويدها بماء زمزم المبرد وغير المبرد، الأشراف على توزيع حافظات مياه زمزم في الأماكن المخصصة لها، المحافظة على الدرجة المطلوبة لبرودة مياه زمزم، ومتابعة تزويد الحافظات والترامس) والمشربيات بالكاسات الجديدة واستبدال الكاسات المستعملة باستمرار، ومراقبة نظافة الحافظات (الترامس) وأغطيتها وقواعدها، ومراقبة نظافة مجمعات ملء (الحافظات) الترامس، والإشراف على تعبئة الخزانات (البراميل) المخصصة لمياه زمزم في أوقات الذروة ومتابعة نظافتها، تعبئة الصهاريج المخصصة لتزويد المسجد النبوي بمياه زمزم وغيره حسب التعليمات، الإشراف على نظافة عربات نقل الجوالين ومتابعة عمال المؤسسة المكلفة بالسقيا للتأكد من التزامهم الخاصة بالعمال بالتوجيهات الصحية أثناء تعبئة الترامس بما زمزم ومتابعة الشهادات الصحية، ومراقبة نسبة مياه زمزم في الخزانات والتنسيق مع جهات الاختصاص، والتنسيق مع إدارة التشغيل والصيانة فيما يحتاج إلى صيانة فورية مثل مضخات التعبئة وصيانة المجمعات وغيرها.