كنت على شاطئ البحر الأحمر وسمعت أنينه من ثقل ما تلقي الناس فيه من مخلفات. وعجبت أن شاطئ الخليج العربي يعجز عن الشكوى في بعض شواطئه من ذات الداء. وقد تيسر لي أن أقوم بزيارات متقطعة لأماكن متفرقة من المتنزهات الطبيعية أودية وجبالاً ورياضاً فرأيت بينها عاملا مشتركا تلخصه النفايات المتناثرة هنا وهناك. وهكذا تعج السماء بأصداء أنين البر واحتضار البحر. وقبل أيام كنت في جبلة (متنزه قريب من الدوادمي) فرأيت أيدي العبث تفتك بأشجاره متسلحة بمناشير كهربائية فتية فإذا الأشجار صرعى. لقد قاومت تلك الأشجار قحط الزمان وعصف الرياح وصمدت لنصف قرن أو أكثر ولكنها ترنحت في بضع دقائق والمنشار يقطع أوصالها. فياله من عبث ما بعده عبث! طبعاً بين الفينة والأخرى تطل علينا سيارة صغيرة يفترض أن مهمة سائقها حماية تلك الأشجار من الاحتطاب الجائر. ولكن الحقيقة أن عدد الضحايا من الأشجار يتزايد بشكل مريع لا يمكن السكوت عليه. الغريب أن الناس - وقد هالتهم المناظر المؤلمة - يلقون باللائمة على المسؤولين في تقصيرهم بالنظافة. وقد غاب عنهم أن المخلفات لم تنزل من السماء ولم تحملها الرياح ولم يقم المسؤولون بنثرها في نواحي البر وشواطئ البحر. الملخص: ? نفايات قاتلة للبيئة مؤذية للعين. ? مخلفات تهدد الحياة الفطرية في البحار والبراري. ? أذى لجميع الحواس. ? أشجار تموت احتطاباً. فهل لذلك معنى؟! نعم! إنها تعني أننا قوم نفتقد الوعي البيئي يشترك في ذلك أهل الشواطئ وما بينها. وأننا نبحث عمن نلقي باللائمة عليه فيما اقترفنا بحق بيئتنا التي انتهكت عذريتها. إن حملات التنظيف ليس الحل وإن كانت جزءاً منه وليس أدل على ذلك مما قامت به بعض الشركات في السابق من حملات تنظيف لبعض المتنزهات. وما هي إلا أسابيع فقط فإذا الأمور تعود لمثل ما كانت عليه من السوء. إن للبيئة حقاً علينا أقله أن لا نكون عوامل إيذاء لها.