الحديث عن هذه الشخصية الفريدة محفوف بالاهتمام فالدكتور غازي بن عبد الرحمن القصيبي صاحب "كاريزما" خاصة ودائماً يحظى بالاهتمام والتقدير في كل مكان يحل به. كانت البداية قبل خمسة وعشرين عاماً واظنه لم يكن قد تولى منصبا وزاريا عندما جاء الدكتور القصيبي ليلقى محاضرة في جامعة الملك عبد العزيز بجدة ووجد يومها حفاوة بالضيف لا تقارن بالآخرين بل إنني شاهدت من مدرج الجامعة الرئيسي وقد امتلأ عن آخره بالاساتذة والطلاب فأدركت أهمية هذه الشخصية وكان ذلك أيام الطفرة الأولى. ثم جاءت مقالة للدكتور غازي القصيبي متزامنة في هذا التاريخ وكانت في الصفحة الأخيرة من مجلة اليمامة السعودية والتي كنت احد مراسليها من القاهرة قبل مجيئي للمملكة مع زميلي الدكتور فهد العرابي الحارثي الذي كان يراسلها من باريس وكنت اراسل اليمامة من القاهرة ومن خلال اليمامه السعودية تعرفت على رئيس مجلس ادارة مؤسسة اليمامة الصحفية الاساتذة عبد الله القرعاوي "يرحمه الله" والاستاذ تركي عبد الله السديري رئيس تحرير الرياض ورئيس هيئة الصحفيين السعوديين متعه الله بالصحة والعافية والاستاذ محمد الشدي رئيس تحرير اليمامة السعودية في هذا الوقت والزملاء الاحياء علوي طه الصافي وعبد الله الماجد والشاعر مسافر أحمد الصالح والصديق العزيز حسين علي حسين الذي حضرت فرحة بالقاهرة والاديب اللامع المشاغب محمد رضا نصر الله. في هذه الاثناء كتب الدكتور غازي القصيبي في الصفحة الاخيرة مقالاً رائعاً باليمامة السعودية بعنوان مازلت أذكره حتى اليوم يقول: "حذار حذار حذار من الكرسي الدوار" وكان مضمون المقال انه يحذر الشباب السعودي في "أيام الطفرة" من أن يركن الى الراحة والكرسي الدوار والتكييف ويترك "العمل المهني" واليدوي الذي يقوم به "العمالة الاجنبية" التي وفدت الى المملكة من كل ارجاء الدنيا لتعمل في مشاريع التنمية أيام الطفرة. وبدأ اهتمامي يزيد بهذه الشخصية وبدأت أتابع كتاباته واشعاره التي تشد الانتباه وتنقل الدكتور غازي القصيبي من وزارة الصناعة الى وزارة الصحة ولابد أن اذكر هذا الموقف الذي كنت احد شهود العيان فيه. ففي كل عام ترسل البلاد مجموعة من الزملاء لتغطية وقائع موسم الحج في المشاعر المقدسة وفي ذلك العام الذي اتسم بالحرارة الشديدة التي وصلت الى حوالى 50 درجة في منى وعرفات كان وزير الصحة الدكتور غازي القصيبي يتابع موقف الحجيج لحظة بلحظة .. وكان اغلب الحجيج يرمون الجمرات بعد الزوال وزاد عدد الأموات بشكل كبير في اول ايام التشريق وبالذات في رمي الجمرات وبدأت سيارات الاسعاف تنقل الأموات الى "مستشفى منى العام" وشاهدت الشاعر الأديب غازي القصيبي بقامته المديدة يقف على باب مستشفى منى العام الرئيسي يستقبل سيارات الاسعاف بنفسه "ويدفع الترولي" الخاص الذي ينقل الحجاج ويجري به في ردهات المستشفى ليصل به الجمرات التي توفرت فيها الأسِرة الخاصة بضربات الشمس والتي تضخ قطرات الثلج على كل جسم المريض وكان بعض الحجاج عندما تبخ عليهم قطرات الثلج يفيقون من آثار ضربات الشمس الحارقة وتكتب لهم الحياة وآخرون كانوا يصلون المستشفى وهم ميتون فعلا وسجلت في ذاكرتي مشاعر هذا الوزير الانسان وهو ينتفض خوفا على الحجيج من اثار "ضربات الشمس". وفي عصر هذا اليوم نفسه استطاع الدكتور غازي القصيبي وزير الصحة في هذا اليوم أن يحصل على فتوى شرعية من هيئة كبار العلماء بأنه يجوز "الرمي للجمرات حتى الليل" للتخفيف على هذه الجموع المسلمة في أيام الصيف الحارة. وفي أمسية جميلة في جدة شاهدته مع صديقه الكبير معالي الاستاذ عبد الرحمن السدحان الامين العام لمجلس الوزراء وهو يعرفني منذ توليت اعداد صفحة الخدمة المدنية وكان في ايامها الامين العام لمجلس الخدمة المدنية. شاهدت الصديقين الدكتور غازي القصيبي والاستاذ عبد الرحمن السدحان في احد المطاعم الفاخرة على كورنيش جدة وكان الدكتور القصيبي يومها سفير المملكة في لندن وبعد السلام طلبت حواراً مع الدكتور القصيبي الذي كان يلبس "بدله انيقة" عن طريق الوزير الاستاذ عبد الرحمن السدحان واعتذر برفق لأنه يلبس البدلة ووقته الضيق وقدرت الظروف. أما الموقف الاخير الذي احببت أن أذكره عن معالي الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي وزير العمل فكان في قاعة ليلتي بجدة حيث جاء وزير العمل ليشارك في تخريج دفعة من "الشباب السعودي" الذين يعملون "طباخين" في الفنادق الكبرى بدعم من مؤسسة محمد عبد اللطيف جميل ودار نقاش بعد الحفل عن السعودة وقلت للوزير القصيبي إنني ساهمت في تدريب وتأهيل حوالى خمسين شابا سعوديا يعملون الآن في الصحافة السعودية ومن بينهم أربعة موجودون معنا في هذه القاعة فابتسم الدكتور غازي وقال لي لابد أن نستفيد من خبراتك في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني هذه بعض الخواطر عن ضيف هذا المقال. [email protected]