طافت بي هذه الايام العطرة ايام العشر الاوائل من ذي الحجة وأنا اكتب هذا المقال وبيننا وبين يوم عرفه يومان .. ذكريات ومواقف كثيرة مرت بي خلال مواسم الحج المتعاقبة التي اديت فيها "فريضة الحج" . كان اغلب هذه المواقف منذ وصولي للمملكة قبل حوالى الثلاثين عاما وكنا نعمل سويا كفريق عمل متكامل عليه ان يقود فريقاً من الزملاء للعمل في المشاعر المقدسة خلال ايام الحج لتغطية موسم الحج. كانت اقامت الوفود الاعلامية في البداية في مخيمات وزارة الاعلام في منى وعرفات ومن اهم المواقف التي مررت بها في احد مواسم الحج وكان معالي الدكتور محمد عبده يماني وقتها وزيراً للاعلام هو سفر الرئيس محمد انور السادات الى القدس لقد كانت المفاجأة مدوية للجميع والحدث جلل وكبير وجاء خلال أيام الحج وشاهدت معالي الدكتور محمد عبده يماني وهو بملابس الاحرام في عرفات ومنى وهو يحمل بين يديه جهاز تسجيل كبيراً وظن وقتها لم تكن هناك هذه الاجهزة الصغيرة من اجهزة التسجيل كان يستمع الى تفاصيل رحلة السادات الى القدس وتداعيات هذا الزيارة على الامة العربية والاسلامية ولحرص معالي الوزير على تتبع اخبار الزيارة المدوية كان يلازم الراديو والمسجل ليتابع الزيارة أولا بأول. أما الموقف الآخر وكان فريق البلاد يحج ايضا في وزارة الاعلام فقد كان مع مذيع صوت العرب الشهير احمد سعيد .. هذا المذيع الشهير وصاحب الصوت المميز الذي كان معنا يؤدي فريضة الحج بدعوة من وزارة الاعلام والتففنا حوله مجموعة من الصحفيين الشبان وانا واحد منهم لنعاتبه على قولته الشهيرة ايام حرب 1967م حين قال في "صوت العرب" وبصوته القوي بشرى يا عرب لقد وصلت قواتكم الى مشارف "تل ابيب" واستمع الناس لنداءاته وظنوا ان الجيش المصري حقق انتصاراً باهراً وان مقدمة الجيش المصري دخلت بالفعل الى مشارف "تل ابيب" الاسرائيلية بينما كان الجيش في الحقيقة ينسحب من سيناء بعد نكسة يونيو المدوية.. وحينما عاتبناه على ما كان يذيعه اقسم انه كان يذيع هذه البيانات وهو يبكي لان هناك مدفعاً رشاشاً مصوباً الى صدره بضرورة ان يذيع هذا البيانات المغلوطة والبعيدة عن الحقيقة. أما الحدث الثالث الذي لاتنساه الذاكرة وحدث معي في الحج فقد كان في مخيم الحرس الوطني في الحج الذي استضاف بعثة البلاد الصحفية - وكان - خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في هذا الوقت ولياً للعهد ومن عاداته انه يأتي في ثاني ايام التشريق ليزور مخيم الحرس الوطني في منى ويستقبل كل ضيوف الحرس الوطني بالحج وشرفنا جميعا بالسلام عليه وقام سموه في وقتها يحفظه الله بجولة على مرافق ومنشآت الحرس الوطني التي اعدها لخدمة الحجيج وكنت اسير خلفه مباشرة اذا بالكاتب الاسلامي والداعية عبد الصبور شاهين تتعثر قدماه وهو يتخطى احدى عتبات المنشآت التي اقامها الحرس في منى وكانت اول يد تمتد اليه لتسارع بمساندته هي يد الملك عبد الله بن عبد العزيز في أبوة وتسامح وحرص كبيرين لينقذه من عثرة الوقوع هذا المشهد مازال ماثلا امامي رغم مرور سنوات عليه فذكريات وايام الحج دائما تحفر في الذاكرة ولا تنمحي بمرور الأيام .. ودعوات خالصة للحجيج المتجهين إلى عرفات الله غداً ان يتم عليهم الله حجهم ويعودوا الى بلادهم مغفوراً لهم .. وحج مقبول وذنب مغفور بإذن الله تعالى.