تمر المملكة العربية السعودية خلال الأيام القادمة بمناسبة غالية على جميع أفرادها وكل محب لشعبها وهي مناسبة اليوم الوطني الذي يذكرنا بتوحيد هذه الجزيرة وجمعها على الوحدة ونبذ الفرقة وإتحاد كلمتها وأطرها على الحق على يد مؤسس هذا الكيان الملك / عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله . وبما أن ذلك اليوم يذكرنا بصناعة المجد التليد لهذه المملكة فإن الواجب أن يكون يوم عمل يبذل فيه الجهد من أجل غرس قيم وثوابت هذا البلد التي تُستمد من دستورها وهو الإسلام وأن يكون الجميع في هذا الوطن على موعد من أجل صناعة نهضة مستمرة وتنمية مستديمة لجميع أفراد المملكة . لكن الملاحظ أن يومنا الوطني في كل عام يتحول عند الكثير من أبناء الوطن إلى يوم عبث وتخريب وإزعاج من خلال ما يقومون به في الطرقات والشوارع العامة من تفحيط وإيذاء لأنفسهم وللآخرين واعتداء على المحلات التجارية وتكسير لزجاجها وضرب العمالة الوافدة وهذا كله يتنافى مع روح المواطنة وتقدم وازدهار الوطن . بل قد يكون اليوم الوطني في ذاكرة كثير من الأسر السعودية يوم حزن ومأتم لما يجنيه شباب هذه الأسر من إزهاق للأرواح تعبيراً منهم بالفرح ومشاركة منهم في يوم الوطن وهذا ليس من حب الوطن والتعبير عن مبدأ الروح الوطنية . إن كيان هذا الوطن قام على أكتاف الرجال المخلصين لدينهم ووطنهم وتضحيةً منهم من أجل أن تتوحد هذه الجزيرة وتصبح دولةً تنشر الخير وتحافظ على الأرواح وتبني الأجيال وتواكب مسيرة النهضة والتقدم لتكون كما يجب أن تكون قائدة للأمم وراعية للسلام . إن الواجب أن يكون اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية يوماً مميزًاً ، يكون فيه صناعة المجد وغرس روح العمل وتقديم مشاريع تخدم أبناء الوطن ، يجب أن يتحول ذلك اليوم إلى ورش عمل يعمل فيها الصغير والكبير ليقدموا لوطنهم باقات من الأعمال التي تسهم في نهضة الوطن . إن قيام الجهات الحكومية بالتعاون مع طلاب الجامعات والمدارس بتنفيذ أعمال ومشاريع وطنية مثل التشجير وحماية البيئة وصيانة منازل الفقراء والمعوزين وإنارة الشوارع وإصلاح الطرق ونظافة الحدائق وتنظيف الشواطئ أثناء مناسبة اليوم الوطني يدل دلالة واضحة على لحمة أفراد البلد والمحافظة على مقدرات الوطن . ومن خلال هذا المنبر أقدم أسمى تحية وأجمل باقة إلى شباب الكشافة والجوالة وقادتهم الكشفيين اللذين ضربوا أروع مثال في مجال الخدمة العامة والعمل التطوعي من خلال المشروع الكشفي الوطني تحت شعار ( أنا الوطن ) والذي بدأ قبل أربع سنوات انطلاقاً من محافظة الدرعية باكورة التأسيس لهذا الوطن ثم الانتقال بعد ذلك إلى مناطق ومحافظات المملكة المترامية الأطراف والتي كان ثانيها منطقة نجران ثم محافظة جدة وفي هذا العام سيحط المشروع رحالها في منطقة الجوف الزاخرة بالآثار والمعالم التاريخية بمتابعة وإشراف مباشر من جمعية الكشافة العربية السعودية والقطاعات المشاركة مع الجمعية . وهذا المشروع الكشفي يعمل على تقديم الخدمات المتنوعة من أجل المحافظة على نماء وازدهار وبناء المجتمع من خلال صيانة منازل الفقراء والمحتاجين وإعادة تجميل وترميم المناطق التاريخية والأثرية وحماية البيئة عبر برنامج منظم يقوم فيه الكشافة بتنظيف الأماكن العامة والمنتزهات والشواطئ التي يرتادها أفراد المجتمع وتقديم رسالة تربوية وأخلاقية للمحافظة على جماليات ومنشآت هذا الوطن الغالي . إننا نريد أن يتحول عرس اليوم الوطني إلى مشاريع تنفيذية وخدمات تنموية تزيد بلد المملكة العربية السعودية تقدماً وازدهاراً حتى نحافظ على هذا الكيان الذي أمتد على مدى اثنان وثمانون عاماً . إن ترسيخ مبدأ الوطنية يجب أن يعيه الجميع وأن لا يقتصر مفهومه على فئة من المجتمع أو تطبيقه على فئة دون أخرى ، بل الكل مطالب أن يعمل لوطنه وأن يخلص في واجبه وأن يراقب الله في قوله وفعله لنرى بعد ذلك كل إدارات وقطاعات الدولة تعمل من أجل مجتمع سعيد وبناء وطن فريد . بقلم/ موسى بن سعيد القبيسي محاضر بالكلية التقنية بخميس مشيط