شدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على أنه لن يتقاعس ولن يتهاون في أمر قصر الفتوى على هيئة كبار العلماء أو من يأذن لهم. وأكد الملك على المضامين الشرعية التي حواها أمره بقصر الفتوى، وما دعا إليه من ضرورة الاجتماع على الدين وترك الاختلاف، ورد التجاوزات التي لا تحفظ الدين ولا تراعي مصالح الأمة. وأشار الملك في برقية جوابية وجهها للشيخ الدكتور صالح بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء، إلى أن أمره بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء، صدر صونا للفتوى وحفظا لها وتنظيما لشأنها، مستندا إلى ما بينه القرآن الكريم من أساس قويم يحفظ حمى الدين. وكان مجلس القضاء الأعلى ممثلاً في رئيسه وأعضائه وأمينه وأصحاب الفضيلة القضاة، قد عبروا عن تقديرهم لأمر قصر الفتوى، وثمنوا مضامينه، مؤكدين أن الأمر محل التنفيذ والاهتمام والمتابعة لتحقيق أهدافه. يذكر أن خادم الحرمين الشريفين وجّه في وقت سابق أمراً ملكياً إلى مفتي عام المملكة رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء، ورئيس هيئة كبار العلماء، والجهات المعنية، بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، والرفع له عمن يجدون فيهم الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك، واستثنى من ذلك الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية، بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول. في مايلي مزيد من التفاصيل: وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز شكره للشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء، على ما عبر عنه المجلس ممثلاً برئيسه وأعضائه وأمينه والقضاة من تقدير لأمر خادم الحرمين الشريفين، القاضي بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء ومن يأذن لهم الملك بذلك، وما أشاروا إليه من تثمين المجلس الأعلى للقضاء لمضامين ذلك الأمر، وأن المجلس يضع ما نص عليه الأمر المشار إليه محل التنفيذ والاهتمام والمتابعة فيما يخصه لتحقيق ما يهدف إليه. وقال خادم الحرمين الشريفين في برقية جوابية وجهها لرئيس المجلس الأعلى للقضاء، رداً على برقيته التي رفعها للملك المفدى بهذا الخصوص:'' إننا إذ نشكر المجلس الأعلى للقضاء ممثلا برئيسه وأعضائه وأمينه والقضاة على ما عبر عنه الجميع، لنؤكد على ما جاء في هذا الأمر من مضامين شرعية مهمة، وما دعا إليه من ضرورة الاجتماع على أمر الدين، وترك الاختلاف، ورد التجاوزات التي لا تحفظ الدين ولا تراعي مصلحة الأمة، وأنه صدر صوناً للفتوى وحفظاً لها وتنظيماً لشأنها، مستندين في هذا إلى ما بينه القرآن الكريم من أساس قويم حفظ لنا حمى ديننا الحنيف الذي لن نحيد عنه، ولن نتهاون فيه أو نتقاعس عنه، سائلين المولى عز وجل العون في هذا الأمر، وأن يوفقنا جميعاً لتحقيق كل ما من شأنه رفعة ديننا، ووطننا وأمتنا، إنه سميع مجيب''. وكان رئيس المجلس الأعلى للقضاء قد رفع برقية لخادم الحرمين الشريفين ثمن فيها الأمر الكريم وقال ''إن المجلس استقبل بقبول وامتنان الرغبة الملكية الكريمة الصادرة بالأمر الملكي ذي الرقم 13876 والتاريخ 2/9/1431 ه، التي حملت توجيهات مسددة لضبط الفتوى في المملكة وإسنادها إلى أهلها المعتبرين في هذه البلاد الطاهرة، وما هدفت إليه هذه التوجيهات من حفظ لحمى الدين وجمع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ للفرقة ودرء للفتنة ومنع التشويش على الأمة بالآراء المهجورة والأقوال الشاذة، ويثمنون ما تضمنته الرغبة الملكية الكريمة من التنويه بمكانة العلماء وحفظ منزلتهم ومكانة المؤسسات الشرعية وهيبتها في هذه البلاد المباركة، لما اختصهم الله تعالى به من الفضل والرفعة في الدنيا والآخرة، وقد قال الله تعالى (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات), وقال صلى الله عليه وسلم (... وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر''. وأضاف: ''إن المنهج الذي سار عليه أئمة هذه البلاد وملوكها من لدن الإمام محمد بن سعود رحمه الله تعالى ووالدكم المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله إلى عهدكم الميمون في العناية بأمر العلماء وإنزالهم منزلتهم، منهج سديد ومسلك رشيد يؤكد سلامة المنهج الذي ارتضته المملكة العربية السعودية حامية الحرمين الشريفين وراعيتهما وخادمة ضيوف بيت الله الحرام ورافعة لواء الشرع المطهر ''.. مؤكداً أن تقدير العلم وأهله، وتقرير مسؤولية العلماء في حمل رسالة الإسلام وإرشاد الناس وإفتائهم في شؤون دينهم ودنياهم ركن أساس في الدولة المسلمة التي ارتضت الإسلام دينا واعتمدته منهجاً تسير عليه وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم وما سار عليه سلف هذه الأمة الصالح. وأوضح أن ما تحظى به المؤسسات والجهات الشرعية في هذه البلاد المباركة من رعاية سامية وإشادة كريمة دليل على رسوخ مكانتها وعظيم دورها وتقدير أثرها في البلاد والعباد وكما أنه يزيدها شرفا فإنه ينوه بعظم مسؤوليتها والتزامها بمهماتها على النحو الذي يرضي الله عز وجل. وأكد فضيلة رئيس المجلس الأعلى للقضاء في ختام برقيته أن المجلس يضع هذه التوجيهات محل التنفيذ والاهتمام والمتابعة فيما يخصه، متطلعاً إلى أن تحقق الأهداف السامية التي ينشدها المقام الكريم بما يحفظ على بلادنا ما أنعم الله به عليها من اجتماع الكلمة ووحدة الصف ويدفع عنها كيد الكائدين .. سائلاً الله تعالى أن يجزي خادم الحرمين الشريفين خير الجزاء على ما يقدمه من خدمة لهذا الدين وأهله، وأن يحفظه ذخراً للإسلام والمسلمين وأن يجمع به كلمة المسلمين على الحق.