كشفت المذكرة التي تقدم بها الوكيل الشرعي للدفاع عن الموقوفين من رجال الهيئة والدوريات في حادث "مطاردة بلجرشي" أنه لا يوجد أمر خطي صريح بتوقيف المتهمين, موضحة أن القضية كان يجب أن تحال إلى هيئة الرقابة والتحقيق كجهة اختصاص, وبيّن الوكيل الشرعي أنه قابل موكليه في محبسهم وكشفوا له أن المتوفى وقف بسيارته متعمداً بجوارهم وأنزل زجاج الأبواب ورفع أصوات الموسيقى مستفزاً رجال الهيئة والأمن ثم قام بالتفحيط والهروب مما جعل الدورية الأمنية تتبعه للتثبت من وضعه. وحصلت "سبق" على المذكرة التي تقدم بها الوكيل الشرعي للدفاع عن الموقوفين في الحادث الذي توفي فيه المواطن عبدالرحمن الغامدي وبترت يد زوجته وأُصيب طفلاه بإصابات بالغة. وقال الوكيلان الشرعيان الدكتور علي بن سعيد الغامدي والشيخ إبراهيم بن علي الغامدي الموكلان عن أربعة من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واثنان من رجال الدوريات الأمنية الموقوفين على ذمة الحادث إنه لم يتم إحالة المتهمين إلى هيئة الرقابة والتحقيق، وهي الجهة المختصة بالنظر في أمرهم, وإن أوراقهم أُرسلت إلى هيئة التحقيق والادعاء العام التي ردت المعاملة لوجود نقص في أوراق القضية, وطالب الوكيلان الشرعيان عن الموقوفين بالإفراج عنهم خصوصاً أنه مضى على حبسهم 18 يوماً. وقال الوكيلان في مذكرة دفاعهما عن المتهمين إنهما يتوليان الدفاع عن الموقوفين من رجال الهيئة والدوريات الأمنية كعمل احتسابي لوجه الله دون مقابل وقد تولى مكتبهما الدفاع عن رجال الهيئة في غالبية القضايا الشهيرة في مناطق مختلفة كعمل احتسابي، وقد صدرت أحكام قضائية نزيهة في جميع القضايا التي تولوها ببراءة أعضاء الهيئة مما نسب إليهم مسببة بالأدلة والبراهين. وعن تفاصيل مذكرة الدفاع قال الشيخ إبراهيم بن علي الغامدي إنها تضمنت عدة مرتكزات أساسية: أولاً: الدعاء للمتوفى بالرحمة والمغفرة وتقديم التعازي والمواساة لأهله وذويه. ثانياً: إن مهمتنا هي مساعدة الجهات المختصة والقضاء الشرعي في الوصول إلى الحقيقة, وتفنيد ملابسات القضية سعياً للمطالبة بتطبيق العدالة للجميع. وقد وافقنا على التوكيل إحقاقاً للحق, بعد أن تبيّنت لنا مؤشرات البراءة المبدئية للموقوفين, وعدم استخدام القوة من اصطدام أو مساقطة، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته. ثالثاً: إن الحادث قضاء وقدر نتج عن السرعة العالية, وسلوك طريق تحت الإنشاء لم يتم إقفاله من قِبل الشركة المشغلة بصبات خرسانية وإرشادات سلامة تحذيرية واضحة, إلا في اليوم الثاني بعد وقوع الحادث. رابعاً: الشكر الجزيل للأمير مشاري بن سعود أمير منطقة الباحة على ما يبذله من جهد واهتمام بالغ في تحقيق العدالة ونصرة الحق ومواقفه الحكيمة. وأضاف الغامدي قائلاً: لقد بيّنا في دفاعنا أن القضية للأسف أخذت منحنيات غيرت من مسارها الصحيح, حيث إن موكليهم ما زالوا مسجونين في التوقيف الاحتياطي منذ تاريخ 17 /8 /1433ه حتى اليوم, وقد مضى على توقيفهم "18" يوماً، وحُقق معهم من قِبل اللجنة المكلفة بالتحقيق في الحادث, وأرسلت أوراقهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام, التي بدورها ردت المعاملة, لوجود نقص في أوراق القضية, وأكد أهالي الموقوفين بعد مراجعتهم لمركز الشرطة أن اللجنة سوف تعيد التحقيق مرة أخرى مع الموقوفين, وأنهم قد طالبوا قسم الشرطة بالأمر المسبب للإيقاف إلا أنهم لم يجدوا أمراً خطياً صريحاً بتوقيف المتهمين. وأضاف أن هذا مخالف لما نصت عليه الأنظمة، حيث نص نظام الإجراءات الجزائية بالمملكة العربية السعودية في مادته "36" على أنه "لا يجوز لإدارة السجن أو دور التوقيف قبول أي إنسان إلا بموجب أمر مسبب ومحدد المدة موقع عليه من السلطة المختصة"، وبهذا يجب أن يكون الإيقاف بناءً على مستند نظامي خطي, يحدد فيه مدة التوقيف ويكون صادراً من هيئة التحقيق المختصة بناءً على ما نصت عليه المادة "113- 114" من النظام نفسه، حيث حددت مدة التوقيف الاحتياطي وآليته والجهة التي تصدره. واستطرد الوكيل الشرعي الشيخ إبراهيم الغامدي قائلاً: طالبنا الجهات المختصة باسم أهالي الموقوفين, بتطبيق النظام وتعليمات ولاة الأمر, في حق موكليهم في مثل هذه القضايا, حيث نص النظام الصادر من وزارة الداخلية, والمبني على الأمر السامي الكريم بشأن الدعاوى التي تُقام ضد رجال السلطة العامة أثناء قيامهم بأداء واجبهم وحدد الجهات التي تقوم بالتحقيق في تلك القضايا، ومما تضمنه النظام بأن جرائم إساءة استعمال السلطة التي لها مسرح جريمة ومظهر خارجي "ضرر لحق بالنفس أو ما دونها", تحال إلى هيئة الرقابة والتحقيق كجهة اختصاص. كما نص النظام بعدم النظر في دعوى الحق الخاص ضد رجال السلطة العامة إلا بعد ثبوت الإدانة في دعوى الحق العام عن طريق ديوان المظالم "المحكمة الإدارية". كما ألغى النظام التحقيق من قِبل اللجان المشكلة إعمالاً للأمر السامي الكريم وتمشياً مع النصوص النظامية الواردة بنظام الإجراءات الجزائية. وقال الغامدي إنه أشار في مذكرة دفاعه عن رجال الهيئة والدوريات الأمنية إلى أن موكليه لم تطبق عليهم الأنظمة حيث لم تتم إحالتهم مباشرة إلى الجهة المختصة, وهي هيئة الرقابة والتحقيق لإجراء التحقيق النظامي ولم يتم إطلاق سراحهم بالكفالة, ولم يأخذوا حقوقهم النظامية المنصوص عليها في نظام الإجراءات الجزائية. وما زالوا رهن التوقيف وتم التحقيق معهم من قِبل اللجنة المشكلة. ونحن نناشد المسؤولين بإنصاف موكلينا سواءً من رجال الهيئة أو رجال الدوريات الأمنية وإعطائهم حقهم النظامي حسب ما نص عليه النظام. مع ثقتنا الكبيرة في المسؤولين بعدم توانيهم وبذلهم الجهد وإخلاصهم في البحث عن الحقيقة وتطبيق العدالة وإنصاف المظلوم. وانتقد الشيخ إبراهيم الغامدي المعالجة الإعلامية لحادث "مطاردة بلجرشي"، وقال: بعض الإعلاميين والصحفيين ضد الهيئة ويستغلون الأحداث لتشويهها، حيث قاموا بنشر مغالطات وإشاعات مكذوبة وعدم التزامهم بالأمانة الإعلامية وشرف المهنة وخصوصاً في جانب إثارة الرأي العام ضد جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو أحد أجهزة الدولة والتلفيق عليه بأمور غير صحيحة وعدم التريث والبحث عن الحقيقة والالتزام بالحيادية في الطرح، حيث قد أظهرت نتائج التحقيقات في جميع القضايا عكس ما نشرته الصحف وصدرت أحكام براءة في حق رجال الهيئة مثبّتة بالأدلة والبراهين القانونية مما يناقض ما نُشر في الإعلام. وأشار الوكيل الشرعي إلى أنه قابل موكليه في محبسهم الاحتياطي وأن حالتهم النفسية بدأت في التدهور بسبب عدم تطبيق النظام في حقهم وإحالتهم إلى هيئة الرقابة والتحقيق, وإطلاقهم بالكفالة الحضورية, وبسبب وضعهم في غرفة التوقيف المخصصة لعامة المساجين وهم رجال سلطة عامة وافتقار التوقيف للمواصفات النظامية، حيث طالب الموقوفين بأن تحتوي غرفة التوقيف على نافذة أو جهاز للتهوية. وأضاف أن موكليه أطلعوه على بعض الحقائق المخفية في القضية دفاعاً ورداً عما نُشر في حقهم إعلامياً, حيث ذكروا له أن الحادثة بدأت عندما حضرت سيارة "نيسان" من نوع "التيما", ووقف صاحبها متعمداً بجوار دوريتي الهيئة والأمن في الساعة الثانية صباحاً, في "منتزه الشكران" وقام بإنزال زجاج الأبواب الأمامية, ورفع أصوات الموسيقى الصاخبة, مستفزاً رجال الهيئة والأمن, الذين يسهرون في حماية وخدمة المجتمع, ثم قام بالتفحيط والهروب, وأصدر بعض التصرفات المريبة, مما جعل الدورية الأمنية تتبعه للتثبت من وضعه وحالته, وليس لأجل رفع أصوات الموسيقى, كما نُشر وطُلب منه التوقف ورفض ولم يستجب, وهذه مخالفة جنائية وهي الهروب من رجال الأمن, وقامت الدورية الأمنية بمتابعته وكان يتظاهر بالتوقف ثم يعاود الهرب, مرة أخرى مستهزئاً بالدورية الأمنية, وبعد ابتعاده تم تركه إلا أن السيارة "الألتيما" قامت بالدوران وعادت مرة أخرى إلى المنتزه, وطلبت منه الدورية الأمنية التوقف فقام بالهرب إلا أنه تم استيقافه عند نقطة مؤقتة, ووقفت خلفه الدورية الأمنية, وأثناء ذلك حضرت دورية الهيئة, والتي كانت متجهة إلى مقر عملها ببلجرشي ووقفت بجوارهم، وقام أحد رجال الأمن بالدورية الأمنية بالنزول وحده ولم ينزل معه رجال الهيئة وطلب هوية سائق "الألتيما" إلا أنه قام بالهروب مرة أخرى بسرعة عالية, وسلك طريقاً تحت الإنشاء مجاوراً لموقع الاستيقاف, واخترق حاجز السلامة الذي وضعته الشركة, وهو عبارة عن مصدات بلاستيك مقوى باللون البرتقالي, وانطلق في الطريق الخاطئ، حيث يوجد كوبري غير مكتمل وتبعته الدورية الأمنية فقط, تحذره بمكبر الصوت بأن الطريق مقطوع، أما دورية الهيئة فبقيت مكانها لم تتحرك إلا أن قدر الله عز وجل سبق وسقطت السيارة الألتيما من فوق الكوبري المبتور ولم يكن حينها موجوداً بالموقع إلا الدوريتان فقط, الذين سارعوا بأنفسهم بإبلاغ الدفاع المدني والهلال الأحمر، وهذا مثبت في برنت الاتصالات بغرف العمليات وقد قاموا بمساندة رجال الدفاع المدني في إنقاذ المصابين في الحادث وإسعافهم. وقال الوكيل الشرعي: لقد تبيّن بأن دورية الهيئة اكتفت في بداية الأمر, بأخذ معلومات السيارة وإبلاغ غرفة عمليات، مضيفاً في دفاعه أن البعض نظر للقضية بعين التعاطف واكتفى بجزئية الحادث فقط ونتائجه، متوهماً بأن الدورية الأمنية تعمدت وقوع الحادث وهذا غير صحيح ولم ينظر بالعقل والمنطق في المسببات "خصوصاً في حالة توجيه تهمة ضد الطرف الآخر رجال الأمن" من حيث الهروب من رجال الأمن والسرعة العالية وسلوك طريق تحت الإنشاء وجميعها أمور قام بها الهارب بإرادة شخصية وبطوع نفسه ولم يكره أو يجبر عليها حتى نلوم الطرف الآخر، فالامتثال لأوامر رجال الضبط الجنائي ورجال السلطة العامة أمر واجب على كل مواطن أو مقيم سواءً كان رجل الضبط الجنائي من الشرطة أو الهيئة أو المرور أو الجوازات، والنظام وضع لأجل أن يحترم وليس لأجل أن يُستهزأ به. واختتم الوكيل الشرعي دفاعه بقوله: الهروب من رجال الأمن ورجال الضبط الجنائي "هيئة الأمر بالمعروف" ليس بالأمر السهل, ويعد جريمة جنائية في علم القانون وهو مما يثير الشك والريبة لدى رجال الضبط الجنائي في شخصية الهارب المجهولة حال الهروب ومن حقهم استيقافه والتثبت من حالته خصوصاً مع وجود تشديد أمني في هذه الأيام، ومن حقهم مساءلته عن أسباب هروبه، وهذا مطلب أمني ويطبق في جميع دول العالم، وأي نتيجة تقع بسبب الهروب من رجال الضبط يتحملها الشخص الهارب.