استهل صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن طلال بن عبد العزيز تعليقه على قضية الكاتب حمزة كاشغري الذي تطاول على الذات الإلهية ومقام الرسول الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم بقول الله تعالي: { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66]. وأضاف في مداخلته الهاتفية عبر برنامج "البيان التالي" الذي يقدمه الإعلامي د.عبد العزيز قاسم وتبثه فضائية دليل الإسلامية ويُذاع ظهر يوم الجمعة : أن كلام الله سبحانه وتعالى هذا يأتي ردًا على كلام الدكتور أحمد التويجري بأن لا نحكم بسرعة. وبيّن الأمير خالد حكم هؤلاء المتطاولين بتلاوة قول الله سبحانه وتعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 57، 58]". حقوق الإنسان ترفض تعدي كاشغري: وأشار الأمير خالد في مداخلته إلى ما صدر عن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية , مؤكد أنها ذهبت إلى أن ما بدر من حمزة كاشغري في التعدي على الذات الإلهية والرسول – صلى الله وعليه وسلم - هو ليس ضمن حرية الرأي والتعبير، إنما يمثل الفكر الحداثي، ومخالف للمواثيق الدولية التي تنص على عدم ازدراء الأديان وعدم النيل من الذات الإلهية والأنبياء والرسل. ونوه الأمير خالد كذلك إلى أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية – على لسان الدكتورة سهيلة زين العابدين عضو الجمعية – رفضت ما قاله كاشغري في حوار مع صحيفة "نيوزويك"، مؤكدة أن حرية الرأي والتعبير لها حدود، وقد تم التعدي عليها". وزفَّ الأمير خالد بشرى بأنه "تم القبض على (حمزة كاشغري) فجر الخميس في مطار كوالالمبور بماليزيا، والآن هناك تنسيق مع الحكومة السعودية لتنفيذ أمر القبض عليه بإذن الله ". الحرية والدين: وتساءل الأمير خالد : هل الحرية قبل الدين؟!.. هل الحرية قبل النظام ؟!.. هل الحرية قبل ولي الأمر والسياسة ؟! .. هل يستطيع غدًا أياً كان أن يخرج ويسب ولي الأمر ويسب توجه الدولة وسياستها ويقول هذه حرية؟!! وأردف متعجبا: فسبحان الله، هذا يُقبض عليه ويُسجن ويُحاسب - ويجب أن يحاسب - أما مَن يظهر في الصحف والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية ويتعدى على الخالق الذي خلق الملوك وخلق الأمراء وخلق الوزراء ونحن عباده سنقف حفاة عراة ونُحاسب أمامه جل جلاله , ومن يتعدى على رسول الله صلى الله عليه وسلم- فهؤلاء فلا يُحاسبون ! فهناك أمر غير منطقي! وأوضح أن هذا يعني أن السياسة والحريات قبل الدين، مشيرا إلى أن هذا حاصل في كثير من الأحيان في الصحف والمواقع الإلكترونية والفضائيات ، وهؤلاء هم المفروض أن يُقبض عليهم، والسبب في عدم القبض عليهم هم الطابور الخامس ! الطابور الخامس: وردًا على سؤال حول مَن هم هؤلاء الطابور الخامس، قال الأمير خالد: "الطابور الخامس كانوا متفرقين والآن أصبحوا مجتمعين .. (تشكيلة) من ملحدين وتغريبيين وعلمانيين وليبراليين وانضم لهم الآن الأقليات من رافضة وإسماعيلية وصوفية .. إلى آخره , وهؤلاء الذين يدندنون حول الحريات". وعندما حاول الأمير خالد استعراض بعض الأسماء في تعليقه وذكر تركي الحمد قاطعه مقدم البرنامج، معللا ذلك بأنهم غير حاضرين ! فاحتج عليه الأمير خالد بأن حمزة كاشغري أيضًا غير حاضر , وعندما أجاب مقدم البرنامج بأن كلامه حاضر، أوضح الأمير خالد أن كلام تركي الحمد حاضر أيضا وموجود في تويتر ومصور ! وذكر الأمير خالد في تعليقه على تغريدات تركي الحمد أنه علق على تطاول حمزة كاشغري بقوله: " هذا إبداع !!" وجمال خاشقجي قال "اتركوه فقد تاب.. وقال في صحيفة أمريكية سامحوه هناك كراهية وجنون في المملكة العربية السعودية ".. وآل زلفة, كذلك, خرج في المستقلة وقال: "لا تزعجوا الملك بهذا الموضوع؛ فهو في أيام الجنادرية". ولفت الأمير خالد إلى أن الملك يحفظه الله أوقف (أوبريت) الجنادرية تعاطفا مع ما يحصل من سفك الدماء في سوريا، فكيف في النهاية يتجرأ ويقول حتى لا ينزعج الملك!! بل الملك منزعج دائماً من هؤلاء.!! والدليل على ذلك أن الملك يحفظه الله قد دعا للحوار مع الديانات السماوية التي تؤمن بالرب وحُورت بعد ذلك إلى جميع الديانات والحضارات والثقافات !! وتابع الأمير خالد قائلا : إن هؤلاء وغيرهم ممن دعموا ما قاله على "تويتر" هم الخطرون لأنهم مارسوا توجهاتهم !.. هؤلاء من ضمن الطابور الخامس الذين يريديون أن يفرقوا بين الدين والسياسية، ويفرقون بين ولي الأمر والشعب، ويريدون أن ينشروا الكراهية والفتنة. ورفض الأمير خالد في مداخلته الدعوات التي نادت بقتل حمزة كاشغري قتل عشوائي !، مؤكدًا على أن المملكة بها قضاء وأحكام شرعية واستئناف ومحكمة عليا ! تجريم التطاول على المقدسات: وحذر الأمير خالد من مسألة مهمة تتعلق بالتطاول على الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وقال: "هل لأي كان الحق أن يتطاول أو يسيء لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم بعدها بساعة أو ساعتين يقول: أنا تبت ؟! وأوضح أنه إذا كان هذا موضوعا سياسيا كالتعدي على ولي الأمر أو أمير أو وزير أو مسؤول -تاب أو لم يتب - فإنه سيُحاسب ويُعاقب.. والله سبحانه وتعالى ورسولُه عليه الصلاة والسلام قبل ولي الأمر .. الله ورسوله قبل الوطن .. الله ورسوله قبل السياسة .. الله ورسوله قبل الناس أجمعين . وشدّد على أنه لا يجب أن يُفتح لهم مجال في صحيفة أو قناة أو موقع أو غيره أن يمسوا الله عز وجل ورسوله الكريم بكلمة أو حرف أو همز أو لمز . وكما حصل في أمر خادم الحرمين الشريفين، أطال الله عمره، فيما يخص هيئة كبار العلماء بألا يتطاول أحدٌ على العلماء والهيئة، نرجو من الله عز وجل ثم من ولي الأمر يحفظه الله أن يكون هناك نفس البيان بأن لا يتجرأ أحد على الخالق الإله الواحد الأحد ولا على الرسول صلى الله عليه وسلم بأي صفة كانت ، وسواء تاب أو لم يتب. محاسبة الذين يدعمون حمزة كاشغري: وشدد الأمير خالد بن طلال على ضرورة محاسبة الذين يدعمون حمزة كاشغري بالتصريحات و"التويترات"، لأن هؤلاء هم الأسباب الرئيسية في إظهار هؤلاء المنحرفين الضالين . وفي جوابه على سؤال حول بعض الأخطاء التي نُسبت إلى بعض المحتسبين من لمز قومية كاشغري أو تصوير منزله وسيارته، استبعد الأمير خالد أن تكون قد صدرت مثل هذه الأفعال عن المحتسبين، وأعلن رفضه لها، ووصف هذه التصرفات بأنها "تجاوز على الشرع، وتجاوز على ولي الأمر ، وتجاوز على القضاء ، وتجاوز على النظام . وقال : إن هؤلاء لا نحسبهم من المحتسبين، بل نحسبهم من المتهورين, وإذا ذهبنا لنأخذ حقنا بإيدينا فهذا معناه أنه لا يوجد شرع أو وليّ أمر أو نظام .. لا يجوز أبدا التعدي . بل نرفع الأمر إلى الجهات المسؤولة والشرعية ، وهم من يقررون ويفصلون في الأمر بعد الله سبحانه وتعالى . الدكتور أحمد التويجري يتهم العلماء بالتسرع والتعجل ! من جانبه اتهم ضيف البرنامج الأكاديمي وعضو مجلس الشورى السابق د.أحمد التويجري العلماء الذين أفتوا بتكفير الكاتب السعودي حمزة كشغري بالتسرع والتعجل قبل إقامة الدليل الشرعي، وقائلاً" من العلماء من سارع وتعجل في تكفير حمزة قبل إقامة الدليل الشرعي عليه وهذا من الخطأ، ويجب ترك الأمر للمؤسسات الشرعية لكي تفصل في القضية بما توجبه قواعد الشريعة، وأن تطبق عليه المعايير الدقيقة قبل القول بكفره، ولم أطلع على دليل يقطع بكفر حمزة" وأضاف " ما فعله حمزة أمر عظيم أسأل الله أن يغفر له ويرجعه إلى جادة الصواب، لكن يجب العودة إلى منهج الإسلام ومنهج المدرسة السلفية في التعامل معه بعيداً عن الأهواء، فحمزة أضله الشيطان ويجب أن نبين له خطأه ونبين له كيف يعود فالله لم يجعنا جلادين للناس". وأدان التويجري مسلك البعض ممن قدحوا في أصول حمزة وتناولوا عائلته وشريحة السعوديين من غير ذوي الأصول العربية التي ينتمي إليها بالإساءة، وقال " اللمز سقوط وأنا أدينه، ومن يقول به خارج عن نهج السلفية، فلا يجوز لأحد أن ُيعيّر الآخر بأصله أو عرقه، والتنابز بالألقاب لا يقره الإسلام"، مضيفاً "لا أرتاح للتصنيف في المملكة فالمجتمع قام على التوحيد وحكم الشريعة، وليس لأحد الحق في تصنيف الناس وتفسيقهم وإخراجهم من الملة، فلإسلام فيه سعة للمخطئين" ورداً على تحميله المسئولية مع آخرين من الليبراليين عن المنزلق الذي يقع فيه بعض الشباب السعودي نتيجة تأثرهم بالأفكار التي يعرضها، نفى مسئوليته وأوضح أن موضوع الحلقة لا يندرج في إطار ردود الأفعال التي توالت على قضية حمزة، وأشار إلى خطأ اتهام السلفية باحتكار الحقيقة والجمود ومعاداة الحرية والإبداع والتجديد، وأكد أن السلفية التي بدأها الإمام محمد بن عبد الوهاب من أعظم المذاهب التي حافظت على الحرية، وأقرت الاجتهاد، مضيفا أنها امتداد للسلفية التاريخية وأنهما معا قائمتان على أصول الإسلام الذي يقر الحرية باعتبارها قيمة إنسانية، وقال" أشعر بخجل من واقع الحرية في الأمة الإسلامية التي أصبحت موطنا للاستبداد والطغيان وتحتل آخر الركب الإنساني في مجال الحرية" ودعا إلى عدم إدانة أي دين أو مذهب أخذاً بجريرة منتسبيه، وحول المقصود بمقولة "الحرية قبل الدين" نفى أن يكون المقصود هو الانحلال وقال" الحرية لا تعني الانحلال ولكنها فضيلة من الفضائل، ولا توجد حرية مطلقة، وهي جزء من الأمانة التي حمل الله تعالى بها الإنسان، وما أقصده من المقولة هو مكانة الحرية من حيث الترتيب، فالحرية سابقة على الإيمان بالنسبة للإنسان الذي لم يدخل الإسلام، ولقد أجمعت الأمة بجميع مذاهبها على أن إيمان المُكره لا يعتد به في الدنيا أو الآخرة" مشدداً على أن الحرية يجب أن تمارس في إطار ضوابط الشريعة الإسلامية، وفي التعقيب على مداخلة سمو الأمير خالد بن طلال بن عبد العزيز قال "أحيي في الأمير غيرته على الدين وأتمنى عليه أن يكون أكثر رأفة بإخوانه من أبناء الوطن" . بدوره رفض الباحث الشرعي أحمد سالم في مداخلته تحميل التنويريين أو السلفيين مسئولية الدفع بحمزة إلى ما وصل إليه، وقال" من الخطأ القول بأن المتسبب هم التنويريين أو المحاضن السلفية، لأن الوقائع الخارجية لا تسند هذا الفرض، وليست سبب في الإلحاد" ورأى أن الدين يسبق الحرية، مؤكداً أن أسبقية الشريعة للحرية لا تعني إكراه الإنسان على الإسلام بل تعني إقامة الحجة عليه يوم القيامة، وأضاف لو كانت الحرية قبل الشريعة لما جاز فرض الشريعة على الموطنين إذا كان البعض منهم لا يريدها. Dimofinf Player http://www.youtube.com/watch?v=XPmUlILV90M&feature=player_embedded