كشف تقرير عما يسمى ب"مرض وقت الراحة" تفاصيل حول هذا المرض ومسبباته، خاصة أنه يصيب أعداداً كبيرة من الذين يعملون لساعات طويلة ويتعرضون لإجهاد كبير خلال فترة عملهم في أوقات العمل، ضمن أيام الأسبوع. ويشير التقرير الذي نشره موقع "دوتشيه فيلا" الألماني، إلى أن من أبرز أعراض المرض حرقة مزعجة في البلعوم، وسرعان ما تبدأ أولى نوبات السعال، وأعراض البرد والرأس والمفاصل، لافتاً إلى أن من يتعرضون لهذا المرض هم من يمارسون أعمالهم دون أن يأخذوا ولو قسطاً قليلاً من الراحة. و"مرض وقت الراحة"، أو ما يعرف علمياً باسم Leisure Sickness ليس من أسبابه الراحة المفاجئة التي يحصل عليها الجسم في وقت الفراغ، وإنما قلة الاسترخاء في المرحلة السابقة لوقت العطلة أو الإجازة. وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد "يوغوف" عام 2017، ثبت أن 22 بالمائة من أكثر من 2000 مشارك سبق لهم الإصابة ب "مرض وقت الراحة"، وأن 18 بالمائة من المستطلعة آراؤهم أكدوا أنهم أصيبوا بأعراض مرضية خلال عطل نهاية الأسبوع أو الإجازات من دون سبب واضح في العام الماضي، نذير المرض في أوقات الفراغ غالباً ما يكون ناتجاً عن الضغط النفسي في الدماغ. وقال التقرير: إنه "في أوقات الإجهاد التام يلجأ الجسم إلى استخدام أنماط من رد الفعل التطوري، وهذا ما يدعوه البروفيسور مايكل شتارك، رئيس معهد العلاج السلوكي وأبحاث الإجهاد والتعب في هامبورغ الألمانية، بأنه (رد فعل الببر سيفيّ الأنياب) وهو من الحيوانات المنقرضة ويشبه النمر". وأضاف: أنه "فيما يسمى بالجهاز الحوفي، وهو جزء من الدماغ، يتم تقرير ما إذا كان الموقف مهدداً لحياتنا"، حيث البروفيسور "شتارك": "أسمي هذه المنطقة مكتبة الحياة، هنا تخزن الذكريات التي ترتبط دائماً بالمشاعر الإيجابية أو السلبية. عندما نسمع صوت انفجار فإننا نقفز فزعاً وننظر من حولنا أولاً". وتابع: "إذا تم تصنيف الموقف أو مثالنا على العمل في المكتب على أنه مهدد أو صعب، فإن الجسم يترجم هذا إلى تفاعل فسيولوجي، حيث إن منطقة أخرى من الدماغ، تسمى اللوزة، تضمن إطلاق ناقلات عصبية مثل الأدرينالين في الجسم، ويتبع ذلك ظهور الجهازين العصبين الودي واللاودي، وهما من مكونات الجهاز العصبي اللاإرادي". كما أنه في حالات التوتر والإجهاد الحادة، يضمن الجهاز العصبي الودي أن القلب ينبض بشكل أسرع ليتم تزويد العضلات بالأكسجين بشكل أفضل وجعل الحواس أكثر فاعلية، وعلى عكس ذلك يقوم الجهاز العصبي اللاودي بدور مثبط على عمل وظائف الأمعاء والمثانة. وتابع التقرير: "يعزز الإجهاد الحاد الجهاز المناعي، ويتم تشغيل نظام الإنذار لأن الجسم يمكن أن يتلامس مع الكائنات الحية الدقيقة التي تسبب المرض، كما يوضح عالم المناعة كارستين فاتزل من معهد لايبنز، لأبحاث العمل بالجامعة التقنية في دورتموند الألمانية، هذه العوامل المسببة للمرض تأتي في شكل بكتيريا أو فيروسات أو طفيليات". وقال التقرير: إنه "في تجربة أجريت على الطلاب الذين كانوا على وشك الدخول في مرحلة امتحانات مرهقة، تمكن فاتزل وفريقه من إثبات أن بعض نتائج تحليل الدم تتغير نتيجة للإجهاد، حيث تم سحب الدم من الطلاب قبل وأثناء وبعد الامتحانات، ووجد الباحثون أن عدد ما يسمى بالخلايا الوحيدة، وهي أحد أنواع الخلايا البيضاء ولها عدة وظائف مناعية، قد انخفض، هذه الخلايا المعروفة بالمصطلح الشائع بالخلايا القاتلة مسؤولة عن الدفاع ضد مسببات الأمراض". وقال خبير المناعة الألماني: "بالطبع، الخلايا الوحيدة لا تزال موجودة، ويمكننا تفسير الأمر بأنها قد انتقلت إلى الأنسجة؛ لأن الجسم بسبب عمليات التطور في حالات الإجهاد يستعد للإصابات والجروح". وأوضح التقرير أن "الإجهاد المزمن يأتي بالعديد من العواقب غير السارة، مثل قلة النوم وتشنجات العضلات والصداع وآلام الظهر والشراهة في تناول الطعام". وفسّر البروفيسور "شتارك" هذه الأعراض بالقول: "يكمن السبب في القمع الدائم للجهاز العصبي اللاودي، بالإضافة إلى ذلك، يتم إضعاف الجهاز المناعي بحيث يمكن، في أسوأ الحالات، حدوث متلازمة الاحتراق النفسي أو متلازمة التعب المزمن". وتابع التقرير: "أولئك الذين يرغبون في منع مرض وقت الراحة يجب أن يبدأوا في ذلك في مرحلة الإجهاد، كما يقول فاتزل، الذي اعتبر أنه من الطبيعي أن يتعامل كل شخص مع التوتر بشكل مختلف ويقيم الوضع بشكل مغاير، ولكن بالنسبة للجميع هناك قاعدة يجب اتباعها، تقول إنه بدلاً من العمل الجاد في الأيام الأخيرة قبل العطلة أو الإجازة، يجب علينا أن نخطط إلى أخذ فترات استراحة قصيرة لخمس دقائق بين مهمة يجب إنجازها وأخرى". وينصح البروفيسور "شتارك" قائلاً: "يجب إنهاء اليوم بوعي، يمكنك إجراء استراحة عقلية وتوعية نفسك بأن المهام المتراكمة في العمل يمكن أن تنتظر حتى الغد، وهذا يجعل من الأسهل على العقل أن يهدأ".