البيئة هي الأرض التي نعيش عليها، وهى الهواء الذي نتنفسه وهى الطبيعة الحلوة التي نمتع الرؤيا بها،كيف لا؟ ونحن نبحث عن الهواء النقي والأرض الخصبة البكر ونقطع عشرات بل مئات الأميال للبحث عن الطبيعة الحلوة والمنظر الخلاب، فالإنسان مرتبط ببيئته ارتباط البدوي بالصحراء وأكثر،والاهتمام بالبيئة المحيطة بالبشر قديم قدم الإنسان نفسه، فالإنسان لا ينفك عن الاحتياج إلى بيئته والتفاعل معها، والانشغال المتخصص بالبيئة والحفاظ على توازنها بالاستخلاف والعمارة وميزان المقاصد الشرعية من الشواغل المهمة في الفقه الإسلامي؛ ولهذا الغرض خٌصصت الأوقاف وفُصلت الأحكام الشرعية تقييدًا لسلطة الإنسان وحركته بإطار الخلافة لله وأمانة الإصلاح في الأرض وعمارتها، وهكذا دخلت علاقة الإنسان بالبيئة في مراتب الضروريات والحاجيات و التحسينيات في مقاصد الشرع من حفظ للدين والنفس والعقل والمال والعرض، وفي هذا الباب كلام كثير مبثوث في أمهات الكتب بل والمؤلفات الأدبية، والإنسان مرهون ببيئته بل ومرتبط بها ارتباطا وثيقاً لو اختل هذا الرباط اختلت موازين البشر واعتلت صحتهم وانتابهم الأسقام والأوجاع والأمراض المزمنة . لهذا حفاظه علي البيئة فيه حفاظ له وللأجيال من بعده بما يحمله من موروث جيني ورث له من أسلافه وتوارثت معه الأحياء مورثاتها منذ ملايين السنين وحافظت لنا البيئة علي هذه المورثات حملتها أجيال تعاقبت وراءها أجيال حتى آلت إلينا. بعد هذا كله نتعدى على بيئتنا؟ وإن كنا لا نتعدى عليها لأننا نحبها ولدينا الحس البيئي الحسن تجاهها، نترك عديمي الضمير من البشر القاتل المعتدى يدمر هنا وهناك ويعبث شمالاً ويميناً يقطع الأشجار دون خجل،ويرمى النفايات مستهتراً، ويقتل الصيد ليستمتع فقط، المتابع لما يحصل في بيئتنا الغالية، يلاحظ التعدي الواسع عليها من أكثر من فئة من رعاة الإبل والغنم، وأصحاب المخيمات ، والمتنزهين ، ومقاولي الطرق وغيرهم ، وأنا هنا أوجز ما يحدث بالبيئة من تعدي في هذه النقاط التالية : رمي للنفايات هنا وهناك . قطع للأشجار بلا فائدة . احتطاب جائر . تلويث للبيئة بإحراق المخلفات . رمى أرتال من مخلفات الطرق من المقاولين . كشط لطبقات الفياض والرياض للبحث عن تربة جيدة للردم من قبل مقاول مشروع ما . صيد جائر لكل طائر في الهواء وما يمشي على الأرض . إتلاف الغطاء النباتي من مستثمر ونحوه . عبث بالسيارات على العشب الأخضر . ترك المخلفات في مكانها عند الرحيل من رعاة الإبل والغنم وأصحاب المخيمات الموسمية . رعي جائر بلا نظام . عندما تخرج من بيتك متنزهاً أو مسافراً داخل حدود وطننا الغالي، ترى العجب العجاب من كثرة النفايات ورميها في جنبات الطرق السريعة وترى الاعتداء الجائر على الطبيعة من صيد جائر وقطع للأشجار ورمي للنفايات وجلود الذبائح عليها، وعبث بالسيارات داخل ( الفياض – والرياض ) ذات المنظر الخلاب وحرث هنا وهناك للبحث عن التربة الصالحة من قبل مقاول الطرق الفاشل ورمي أرتالاً من الإسفلت الخرب أمام ناظر السالكين،وتشويه للشواطئ البحرية والأماكن السياحية بكل ما هو خادش لجمالها ودائما ما نرى عمال النظافة على الطرق يحملون أكياسهم لجمع النفايات بسبب أولئك البشر الغريب الذين تنعدم عندهم معاني (الحفاظ على البيئة)، الغريب في الأمر حينما تصادف شخص من هذه الفئة التي ليس لديها أي حس بيئي وتقول له لماذا ترمي نفايتك؟ يرد قائلاً هل من المعقول أن أنظف الصحاري؟ حتى أصبح انعدام الوعي عندنا ظاهرة متسعة الرقاع من أطفال إلى شباب إلى نساء إلى متعلمين وآباء إلى مقاولين الطرق الذين يعبثون ويعتدون على البيئة حينما يرسى عليهم مشروع طريق ونحوه إلى أصحاب الحلال( إبل – غنم ) حينما يشدون من مكانهم ويخلفون ما يخلفون من (شبوك الحديد – البلك – الأخشاب – أكياس الشعير) ونحوه مما يشوه الطبيعة ويخدش جمالها . وفي الختام أوجه رسالة لسمو وزير التربية والتعليم بأن يبحث موضوع (إدراج مادة للوعي البيئي) تدرس في الصفوف الأولية والمتوسطة لتغرس في مبادي ونفوس أطفالنا من بداية وعيهم أن البيئة هي من صلب حياتهم فلابد من المحافظة عليها والاهتمام بها، وبهذا يخرج أجيال من الطلاب مغروس فيهم الوعي البيئي وتدريجيا ومع الوقت يظهر اثر هذه المادة على بيئة مملكتنا الغالية التي تعاني حاليا من هجوم شرس وفتاك وقاتل من عديمي الضمير، ويكون هذا المقرر رسمي فية نجاح ورسوب ضمن المقررات الدراسية وليس منهج هامشي، لكي يكون المقرر ضمن اهتمامات الطالب الناشئ ويتدرج معه في المراحل المقبلة ليرسخ في ذهنه وعقله ومخيلته أن البيئة خط احمر لايجوز التعدي عليها وهي من ضمن ممتلكاته الشخصية التي يجب المحافظة عليها . يامعالي الوزير آمل من سموكم الكريم أن يجد طلبي هذا الاهتمام الكافي من سموكم وأن تسند فكرة هذا المقال لذوي الاختصاص والشأن لكي يستفيض الطلب دراسة وتمحيصاً وتدقيقاً، فالبيئة حالياً بحاجة ماسة جداً إلى وقفة المسئولين وسموكم على هرم التربية والتعليم التي من خلالها يخرج النشئ ويتربى على ماتعلم في المدارس . والله من وراء القصد ،،،، كتبه / عبدالرحمن بن عبدالعزيز التويجري (القصيم –الطرفية) [email protected]