كانت بداية معرفتي بالفقيد الكريم معالي الدكتور محمد عبده يماني قبل ثلاثين عاما او يزيد قليلا.. وكان اللقاء في القاهرة قبل ان اصل الى المملكة او اعمل فيها، جاء الدكتور محمد عبده يماني وكان نحيل الجسم ذا قوام معتدل رئيسا للجنة تعاقد المدرسين المصريين الراغبين العمل في المملكة العربية السعودية وكنت أيامها اعمل مراسلا لليمامة السعودية في القاهرة وكان من عرفني به هو الصديق والأديب الصحفي الاستاذ عبدالله الماجد مدير تحرير جريدة الرياض السعودية في ذاك الوقت واجريت معه لقاء صحفيا بشوشا نشر في اليمامة السعودية حول طبيعة عمله كرئيس لجان التعاقد للمدرسين المصريين المعارين للعمل في المملكة العربية السعودية. وجئت الى العمل بالعزيزة «البلاد» وقتها كان معالي الدكتور يماني وزيرا للاعلام وهو ملء السمع والبصر واستمرت اللقاءات وذهبنا الى الحج فريق كبير يضم الزملاء خالد الحسيني ومحمد يوسف وحوالى ثمانية زملاء آخرين استضافنا معاليه في مخيم وزارة الاعلام الى ان جاءت السنة التي ذهب فيها الرئيس انور السادات الى القدس وقتها وجدت وزير الاعلام السعودي محمد عبده يماني يمشي بيننا في مخيم الاعلام وهو يحمل على صدره جهاز تسجيل كبير لم تكن اجهزة التسجيل الصغيرة قد ظهرت كما هي الآن ليتابع زيارة السادات للقدس ،احرم الدكتور يماني لاداء مناسك الحج كنت تلحظ الشق الطويل في صدره فقد اجرى عملية جراحية في شرايين القلب في امريكا.. كان الوزير الانسان رحيما مع الجميع شديد الرأفة والدعة واصلا الرحمة مع والده الذي حج معنا في هذا العام لقد شاهدت الوزير وهو يحمل كوب الشاي ليقدمه لوالده في المخيم ويحمل له المنشفة او الوسادة التي سينام عليها في المخيم وكنا سعداء ونحن نذهب معه ليلا لرمي الجمرات والاستماع الى حديثه العذب الشيق فقد اعطاه الله لغة الخطابة وحسن الكلام، واستمرت علاقتي بمعالي الدكتور حتى بعد تقاعده من الوزارة كان ملء السمع والبصر رجل الخير الاول اجده في اثنينية الاستاذ عبدالمقصود خوجه متحدثا ومعلقا على ضيوف الاثنينية، اجده في مدارس تحفيظ القرآن الكريم اجده يجوب دول افريقيا وآسيا ليقدم خدمات انسانية للفقراء والايتام ويساعد المحتاجين في كل موقع واي مكان الى ان جاء اللقاء الاخير قبل يومين من وفاته وجدته واقفاً يتلقى العزاء هو وصديقه عبدالله عمر خياط في استاذنا عبدالغني قستي رحمه الله وحين لمحته ذهبت اليه وقبلت رأسه وكانت آخر كلمة قالها لي «شكرا يا شاكر» وكان يقصد الصفحة التي اعددتها على عجل للراحل الكبير عبدالغني قستي وكأنهما كانا على موعد سوياً مع القدر.. مات معالي الدكتور محمد عبده يماني وخيم الحزن العميق على اهالي جدة ومكة بل استطيع القول على مناطق كثيرة من المملكة وفي بلدان العالم العربي والاسلامي عرفوا امكانية الرجل رحمه الله واسكنه فسيح جناته.