كارثة نقل فيروس الإيدز للطفلة رهام خطأ قاتل ليس هو الأول ولن يكون الأخير .. ربما قد نتقبل كل شيء بسبب الفساد لكن أن يصل للصحة العامة وأغلى ما يملكه الإنسان فإنه يجب أن نبحث عن الحلول بهدوء فالعقاب وحده للمقصرين والمستهترين ليس حلا جذريا .. فما سبب المشكلة ؟ في السعودية خصوصا لا توجد أهمية بالإنسان وحقوقه - بسبب ثقافة تتجذر يوميا وليس هنا مكان الحديث عنها - فالمريض يلهث في ظل استهتار وعدم الشعور بالمسؤولية والاهتمام من قبل المستشفيات بدءا من أكبر مسؤول حتى آخر مسؤول وحتى المواعيد في أغلبها يموت المريض قبل أن يحين موعد لقائه بالطبيب ولا يعني هذا عدم وجود موظفين مخلصين وإن كانوا قلة هي نفسها ليست راضية عن البرنامج الذي يقدم للمريض . هناك ضعف مخز على كل المستويات في الكادر الطبي والإداري فالتمريض لدينا هو وظيفة من لا وظيفة له فلا تطوير ولا تدريب ولا متابعة ولابدلات ولا أجهزة وإن وجدت فهي قليلة جدا بدون صيانة وتتعطل دائما . شباب صغار السن يعملون في مهنة لا يفقهون أبجدياتها وعندما ينزلون الميدان الطبي بعد التخرج ينصدمون بجهل فادح واستهتار ممن هم قبلهم من الموظفين الذين أمضوا في وظائفهم نصف أعمارهم يعملون بصفة بدائية وباستهتار بأبسط مبادئ المهنة فيسيرون على نهجهم في ظل غياب الوزارة تماما عنهم . أطباء من النوع الرخيص من الهند وبنغلاديش وبعض الدول العربية تسترخصهم الوزارة والله أعلم هل هؤلاء أطباء فعلا أم شيء آخر ؟ ولعلنا ننسى كل مرة عندما يتم اكتشاف طبيب يعمل في السعودية وهو بدون شهادات ولا يعرف عن الطب شيئا . في مستشفى جيزان العام بالذات يتسكع الموظفون في الأسياب يعانون من الفراغ في ظل زحمة المرضى ويتهربون من مسؤولياتهم وكل يوكل زميله ليبقى فارغا بسبب أو بدون سبب لا تكاد تجد موظفا على مكتبه أو في غرفته . يتبادلون القيل والقال والأخبار الشخصية وأخبار الجوالات وكل شيء ما عدا أعمالهم ومهنتهم التي لا يعون أهميتها بسبب ثقافة سائدة تتفشى كل يوم حتى بتنا نتحسر على الخدمات الطبية في غابر الأزمان مع أن العالم ينمو ويتقدم يوميا في المجال الطبي . لا تلوموا ممرضا جاهلا بالمهنة في ظل تجاهل وعدم اهتمام ومتابعة من الوزارة فهو نتاج وثمرة للوزارة نفسها المصدر الرئيس للكوارث في الوطن . تفتقد المستشفيات الحكومية عامة لأجواء العمل ومنهجية التطوير والتدريب فلا نستغرب أن يعمل الجميع حسب قاعدة : كل من يده له . عندما يتعالج الوزراء والمقتدرون في المستشفيات الخاصة أو بالسفر لإحدى الدول المتقدمة للفحص والعلاج حتى في أبسط الأمراض فإننا نتفهم أسباب الاستهتار والضياع في المستشفيات الحكومية لأنها للفقراء ولعامة الشعب ولن يهتم أحد بهم كذا لله في سبيل الله . في الدول الأخرى تجد الوزير وغيره يذهب إلى نفس المستشفى الذي يذهب إليه المواطن ويركب نفس الباص ويتناول نفس الطعام ويمشي معه في نفس الشارع ويتنفس معه نفس الهواء .. غير ذلك لن نجد حلا لأي شيء وستبقى الكوارث كما هي وستسوء الأمور يوما بعد يوم لسبب بسيط : أن لا أحد مهتم ولماذا يهتم أصلا ؟ وأعلى ما في خيلك اركبه أيها المواطن الغلبان .