بدأت معرفتي بمعالي الدكتور محمد عبده يماني قديمة جداً وهي في اوائل سبعينيات القرن الماضي.. وبدأت في القاهرة وقبل مجيئي الى المملكة العربية السعودية والعمل فيها كنت في هذه الفترة ومن خلال تواجدي في "أخبار اليوم" أعمل مراسلاً لمجلة اليمامة السعودية خلال فترة ترأس الاستاذ محمد الشدي لرئاسة تحرير "مجلة اليمامة السعودية" ومن خلال عملي باليمامة السعودية عرفت الصديق العزيز عبدالله الماجد مدير تحرير جريدة الرياض في هذا الوقت.. وفي خلال احدى لقاءاتي المستمرة معه اصطحبني عبدالله الماجد ليعرفني بشخصية سعودية مرموقة كانت هذه الشخصية هي "معالي الاستاذ الدكتور محمد عبده يماني" وجدته نحيفاً لم تكن عليه اي سمنة ظاهرة. وجدته رشيقاً يلبس "القميص والبنطلون" وكان الدكتور يماني في ايامها استاذاً في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة وجاء إلى مصر كرئيس لجنة التعاقد مع المدرسين المصريين المسافرين للعمل في مدارس المملكة.. كانت هذه البداية.. ومرت الايام والسنون وجئت للعمل في المملكة العربية السعودية في وقت وجدت فيه معالي الدكتور محمد عبده يماني قد وصل الى منصب وزير الاعلام وبدأت بعض السمنة تظهر مع معاليه وايضا قام باجراء عملية مهمة في القلب تظهر اثارها اذا احرم بملابس الاحرام وفي وزارة الاعلام التي بدأت اعمل معها كصحفي كان اركان الوزارة الذين يعملون مع معاليه كوكلاء لوزارة الاعلام معالي الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة (وزير الاعلام الحالي) والدكتور عبدالعزيز الصويغ الذي كان يعمل وكيلا مساعدا للاعلام الخارجي وهو بعيد عن الصحافة والصحفيين والتصريحات الصحفية وايضا الدكتور صالح بن ناصر الذي انتقل فيما بعد ليعمل في الشباب والرياضة وكان من نجوم وزارة الاعلام في هذه الفترة الاستاذ عزت مفتي الذي كان يعمل مدير عام الاعلام الخارجي وساعده الأستاذان محمد خياط وعبدالله علوش.. وكان هناك تقليد لوزارة الاعلام السعودية ان تستضيف في كل موسم حج فريق العمل الذي يعمل في موسم الحج من الصحف المحلية وأذكر انني كنت اذهب مع فريق عمل يزيد عدده على عشرة اشخاص في ضيافة وزارة الاعلام لتغطية موسم الحج (وقد انتهى هذا التقليد الآن) واقتصرت الدعوات على الصحفيين القادمين من الخارج فقط في مخيم وزارة الاعلام في منى وعرفات تعرفت على بعض الرموز الاعلامية المعروفة معالي الشيخ محمد متولي الشعراوي والاعلامي الكبير الراحل احمد فراج المذيع التليفزيوني الشهير الذي كان يتولى مسؤولية الدعاء في يوم عرفة حيث كان يدعو وكل المدعوين من الاعلاميين يردون الدعاء خلفه بعد عصر يوم عرفات وهم محرمون وتنوعت الدعوات من الاعلام السعودي للاعلاميين اذكر منهم الكاتب الصحفي الكبير محسن محمد وزوجته المذيعة الشهيرة. والاستاذ ممدوح الليثي.. وكان من اشهر من ادوا فريضة الحج فيما بعد المذيع المصري الشهير صاحب الصوت المميز (احمد سعيد) الذي التف حوله الاعلاميون من كافة الجنسيات ليعرفوا تجربته في حرب عام 1967 وكيف انه كان يقول في اذاعة (صوت العرب) بشرى يا عرب دخلت قواتكم "تل ابيب" بينما نحن حققنا خسائر كبيرة والقوات المصرية تنسحب من سيناء وحكى لنا كيف كانت هذه النداءات والروايات تقال من الاذاعة حسب اوامر الحاكم العسكري وكان يقولها والمدافع الرشاشة مصوبة اليه ليقول ما يملى عليه. وخلال فترة الحج مع معالي الدكتور محمد عبده يماني ذهب الرئيس السادات الى القدس واحدث دويّاً عالميّاً كبيراً لدرجة ان وزير الاعلام السعودي في هذه الفترة (الدكتور يماني) كان يلبس ملابس الاحرام ويتجول في مخيم الوزارة بعرفات وهو يحمل جهاز تسجيل كبير جدّاً في يديه وعلى صدره لسماع آخر اخبار الرئيس السادات في القدس كيف استقبله الاسرائيليون وكيف تحدث اليهم وما هي النتائج المرجوة من هذه المبادرة الخطيرة التي اقدم عليها زعيم عربي. تلك بعض الخواطر التي سجلتها الذاكرة عن الكاتب والاديب والداعية الاسلامي الدكتور محمد عبده يماني الذي ذاع صيته في هذه الايام في وسط العالم العربي والاسلامي وجاب دول الشرق والغرب للدعوة الى وسطية الاسلام السمح وبين الاقليات المسلمة التي حرص الدكتور يماني للوصول اليها بأسلوبه العذب الرشيق وفرحت في قلبي انني عرفت هذا الرجل الفريد الذكي. [email protected]