رفعت مجموعة من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خطابات للجهات المعنية في وزارة الداخلية وهيئة التحقيق والادعاء العام مطالبين بمعاملتهم بالأوجه النظامية عند وقوع حوادث ميدانية؛ كونهم يعتبرون رجال ضبط جنائي، ويمثلون سلطة عامة. وأشار أعضاء الهيئة في خطاب، إلى أنهم اتجهوا للرفع بالمطالب بعدما وصفوها بتجاوزات تعرَّض لها الأعضاء الموقوفون في حادثة اليوم الوطني، مؤكدين أنهم تجاوزوا مرجعهم النظامي في المطالب لتخليه عنهم إعلامياً، ومنعه توكيل محامٍ للأعضاء الموقوفين. وأكد الأعضاء أن الهدف من رفع الخطاب هو الحصول على الأمان الوظيفي أولاً، ثم تطبيق الإجراءات التي كفلها النظام للأعضاء الموقوفين، ومنع أي تجاوزات. وقالوا في نص الخطاب الموجَّه لهيئة التحقيق والادعاء العام: أولاً:- نقدم التعازي والمواساة لأسرة المتوفيَيْن في حادثة اليوم الوطني، ونسأل الله أن يرزقهم الصبر والسلوان، ويجبر مصابهم، ويعظم أجرهم، وندعو للفقيدَين بالرحمة والمغفرة، وأن يسكنهما الله فسيح جناته. ونحن في هذا الجهاز المبارك نبدي تعاطفنا الكبير مع أسرة وذوي المتوفيَين، وأسفنا على وقوع هذا الحادث، الذي لا نرضى وقوعه على أي إنسان؛ فهدفنا ورسالتنا سامية، وغايتنا إقامة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق شرع الله – عز وجل – ووفق الأنظمة والتعليمات المستمدة من الكتاب والسنة، ولا نرضى الضرر لأحد، وندعو الجميع إلى الاحتكام للشرع والعقل، وتجنب الاندفاع العاطفي خلف بعض التصريحات الإعلامية المشبوهة والألسن الكاذبة البعيدة عن الحق، التي تستهدف تغرير المجتمع للنيل من هذه الشعيرة المباركة. ثانياً:- نشكر صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض ونائبه الكريم على ما يقدمانه من اهتمام ورعاية وجهود ملموسة في تحقيق العدالة والإنصاف للجميع دون استثناء، وفق الأنظمة، ومن ذلك الأمر الكريم بتشكيل لجنة لتقصي الحقيقة والتحقيق في القضية. ثالثاً:- لا يخفى عليكم أن الأصل في جميع الإجراءات الإدارية هو الرجوع إلى النظام، والتقيد بمضمون المواد والنصوص القانونية والتعاميم الصادرة من ولاة الأمر وقد نصت الأنظمة على ذلك، وشددت الدولة على الالتزام بتطبيق الإجراءات وفق النظام، كما أكد ولاة الأمر في تعاميم إلحاقية ضرورة التقيد بالأنظمة وعدم التجاوز في تطبيقها، والقاعدة تنص على أنه لا اجتهاد مع النص، والجميع ملزمون بذلك طاعة لله عز وجل ثم طاعة لولاة الأمر. رابعاً:- من المؤسف مشاهدة التجاوزات وفرض العقوبات التعسفية غير النظامية في حق رجال الهيئة من قِبل بعض الجهات المختصة بتطبيق النظام وحفظ الحقوق العامة والخاصة، وذلك أثناء تعاملهم في الحوادث أو الدعاوى التي يتهم فيها أعضاء الهيئة أثناء أدائهم واجبهم الوظيفي. ومن هذه الإجراءات المخالفة التي تمت ملاحظتها على زملائنا في قضايا عديدة الآتي: فرض عقوبة السجن والتوقيف لمنسوبي الهيئة وهم رجال ضبط جنائي ورجال سلطة عامة خلال فترة التحقيق، ويصل التوقيف إلى مدد طويلة، إضافة للتوقيف الانفرادي في الزنزانة، وكذلك المعاملة المهينة، ووضع الكلبشات والقيد، ووضعهم مع سجناء في قضايا جنائية، وإطلاق العبارات والألفاظ الجارحة في حقهم، والحرمان من الحقوق، وممارسة التعذيب النفسي والمعنوي ضدهم. وحيث إن هذه القضايا التي توجَّه ضد رجال الهيئة أثناء عملهم، سواء كانت مطاردة أو نحوها، وهي مشمولة ضمن المرسوم الملكي رقم (43) بتاريخ 29/ 11/ 1377ه، وقد صنفت نظاماً تحت قضايا إساءة استخدام السلطة، فالواجب التعامل معها وفق النظام الذي ذكر بأن قضايا إساءة استخدام السلطة هي من القضايا الإدارية، وليست ضمن القضايا الجنائية البحتة، إلا أن جهات التحقيق تتعامل مع القضية كقضية جنائية، وأهملت حقيقة التكييف القانوني لنوعية التهمة. كما ينص النظام على أن قضايا إساءة استخدام السلطة ليست ضمن الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف التي نص عليها التعميم الوزاري لصاحب السمو الملكي وزير الداخلية رقم 1900 وتاريخ 9/ 7/ 1428ه، الصادر بموجب المادة (112) الواردة ضمن نظام الإجراءات الجزائية، التي نصت على الآتي: (يحدد وزير الداخلية بناءً على توصية رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام ما يعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف). وقد حدد التعميم الوزاري الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، وبذلك فإن إجراء التوقيف في هذه القضايا مخالف للنظام. ومما يوضح ذلك أيضاً ما ورد في التعميم الوزاري البرقي لوزير الداخلية رقم 16/ 96883 بتاريخ 17/ 11/ 1426ه الإلحاقي للتعميم رقم 16/ 74668 وتاريخ 24/ 8/ 1426ه المبني على الأمر السامي الكريم رقم 6368/ م وتاريخ 7/ 5/ 1426ه بشأن الدعاوى التي تقام ضد رجال السلطة العامة أثناء أدائهم واجبهم الوظيفي، الذي تضمن الآتي: (جرائم إساءة استخدام السلطة التي لها مسرح جريمة ومظهر خارجي وضرر لحق بالنفس أو ما دونها تضبط وفق الإجراءات المنصوص عليها في نظام الإجراءات الجزائية). وتضمن التعميم أيضاً (عدم نظر دعوى الحق الخاص في هذه الجرائم ضد رجال السلطة العامة إلا بعد ثبوت الإدانة في دعوى الحق العام عن طريق ديوان المظالم، وذلك إعمالاً للأمر السامي الكريم رقم 6368/ م وتاريخ 7/ 5/ 1426ه). وتضمن كذلك (إذا تبين لهيئة الرقابة والتحقيق أن جريمة إساءة استعمال السلطة المحالة لها تنطوي على جريمة جنائية بحتة، تستر فاعلها بغطاء ممارسة الواجب الوظيفي، فتحال القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام). وبهذا فالتعميم يوضح قضية إساءة استخدام السلطة التي لها مسرح جريمة، وكيفية التعامل معها من حيث الضبط الذي لا تتجاوز مدته 24 ساعة وفق نظام الإجراءات الجزائية، ثم يحال المتهم إلى التحقيق، وعلى جهة التحقيق التعامل مع القضية كقضية إدارية، التي بدورها تحيلها إلى المحكمة الإدارية (ديوان المظالم)، ثم فصل التعميم في تكييف جريمة إساءة استخدام السلطة من حيث كونها قضية إدارية أصلاً إلى تحولها إلى قضية جنائية بحتة، وذلك بشرط ملزم، وهو في حالة انطواء جريمة إساءة استعمال السلطة على جريمة جنائية بحتة، تستر فاعلها بغطاء ممارسة الواجب الوظيفي، أي جريمة جنائية كاملة الأركان الحسية والمعنوية من حيث توافر الأركان الحسية وارتكاب الأدوار الجرمية الحسية، ومن حيث الأركان المعنوية، وتعمد القصد الجنائي في فعل الجرم. بما معناه أن يكون الموظف قد بيّت النية المسبقة لارتكابه الجريمة، وتعمد القصد الجنائي من حيث التربص والترصد بالمجني عليه، وتوافرت كامل الأركان الأخرى، وهذا غير موجود في قضايا الهيئة. وعليه فإن جهات التحقيق قد كيّفت القضايا بتكييف غير صحيح، وتعاملت مع القضية كقضية جنائية بحتة؛ ما تسبب في سجن رجال الهيئة، وخالفت النظام في التعامل مع هذه القضايا. خامساً: – أن زملاءنا الموقوفين في حادثة يوم الاثنين 17/ 11/ 1434ه قد تعرضوا للسجن الانفرادي (العزل) بسبب الحادث، ولم يتم مراعاة النظام المذكور أعلاه في حقهم، كما مُنع الوكلاء الشرعيون من حضور التحقيق والاطلاع على القضية، وقد احتج المحقق بأن لديه نظاماً بعدم السماح للوكيل بهذه الحقوق، وبذلك فإن جهة التحقيق قد ارتكبت مخالفة نص المادة (4) من نظام الإجراءات الجزائية، التي جاء فيها: يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة. ومخالفة أيضاً للمادة (70) من النظام نفسه، التي نصت على أنه: ليس للمحقق أن يعزل المتهم عن وكيله أو محاميه الحاضر معه في أثناء التحقيق. ومخالفة المادة (64) من النظام نفسه التي ذكرت أن: للمتهم حق الاستعانة بوكيل أو محام لحضور التحقيق. ومخالفة المادة (119)، التي ورد فيها أن: للمحقق أن يأمر بعدم اتصال المتهم بغيره.. دون الإخلال بحق المتهم في الاتصال بوكيله أو محاميه. مما يدل على التعمد في مخالفة الأنظمة الرسمية الصادرة بالمرسوم الملكي، التي تلغي أي أنظمة أخرى دونها في الدرجة القانونية، ويدل أيضاً على عدم الحيادية والإنصاف مع أعضاء الهيئة. ومن النقاط المهمة التي نود توضيحها والمتعلقة بالحادثة، وكان من الأولى مراعاتها، مع ثقتنا في سير التحقيق: أن دورية الهيئة يحق لها إيقاف المشتبه بهم؛ وذلك بناءً على ما نصت عليه المادة الأولى من لائحة أصول الاستيقاف والقبض والحجز المؤقت والتوقيف الاحتياطي الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 233 وتاريخ 17/ 1/ 1404ه، وغير المتعارضة مع غيرها من الأنظمة المعمول بها حالياً. ومما ورد فيها: لرجال الدوريات وغيرهم من رجال السلطة العامة حق استيقاف كل من يوجد في حال تدعو للاشتباه في أمره. كما جاء أيضاً في مشروع اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية م 33/ 2 (لرجال السلطة العامة حق استيقاف كل من يوجد في حالٍ تدعو للاشتباه في أمره؛ وذلك لاستجلاء حاله، وسؤاله عما يثبت شخصيته ووجهته، ولا يعد هذا قبضاً على المتهم. وإذا ترتب على هذا الاستيقاف ظهور حالة من حالات التلبس بجريمةٍ فعلى رجل الضبط الجنائي حينئذ مباشرة الاختصاصات المخولة له في ذلك). ولم يتم الاستناد إلى شهادة سائق سيارة الأجرة الباكستاني الجنسية، الذي شهد بعدم تسبب دورية الهيئة في الحادث. لماذا يتم سجن بقية أعضاء الهيئة المرافقين في الدورية بالزنزانة الانفرادية رغم أن موضوع المطاردة – إن وجدت – فهي متعلقة بالسائق فقط؟ وإشراك المرافقين في الدورية بتهمة متعلقة بقيادة السيارة هو من باب الاحتمالات والفرضيات التي تطيقها التهمة، واتهام الجميع بتهمة المطاردة وسجنهم بناءً على ذلك هو من باب المبالغة والتوسع في توجيه الاتهام. من المفارقات العجيبة أن المطاردة مسموح بها لجهات الضبط الجنائي، كالمرور والشرطة ونحوها، رغم وقوع حوادث مرورية نُشرت إعلامياً، إلا أنه في حق الهيئة – وهي جهة ضبط جنائي – تُعتبر جريمة، وهذا مما يناقض مفهوم مصطلحات النظام الجنائي؛ فالجريمة تبقى بوصفها القانوني جريمة، ولا يمكن اعتبارها في جهة ضبط جنائي ضمن النظام المسموح به وفي جهة ضبط أخرى جريمة؛ إذ إن نظام الإجراءات الجزائية وما تضمنه من مواد سيادية على تصرفات جهات الضبط الجنائي في إجراءات الاستدلال، ابتداء من تلقي البلاغ وعمليات البحث عن مرتكبي الجرائم والاستيقاف والضبط والقبض، جميعها إجراءات موحدة، ولم يفرق النظام بين جهات الضبط الجنائي إلا في حدود الاختصاص المكاني والنوعي فقط. يلاحظ من سياق القضية وتكييفها والتعامل الذي حصل مع الموقوفين أنه قد تغلب عليها التأثير العاطفي، علماً بأن الأصل في التعامل مع القضايا خلال جميع المراحل يكون وفق إعمال العقل وتحكيم النصوص الشرعية والنظامية. وعليه، وبناءً على ما ذكر أعلاه، فإننا نطالب بالآتي: 1- تطبيق النظام في حق أعضاء الهيئة حالياً ومستقبلاً، ومنع التجاوزات غير النظامية التي تمارَس ضد الأعضاء، ومحاسبة المتسبب في ذلك. 2- نظراً لكثرة القضايا التي يتهم فيها أعضاء الهيئة، وتتم معاملتهم بتعسف من توقيف ونحوه، ثم تثبت براءتهم، فإننا نطالب بمعاملتنا كبقية زملائنا من رجال الضبط الجنائي ورجال السلطة العامة من حيث عدم توجيه التهمة إلا بعد قرار اللجنة المشكلة وموافقة وزارة الداخلية على البدء في التحقيق..بحسب صحيفة أنحاء.