- إن الاحتفال بذكرى اليوم الوطني السادس والثمانون هو احتفال بذكرى غالية رسخت في أذهان أبناء هذا الوطن العزيز بما تحمله من عبارات صادقة وافية . إن هذا الحدث التاريخي في حياة المواطن السعودي حدث يعتز به، يحتفي من خلاله بذكرى توحيد هذه البلاد على المبادئ الإسلامية التي قامت عليها والمتمثلة في العدل والإنصاف والأخلاق الفاضلة، والاحترام المتبادل ، إنه يوم للتأمل والعبر، وتعريف للناشئة من شبابنا بماضينا المجيد وحاضرنا المشرق ومستقبلنا الزاهر الواعد، إنها ذكرى خالدة لمسيرة المجد والبناء .. ذلك هو اليوم الوطني الذي يجسد حس الانتماء لهذا الوطن وتاريخه وقيادته، حيث يحمل في طياته العديد من الوقفات المهمة تجاه الوطن والمواطن، إنها ذكرى الأمن والاستقرار، ذكرى الإعجاز والإنجاز، ذكرى الحزم والعزم .. كيف لا ونحن نعيش في حقبة زاهرة، ومنجزات عظيمة، مشروعات إنمائية متعددة، خلال مسيرة ناجحة قادها المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز كان من نتاجها تأسيس هذا الكيان العظيم الذي رعاه من بعده أبناؤه البررة سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رحمهم الله جميعاً حتى عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله . إن الاعتزاز والفخر باليوم الوطني جاء نتيجة حتمية للإنجازات المتوثبة التي يلمسها المواطن في مختلف المجالات والبرامج التنموية عبر مسيرة طويلة صنعها البطل الموحد رحمه الله، إنها ملحمة بطولية انطلقت منها مسيرة النور لتأسيس بنيان دولة عظيمة دستورها القرآن الكريم ومنهجها الشريعة الإسلامية وقادتها رجال أوفياء صدقوا ما عاهدوا الله عليه. إن التلاحم الذي يعيشه شعبنا مع قيادته الحكيمة يؤكد المسيرة الصحيحة التي كان لها دور كبير في النهضة الكبرى التي تعيشها بلادنا محققة في ذلك أرقاماً قياسية لم تشهدها دول أخرى .. بل ولما كان وطننا الكبير فاعلاً ورائداً على المستوى العالمي برزت بعض التشكيكات والأقاويل الحاقدة التي تحاول النيل من كيانه ، ولكن خاب وخسر ولن يفلح أبداً بإذن الله من يحمل في نفسه هذه المحاولات المريضة والسموم القاتلة، ولن يستطيع أن ينفذ إلى تماسك وحدتنا الوطنية وتلاحم شعبنا مع قيادتنا الوفية وأكبر دليل على ذلك نجاح حج هذا العام على الرغم من تهديدات الأعداء بتعكير الأجواء على ضيوف الرحمن لكن توفيق الله ثم حزم وعزم قيادتنا الرشيدة ورجال أمننا المخلصين دحرت تلك الافتراءات ووقفت لها بالمرصاد، وقد ظهر للعالم جليًّا أن المملكة تنعم بنعمة اﻷمن واﻷمان وتفخر بخدمة الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله الحرام . لذا يجب علينا أن نكون أكثر تجاوباً مع ما يشهده وطننا الغالي من تطور وتقدم ، ويأتي في مقدمة ذلك تعميق الحس الوطني لدى كل مواطن للذود عن كل ما يمس كرامة هذا الوطن أو يعبث بمنجزاته، وأن نحقق التلاحم المنشود بين الشعب والقيادة الحكيمة، وأن ندعو لها بالتأييد والتوفيق ... إن الناظر المنصف في هذا العهد الزاهر يرى قيادة الملك سلمان بن عبد العزيز رعاه الله – ملك الحزم والعزم - لهذا الوطن والأمة بفكر سياسي ومفاهيم منفتحة وفق معايير إسلامية ووفاء بعهده لخدمة الدين والوطن . لقد بدأ حكمه بحزم وعزم متمسك بالثوابت الإسلامية فحقق الله له مطالبه ، واطلع على صدق نيته وحبه لشعبه ، فبادله الشعب حباً بحب ، وولاء بولاء . ومن هذا المنطلق استطاعت القيادة الراشدة أن تتجاوز كافة العقبات ومواكبة المتغيرات العالمية، حتى يمكن القول إن المملكة وهي تحتفل بهذه الذكرى السادسة والثمانون تعيش أزهى وأجمل عصورها في ظل قيادة مؤمنة رشيدة حكيمة، عاهدت فصدقت، ووعدت فأنجزت، فهنيئاً للوطن بما صنعت، تلك القيادة التي استطاعت أن تقود مسيرة البناء والعطاء في بلادنا نحو آفاق واسعة مع المحافظة على الثوابت ومواكبة النهج القيم الذي وضعه الملك المؤسس الصالح رحمه الله رحمة الأبرار. إن هذه المناسبة نبراس لتفعيل الأداء, وتكريس روح الانتماء للوطن, والحفاظ على منجزاته الحضارية التي تحققت على كافة الأصعدة, كما أنها مناسبة لاسترجاع الماضي التليد واستشراف المستقبل الواعد, حيث أصبحت المملكة اليوم ولله الحمد أنموذجا رائعاً ومعجزة عظيمة تاريخية تتحدث عنها الأجيال عاماً تلو الآخر حيث تتواصل خطوات مسيرتنا في كافة المجالات وتتراكم الأرقام الدالة على الإنتاج لتثبت للعالم أجمع قوة ومتانة هذا الشعب الأبي, وبعد النظر لقادته, مما جعل عيون العالم تنظر إلينا بدهشة وتعجب قد يشوبها نوع من الحقد والحسد, لما تقدمه هذه البلاد من جهود مباركة في خدمة الإسلام والمسلمين في جميع أقطار العالم، الأمر الذي لا ينكره إلا جاحد أو ظالم, ولكن خاب وخسر من يحمل في نفسه الأعمال التخريبية النابعة من أصحاب أفكار هدامة ومنحرفة مصدرها أعداء الإسلام والمسلمين الذين لن يستطيعوا بإذن الله أن ينفذوا إلى تماسك وحدتنا الوطنية, وتلاحم شعبنا مع قيادته ولله الحمد والمنة. وليبقى الوطن شامخا برجال أمنه الأوفياء الذين سطروا أروع التضحيات على الحدود لدحر العدو الخارجي حيث نذروا أرواحهم وأنفسهم لخدمة دينهم وبلادهم والذود عن هذه الديار المقدسة وأبطال أمننا في الداخل ودورهم الفعال في التصدي لأصحاب الأفكار المظللة والهدامة، إنهم رجال الأمن المخلصين الذين يقومون على حفظ الأمن في الداخل والخارج فنَعِمْنَا بالأمن والطمأنينة الذي افتقده غيرنا من البلدان المجاورة، فالحمد لله على هذه النعم ونسأل الله أن تدم هذه القيادة البانية ذخراً للإسلام والمسلمين، وليجدد التاريخ تطور هذه الملحمة البطولية وما صاحبها من مشاريع وبرامج تنموية في كل عام، وليبقى الميزان العادل شعاراً يرفع دستور الأمة بين الأمم . وفي الختام أدعو الله أن يحفظ لبلادنا أمنها وقادتها، وأن يمدهم بعونه وتوفيقه لتحقيق كل ما فيه خير وصلاح لهذا البلد ومواطنيه والأمة العربية والإسلامية جميعاً، في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن نايف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو ولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وسمو الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير وكافة الأسرة الحاكمة والشعب السعودي الكريم . --------------------------------- * أ.د. منصور بن عوض القحطاني أستاذ اﻹدارة التربوية بجامعة الملك خالد