استيقظت جدة على حريق المنطقة التاريخية في حارتي الشام والمظلوم والذي أتى على عدد من الكنوز التراثية المتمثلة في أبنيتها المحترقة فذهبت هباءً منثوراً تذروها الرياح كشمعة ذابت من حوم النهار وهذه الحرائق لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة مادام استمر مسلسل الاهمال وعدم المسؤولية فجدة التاريخية انفرط عقدها كما تنفرط حبات العقد الفريد فما لم تلتهمه النيران جرى هدمه عياناً في وضح النهار وإلا بماذا نفسر هدم أربطتها وبيوتها كبيوت المناع والبحراوي ورباطي الميمن والبخاري بحارة البحر في الجهة الغربية الجنوبية من جدة وإذا ما رجعنا إلى تقرير الدفاع المدني عن حادث الحريق وماسبقه من حرائق في نفس المنطقة نجد أن التمديدات الكهربائية هي السبب الرئيسي عن تلك الحرائق وهذا ليس جديداً والسؤال الذي يطرح نفسه إن هذه التمديدات موجودة منذ أن دخلت الكهرباء إلى مدينة جدة فأين الرقابة والصرامة حيال ذلك منذ عشرات السنين كما أن وجود أنابيب الغاز في داخل هذه البيوت هي أشد خطراً وفتكاً من التمديدات الكهربائية فإذا ما ترك أحد العمال الوافدين أنبوبة الغاز مفتوحة فإن خراطيشها قد تتعرض لنهش القوارض (الفئران) المنتشرة بكثرة في تلك المنطقة وقد يتسرب الغاز وينتشر في الجو ليفتك بعشرات الأبنية بنفس المنطقة. والمطلوب من الدفاع المدني مراقبة ذلك والتعميم على ساكني هذه الأبنية بعدم استعمال أنابيب الغاز الاسطوانية والاستعاضة عنها بدوافير الغاز ذات العين الواحدة لأنها أكثر أماناً وأقل خطراً عن سابقتها لاسيما وأن معظم السكان هم من الوافدين العزاب الذين لا يحتاجون إلى كثرة استعمال الغاز فكما تتم السيطرة على حظر الغاز في المشاعر المقدسة يمكن السيطرة عليه في المنطقة التاريخية. وعلى الأمانة مراقبة البيوت التي تستخدم كمستودعات لتخزين البضائع وإزالة الصنادق الخشبية الموجودة أعلى الأسطح وعلى شركة الكهرباء مراقبة التيارات الكهربائية وإحصاء الأجهزة الكهربائية كالمكيفات وغيرها في كل مبنى تاريخي وإذا ما وجدت أن تلك الأجهزة فوق طاقة المبنى الاستيعابية يتم فصل التيار فوراً وطلب صاحب المبنى لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك ولقد تابعت برنامجاً بثته إحدى القنوات الخاصة عن حريق جدة تحدث فيه الدكتور عمر يحي أستاذ التاريخ بجامعة الملك عبدالعزيز الذي هزته هذه المأساه وطالب بتسليم هذه المباني ووضعها تحت تصرف أمانة جدة المباشرة كما تحدث المهندس سامي نوار الذي قال بأن جده تحتاج لأكثر من مليار ريال لتطويرها، و في الواقع ان جدة التاريخية قد صرف عليها خلال العقود السابقة أكثر من المبلغ المطلوب و مع هذا لم تتطور مبانيها فما زالت بيوتها على سلبياتها السابقة تمديدات كهربائية متدلية وهياكل خشبية آيله للسقوط ولكن جدة بعد تسليمها إلى ادارة تطوير المنطقة التاريخية بدأت تعود إليها نضارتها ومظهرها العام تفاديا للسلبيات السابقة. إن جدة التاريخية كنز من الكنوز التي وهبها الله لبلادنا وأنا لاأتفق مع الرأي الذي يقول إن من الظلم الحجر على تلك الأبنية وتركها لأصحابها ليتصرفوا بها كيف شاؤوا لأن جدة ملك لسكانها ولكن بالإمكان استغلالها لتدر الملايين التي تعود على أصحابها بالخير العميم فيمكن تحويلها إلى قصور للثقافة الجماهرية. كما يمكن تحويلها إلى استديوهات تصور فيها البرامج التراثية والجلسات الفنية ذات الطابع التراثي كما يمكن تصوير الفيديو كليب وما شابهه بأبنيتها وأزقتها وإنني أطرح على مؤسسات الإنتاج الدرامي فكرة إنشاء شبه مركز إعلامي بداخل هذه الأحياء تصور فيه المسلسلات الدرامية والأفلام الروائية تكون متكاملة الخدمات بها مطاعم وفنادق واستديوهات يمكن من خلالها انتاج بعض المسلسلات المحلية لأدباء خرجوا من تلك الأحياء فيمكن مثلا تحويل قصة حارتنا والبشكة للأديب الراحل أحمد قنديل إلى مسلسل درامي لايقل إثارة عن مسلسل باب الحارة وبيت جدي وقد سبق لهذا العمل أن انتج إذاعيّاً العام الماضي وهناك تجربة مماثلة مرت بنجاح للأديب والقاص الدكتور محمد صادق دياب أن قام بإنتاج مجموعته القصصية مايحبوك البنات في أحد أحياء جدة الشعبية ولقي نجاحاً منقطع النظير دعوة لتكوين لجنة أصدقاء جدة التارخية من مهندسي كليات الهندسة ومن شباب وشابات جدة النشامى والنشميات فقد خبرناهم أثناء تضرر جدة من أحداث السيول فهم لايقصرون إن شاء الله وقفة زجل للأديب الراحل أحمد قنديل عن جدة جدة أم الرخا جدة والصبر في الشدة جدة إللي فيها الصفة والمجنس والروشان والدكة والديوان والبيت أبو الدرجان