أزد - أحمد حصّان - الرصد // بقرار توقيف نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي يكون المالكي قد بدأ الحلقة الأخيرة من مخطط الانقلاب على العملية السياسية واقصاء السنة عن رسم مستقبل العراق في مرحلة تخفيض الاحتلال الأمريكي العسكري إلى احتلال خفيف العدد والعتاد أو ما يسمى (الانسحاب الأمريكي من العراق) .... ويأتي توقيت قرار اعتقال الهاشمي –الرمز السياسي الأكبر للسنة- بعد 24 ساعة من القرار الامريكي، ليعبر عن الخطة الطائفية التي يتبناها الماتلكي وأعوانه الاقليميين لرسم خريطة العراق المستقبلية بعد الانسحاب الامريكي الذي ترك ملايين الملفات والقنابل الموقوتة في البلد الذي احتله منذ 9 سنوات دون فائدة تذكر سوى تدميره سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، ففي ضوء التمدد الطائفي في مفاصل الحياة العراقية سيشهد العراق المزيد من الاشكالات التي تؤدي لتفجير كافة الصيغ التوافقية على الصعيد السياسي ومن ثم تصبح الكلمة في يد من يملك السيطرة على الأرض بقوة السلاح أو بقوة المال أو بأي قوة أخرى.... فرغم سياسات التهميش والإقصاء والقتل على المذهب التي انتهجها المالكي ومن قبله الأحزاب الشيعية التي تنفذ أجندة صفوية اخترقت كل مكونات العراق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية...رغم كل ذلك لم تكتف منظومة الطائفية التشارك مع مكون المجتمع العراقي الأكبر من السنة في مرحلة العراق الجديد الخالي من السيطرة والاحتلال الأمريكي السافر... سيناريو الانقلاب وجاء السيناريو متسارعا بتصعيد سياسات الاقصاء والتهميش والتسريح من الوظائف للمواطنين العراقيين من المناطق التي يتركز بها السنة، بجانب السيطرة الطائفية على ملفات الدفاع والداخلية من قبل المالكي الذي يدير وزارتي الدفاع والداخلية. مع تلك السياسات بات المواطن العراقي في المحافظات السنية يعاني الاهمال وفقدان أبسط مقومات الحياة من الأمن والطعام والعمل ، فهددت بعض المحافظات السنية باعلان استفتاء على الأقاليم في ضوء الكونفدرالية كمخرج سياسي من التهميش والإقصاء، وليس لدواعي طائفية أو عقدية إذ يؤمن الجميع بوحدة العراق في إطار يحترم الحقوق ويقدر الفيدرالية التشاركية الحقيقية...حيث أعلن مجلس محافظة صلاح الدين في 21 أكتوبر الماضي المحافظة إقليما فيدراليا. الأمر الذي نال تأييد القائمة العراقية ، بل أعلن رئيس البرلمان أسامة النجيفي، -من قادة القائمة العراقية- دعمه للفيدرالية في صلاح الدين، وتبعه صالح المطلك وطارق الهاشمي. ثم تلتها محافظة الأنبار هي الأخرى باعلان نيتها التحول إلى الفيدرالية من خلال استفتاء جماهيري لهذا الغرض. الأمر الذي استخدمته حكومة المالكي كفزاعة أمام الأطراف المختلفة في الداخل والخارج للانقضاض على المشروع السياسي في توقيت بالغ الدقة مع بداية الانسحاب الأمريكي من القواعد العسكرية..وجاءت كلمة السر لمشروع المالكي الطائفي للانقلاب على العملية السياسية والديمقراطية بالعراق بالإعلان عن مخطط بعثي لقلب نظام الحكم يتزامن مع بدء الانسحاب الأميركي من العراق نهاية العام الحالي –قال المالكي أن محمود جبريل كشف عنه خلال زيارته القصيرة لبغداد مؤخرا ، من حلال وثائق تم العثور عليها مع مقربين من الرئيس الليبي السابق، على أثر ذلك بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت بعثيين وضباطا سابقين في الجيش العراقي ، بلغ عددهم 615 في المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية، اعتبرتها القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي عملية استهداف للمكون السني. ما دفع المالكي لتدارك الأمر بمجموعة اعتقالات وتوقيف في المحافظات الوسطى والجنوبية لدفع تهمة الطائفية عنها، ... وفي مقابل ذلك التصعيد سعى رئيس الجمهورية جلال طالباني ونائبيه طارق الهاشمي وخضير الخزاعي بتقديم مبادرة ثلاثية لحل الأزمة، لكن جاء الرد التصعيدي مباشرة حيث اتهم أعضاء ب«دولة القانون» النجيفي بالتصرف كرئيس دولة وليس كرئيس برلمان. ما دفع المطلك لاتهام المالكي بالديكتاتورية خلال لقاء تلفزيوني ب(السي إن إن) ، وفي فبركة إعلامية أعلن المالكي ومقربين منه عبر قناة العراقية عن وجود مخططات ارهابية يتورط فيها قيادات حكومية كبيرة( يقصد بها الهاشمي) ... وردا على موجة الاعتقالات الممنهجة في محافظات السنة ، أعلنت «العراقية» تعليق عضويتها في البرلمان وهددت بالاستقالة من الحكومة لإثناء المالكي عن سياسات التهميش والاقصاء والعمل وفق اجندة ايرانية، يرفضها غالبية العراقيون، إلا أن اصرار المالكي على الوصول بقطار التصعيد والاقصاء وصل مرحلة اللا عودة ، باعادته مذكرة مؤجلة لاعتقال الهاشمي بعد أن منعه من السفر مسبقا ، ومنع مكتب المالكي صالح المطلك نائب المالكي من دخول مبنى مجلس الوزراء. وسحب صلاحياته كاملة، وتقدم نواب من "دولة القانون" بطلب برلماني بسحب الثقة منه واسقاطه برلمانيا بدعوى أنه لم يعد مؤهلا لمنصبه كنائب لرئيس الوزراء ....وذلك عقب بث اعترافات لعدد من حراس الهاشمي الشخصيين –بعد ضغوط وبمؤامرة أمنية مفبركة- بضلوع الهاشمي في عدد من العمليات الارهابية والتفجيرات التي استهدفت مسئولين حكوميين. منحى خطير وتكمن خطورة قرار توقيف الهاشمي المتواجد حاليا بمقر اقامة الرئيس العراقي جلال الطالباني بكردستان، من الناحية القانونية في تسيس القضاء لصالح عصابة المالكي، حيث صدر القرار من هيئة تحقيق خماسية خاصة شكلها مجلس القضاء الأعلى العراقي ، والذي يهيمن عليه فريق المالكي..والذي يريد أن يسيطر على كافة مفاتيح السلطة في العراق، بعد أن نجح في تطويق الدستور لصالح الأقلية النيابية على حساب أغلبية القائمة العراقية الحائزة على 91 مقعد نيابي، وةذلك بالتوافق بين أمريكا وايران أصحاب مشاريع الاحتلال والهيمنة الصليبية والصفوية في العراق..وذلك وفق تصريحات ميسون الدملوجي المتحدثة باسم القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي التي ينتمي إليها الهاشمي؛ " إن المالكي يريد القبض على كافة مفاتيح السلطة في العراق"، واصفة خطوة المالكي بأنها "لعبة سياسية". رفض شعبي وفي سياق آخر، أثار القرار غضب الشارع العراقي والكثير من الأطراف الدولية والإقليمية التي رأت أن قرار توقيف الهاشمي بمثابة الانقضاض على العملية السياسية، تحت مزاعم "الإرهاب" التي يجيدها المالكي وحلفائه الذين اخترقوا التنظيمات المسلحة التي تنتشر بالعرق وتعمل وفق أجندة طائفية، بدليل أن معظم القتلى من جنود الاحتلال لم يقعوا الا في المناطق السنية التي تتركز فيها قوات كتائب حماس العراق وأنصار السنة وقوات جامع وثورة العشرين.... وفي الاطار نفسه أعلنت الأحزاب الكردستانية والكتلة البرلمانية الممثلة لها ضرورة التوقف عند هذا الحد ومنع الانهيار السياسي في أعقاب خروج الأمريكان واعتماد آلية الحوار، ودعا رئيس كردستان العراق مسعود البارزاني إلى عقد مؤتمر وطني عاجل لتجنيب العملية السياسية الانهيار وتعرض البلد إلى ما لا تحمد عقباه، داعيا للتعاون من أجل الحيلولة دون حدوث أي فراغ أمني بعد خروج القوات الأميركية. ورأت الصحف العالمية أن الأحداث في الأربعة وعشرين ساعة الأولى بعد انسحاب القوات الأميركية تنذر بتوتر قد ينتج عنه انفراط عقد الائتلاف الشيعي السني الكردي الذي تم التوصل إليه بمساعدة أميركية العام الماضي، والذي يعاني أصلا من تصدعات عديدة. وحذر المراقبون من خطوة المالكي التي يمكن أن تضعه في مواجهة ليس مع السنة العرب فحسب، بل أيضا مع إقليم كردستان الذي لديه العديد من القضايا العالقة مع بغداد بشأن مناطق متنازع عليها وقضايا النفط والتنقيب. تقدير مستقبلي وعلى المدى القريب يكمن الحل الآمن للمشكلة بإلغاء قرار التوقيف وسحب القرارات الطائفية التي اتخذها المالكي، واصدار مراسيم الافراج عن المعتقلين والعفو العام عن السجناء واطلاق الدرجات الوظيفية ومنح او زياردة الرواتب المعيشية للعوائل الفقيرة والقضاء على البطالة ومحاربة الفساد والتهميش والاقصاء.... كما أن وقف تسييس القضايا الأمنية منت قبل المالكي بات ضرورة على أهل السنة مواجهتها بفعالية أكبر من خلال كشف العمليات الارهابية والقتل الطائفي الذي أدمنته العصابات المسلحة التي تحتضنها ايران ، وكذا التنظيمات المسلحة التي تم اختراقها من قبل طهران ، كتنظيم القاعدة في العراق الذي بات اختراقه من قبل آيات قم معروفا للشارع العراقي، بحسب وصف د.عبد الله الحافظ المتحدث باسم جامع، في حوار سابق. وعلى المدى البعيد ، لابد من اعادة النظر في الترويكا الحكومية وضبط العلاقات السياسية بين أطراف العمل السياسي ، في ضوء استمرار العمل المقاوم مدنيا وعسكريا ....مع ضرورة موازنة الدور الايراني بأدوار عربية حفاظا على وحدة العراق بعيدا عن الاجندات الوطنية...