انتهى الموسم السياحي الصيفي والترويحي سريعاً وبدأ موسم سياحي من نوع آخر إنه الموسم السياحي الروحي والديني والذي يمتد على مدار الأشهر القادمة وتختص به المدينتان المقدستان مكةالمكرمة والمدينة المنورة ودهليزهما مدينة جدة عروس البحر الأحمر، حيث يتوافد عشرات الألوف من المعتمرين والزوار من داخل المملكة وخارجها وهذه الميزة اختص الله سبحانه وتعالى بها هاتين المدينتين الطاهرتين وبلادنا الغالية على وجه العموم ولرمضان الكريم بالإضافة إلى ميزته الروحية والدينية فقد استحدثت له ميزة أخرى ولا أعلم لماذا وكيف؟ وقد أصبح رمضان موسماً درامياً وإعلامياً لكل أنحاء العالم الإسلامي وتقدم فيه مئات المسلسلات الدرامية والذي تتسابق القنوات في بثها حصرياً لتكون صاحبة الأسبقية في هذه الأعمال طمعاً في اجتذاب أكبر عدد من المشاهدين وأكبر حصيلة من الإعلانات التجارية . والحديث عن الدراما في بلادنا ذو شجون فالدراما لدينا لا تقوم على ركيزة متينة ولا أسس ثابتة وإنما هي إرهاصات واجتهادات فردية لأن وبكل صراحة ودقة نحن لا نملك مقوماتها اللوجستية لأننا وبكل أسف نجهل دور الدراما الاقتصادي والاعلامي . على سبيل المثال لا الحصر الدراما المصرية تدر دخلاً لا يقل عن عشرين مليار دولار سنوياً وتعتبر مصدراً من مصادر الدخل القومي هناك . ولنضرب بعضاً من الأمثلة والشواهد الواقعية فبعد عرض المسلسل التركي المدبلج مهند ونور ازداد أعداد السياح لتركيا لأكثر من خمسة ملايين سائح بهرتهم المناظر والمواقع السياحية التركية التي كانت تمثل خلفيات لهذا المسلسل وفي المواقع التي صور فيها مسلسل باب الحارة وفي الحارة التي تم إنشاؤها خصيصاً لهذا المسلسل تمت زيارة أكثر من مليون فرد لهذا المكان من كافة أنحاء العالم حتى من الدول الغربية وهذا مثال بسيط يثبت أن الدراما تخدم وبشكل أساسي السياحة والاستثمار . وقد سعدت بلقاء أحد أساتذة صنع الدراما في العالم العربي إنه الدكتور والمخرج والسيناريست والأكاديمي صلاح نديم وهو صاحب مساهمات إعلامية كبيرة في السينما والمسلسلات الدرامية المصرية كما أن له مساهمات درامية إذاعية ومسرحية في المملكة فهو صاحب مسلسل حارتنا والبشكة الإذاعي وبعض المساهمات المسرحية السعودية المصرية المشتركة ومسلسل حارتنا والبشكة مأخوذ عن قصة الأديب الشاعر الكبير أحمد قنديل عن قصة (أبو عرام والبشكة) وهو يحكي واقع المجتمع الجداوي في القرن الثالث عشر الهجري وقد حدثني الدكتور صلاح كثيراً عن تكاسل شركات الإنتاج الإعلامي لدينا عن توثيق التراث وترجمة بعض أعمال الأدباء السعوديين إلى أعمال درامية لاتقل بأي حال من الأحوال عن أي عمل درامي مستورد لو تم تضافر الجهود. وأضاف الدكتور صلاح قائلاً لديكم مقومات جيدة لصناعة الدراما والتي أهمها التمويل المادي كما أن لديكم المنطقة التاريخية في جدة وهي بالمناسبة كنز ثمين قد لايتوفر في كثير من الدول المنتجة للدراما حتى في مصر فبالإمكان تحويل جزء من المنطقة التاريخية إلى مدينة للإنتاج الإعلامي تنشأ فيها الاستديوهات البلاتوهات وتحول بعض بيوتاتها التراثية إلى فنادق ومطاعم فخمة وتصور فيها أحداث مثيرة وهي دعوة وجهها الدكتور صلاح لكل أصحاب شركات الإنتاج الإعلامي والمستثمرين بالإضافة إلى دعم الهيئة العليا للسياحة والآثار ووزارة الثقافة والإعلام في بلادنا فناك أكثر من سبع مائة قناة تلفزيونية تسبح في الفضاء وهي تتلقف كل الأعمال الدرامية وفي تقدير الدكتور صلاح لو تم تحويل عمل الأديب احمد قنديل أبو عرام والبشكة إلى عمل تلفزيوني فإنه سيلاقي إقبالاً كبيراً من المتلقين العرب جميعاً وسيضاهي بشهرته وفرقعته الإعلامية مسلسل باب الحارة بل ويتفوق عليه بمراحل من أجل أن تكون الدراما في خدمة السياحة والاستثمار وأجير حديث الدكتور لكل الجهات ذات الاختصاص التي ذكرها الدكتور صلاح في حديثه وفي هذا السياق اشيد بجهود ناصر القصبي و عبدالله السدحان في عملهم الناجح طاش ماطاش والتي تعدت شهرته الآفاق المحلية إلى الآفاق العربية وهذا جهد يشكران عليه والله ولي التوفيق. وكل عام وانتم بخير وقفة طريق الألف ميل يبدأ من الخطوة الأولى