الحمدلله أما بعد: تمهيد : فإن من محاسن هذا الدين أنه دين يتنزل في كل حادثة وما من شيء إلا والدين يبينه ويظهره وما من قديم أو جديد أو حادث قائم إلا وجاء بتبيينه الإسلام علمه من علمه وجهله من جهله فما كان من محرم في وقت قد يكون جائزا بل واجبا في وقت آخر وما كان جائزا في وقت أو زمان قد يكون محرما بل وكبيرة في زمان آخر ومن تأمل الشريعة وجد أنَّها تدور مع المصلحة حيث دارت فهي تنظر بعين بصيرة للمصالح والمفاسد قبل بلوغ الأهداف والمقاصد قال بن عقيل رحمه الله تعالى في نقض حكم الإمام السابق (يجوز نقضه إذا رأى ذلك فيكون حكمه حكم رأيه في جميع المسائل . قال : لأن المصالح تختلف باختلاف الأزمنة ) ولاشك أن من أسباب العظمة في شريعتنا أنها جاءت لمصالح العباد في الدارين فهي صالحة قائمة في كل زمان ومكان (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ) قال الإمام بن تيمية رحمه الله تعالى (إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها "الفتاوى 20/ 48" ضبط تقدير المصالح والمفاسد لاينبغي لأحد من العارفين العالِمين أن يشرِّع للعالَمين وخاصة أيام الفتن إلا وقد رأى ونظر بعين الفاحص الخبير إلى المصالح والمفاسد قبل أن ينظر إلى تحقيق المقاصد. ولا ريب أنَّ أكثر ضياع الأمم وزوال النعم من قبل ومن بعد هو في عدم ضبط تقدير المصالح والمفاسد فتجد من يغلب مصلحة على مفسدة هي أعظم من حصول هذه المصلحة وآخر يدرأ مفسدة يسيرة مقابل مصلحة هي أعظم منها ولذا ينبغي وخاصة في شأن الفتن والدماء وفي مخاطبة العامة والدهماء أن لا يكون تقدير المصالح والمفاسد إلا لأهل العلم المجتهدين من العلماء الراسخين وأن لا يتجرأ أي أحد في أن يقحم الناس في الدماء وإلا وقد قدم مئات الاعتبارات قبل أن يحرض على الخروج والافتيات وليس ذلك إلا للعالم المجتهد فإن من شروطه اجتهاد العالم أن يعرف تقدير المصالح والمفاسد قال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في الموافقات (إنما تحصل درجة الاجتهاد لمن اتصف بوصفين:أحدهما: فهم مقاصد الشريعة على كمالها والثاني: الممكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها) وذكر علي بن عبد الكافي السبكي في مقدمة "شرح المنهاج" "1/ 8"؛ في كمال رتبة الاجتهاد وأنها على ثلاثة أشياء، ذكر آخرها: "أن يكون له من الممارسة والتتبع لمقاصد الشريعة، ما يكسبه قوة يفهم منها موارد الشرع من ذلك، ومن يناسب أن يكون حكمًا لها في ذلك المحل". ويصف العز بن عبدالسلام في كتاب قواعد الأحكام كيفية ضبط المصلحة والمفسدة فيقول: (والضابط أنه مهما ظهرت المصلحة الخلية عن المفاسد يسعى في تحصيلها، ومهما ظهرت المفاسد الخلية عن المصالح يسعى في درئها، وإن التبس الحال احتطنا للمصالح بتقدير وجودها وفعلناها، وللمفاسد بتقدير وجودها وتركناها ) ويقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى مبينا كيفية ضبط المصالح والمفاسد في الفتاوى ج 23 ص343(فان الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الامكان ومطلوبها ترجيح خير الخيرين اذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا ) المصالح المعتبرة وغير المعتبرة شرعا يقسم أهل العلم المصالح بشهادة الشرع لها بأقسام ثلاثة 1-ما شهد الشرع باعتباره كالقياس الصحيح ومثله مصالح حفظ النفس فتحرم جميع المسببات لقتل النفس مثل استعمال مواد كيميائية تتسبب بالموت او الأمراض المهلكة 2-ماشهد الشرع بعدم اعتباره وهي المصلحة الملغاة مثل مصلحة الاستفادة من منافع الخمر أو مصلحة الالتذاذ بفعل الفواحش أو غير ذلك مما هو محرم . 3-ما لم يشهد الشرع باعتباره ولا إلغائه وهي ما تسمى ب(المصالح المرسلة) فما شهد الشرع باعتباره فمتفق على اعتباره وما لم يشهد الشرع باعتباره فمتفق على إلغاءه وبقي ما لم تشهد الشريعة باعتباره مصلحة أو مفسدة وهي المصالح المرسلة والراجح عند المحققين العمل به وقيده أهل التحقيق من أهل العلم بقيود بأن تكون المصلحة 1- ضرورية بالضرورات الخمس (الدين والنسل والنفس والعقل والمال) 2- كلية وهي الفائدة التي تعم المسلمين 3- قطعية ما يجزم بوقوع المصلحة فيها مثل مسألة التترس ببعض المسلمين لمصلحة ثابتة قطعية فيموت عدد يسير بمقابل مصلحة العدد الأكبر الكفر البواح : قال في لسان العرب ج1 ص374 (البوح ظهر الشيء وباح الشيء ظهر وباح به بوحا وبؤوحا وبؤوحة أظهره وباح ما كتمت وباح به صاحبه وباح بسره أظهره) قال الخطابي رحمه الله تعالى (معنى قوله بواحا يريد ظاهرا باديا من قولهم باح بالشيء يبوح به بوحا وبواحا إذا ادعاه وأظهره) يقول شيخنا الإمام بن عثيمين رحمه الله تعالى ( والبواح يعني: الصريح، والأرض البواح: هي الواسعة التي ليس فيها شجر ولا مدر ولا جبل بل هي واضحة للرؤية،) ثم قال ( لابد أن يكون الكفر بواحاً ظاهراً ما يشك فيه أحد،مثل: أن يدعو إلى نبذ الشريعة، أو أن يدعو إلى ترك الصلاة، وما أشبه ذلك من الكفر الواضح الذي لا يحتمل التأويل، فأما ما يحتمل التأويل فإنه لا يجوز الخروج عليه حتى وإن كنا نرى نحن أنه كفر وبعض الناس يرى أنه ليس بكفر، فإننا لا يجوز لنا الخروج عليه؛ لأن هذا ليس بواحاً) قلت : فالبواح إذاً كما ذكر أكثر أهل العلم يستلزم صفتين أولهما الظهور وثانيهما غلبة هذا الظهور فربما يكون هناك كفر ولكنه ليس بصريح في الكفر ولا غالب على ذلك مثال الكفر غير البواح : من يدينون بالإسلام ويرون أن شريعة الإسلام هي الصالحة في كل زمان ومكان لكنَّهم مع ذلك يحكمون مع الشريعة بالقانون الوضعي فهذا كفرلقوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) لكن هناك من أهل السنة من يرى أنه لا يكفر إلا إذا استحل ذلك إذاً فهذا بمجرده ليس مسوغا للخروج لأنه كفر لكنه ليس كفر بواح بيِّن لأن هناك من لايرى أنه كفر فعلى هذا لو سوَّغ أحد الخروج على دولة إسلامية بمجرد هذا التسويغ كان مجانبا للصواب الخروج على الحاكم الجائر أو الفاسق من أعظم صفات الخوارج أنهم يكفرون بالكبيرة فربما رأيت من يكفر بسبب الربا مثلاً أو وجود الزنا فهذا من أفعال الخوارج ولذا فقد خرجوا على الصحابة رضوان الله عليهم بمسوغات المعاصي التي عدّها بعضهم كفراً وهذا ضلالٌ عظيم منهم فالذي يرتكب المعاصي مثل الكبائر والصغائر لا يكون عمله وفسوقه هذا مسوغا للخروج عليه بل الخروج عليه من المحرمات العظام . قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى ج22 ص61 : ( والأئمة لا يقاتلون بمجرد الفسق ، وإن كان الواحد المقدور قد يقتل لبعض أنواع الفسق كالزنا وغيره . فليس كل ما جاز فيه القتل جاز أن يقاتل الأئمة لفعلهم إياه ، إذ فساد القتال أعظم من فساد كبيرة يرتكبها ولي الأمر ) ويقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم ج12 ص136(وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق ) وقال : (قال العلماء وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن واراقة الدماء وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه) يقول شيخنا العلامة صالح الفوزان في شرح العقيدة الطحاوية ج1 ص163(فالفسق والمعاصي لا توجب الخروج عليهم، خلافاً للخوارج والمعتزلة الذين يرون الخروج عليهم إن كان عندهم معاصٍ وحصل منهم فسق، فيقولون: هذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقصدون به الخروج على ولاة أمور المسلمين) شروط الخروج عند وجود الكفر البواح : فعندما يزعم أحدٌ وجود كفر عند الحاكم ويستلزم إزالة هذا المنكر بإزالته كما يظن نقول له قبل أن يشرع في التحريض في ذلك لابد من شروط يجب تحققها عند وجود الكفر وإلا كان الخروج محرما ومخالفا لإجماع المسلمين في الخروج . أولها : أن نعلم أو نرى يقينا هذا الكفر البواح فلا يكون خبرا من الأخبار التي تذاع أو يتناقلها الناس ولا حديثا يدور في المجالس ولا اشتباها في الرؤية بل هو يقين صريح . ثانيا : أن نعلم أن هذا الكفر صريح ليس فيه تأويل للحاكم فإذا كان هناك تأويل أو عذر للحاكم في ذلك أو إكراه عليه فيه فلا يجوز الخروج حينئذ . ثالثا : أن يكون عندنا دليل وبرهان ليس مجرد اجتهاد أو قياس ويكون الكفر لا خلاف فيه بين أهل العلم أنه مكفر مثل وجود الشرك أو الانتماء إلى طائفة شركية أو أمره بعدم إقامة الصلاة أوإيذاء المصلين . رابعا : القدرة على الخروج والقدرة يحكم بها أهل المعرفة والعلم أيضاً فالرسول بقي صلى الله عليه وسلم في مكة مع الاضطهاد الذي يجده من كفار قريش وقتل أصحابه رضي الله عنهم وتعذيبهم وكذلك فالأصنام منصوبة حول الكعبة وكان يطوف وهي موجودة حول الكعبة فلم يأمر بجهاد المشركين في ذاك الوقت فالقدرة شرط له قيمة كبرى لأنه يترتب عليه إزهاق الأنفس المسلمة واستباحة الأعراض وغير ذلك والقدرة لا يحكم بها إلا أهل الاختصاص من أهل العلم والمعرفة ولا تبنى على الحماس ولا على الكثرة بقدر ما تقاس على الإعداد والاستعداد وغيره خامسا : وجود البديل المسلم فلو فرضنا أن كافرا واضح الكفر ويحكم بالكفر الصريح لكن ليس هناك مسلم صالح يحل محله فنقول الخروج عليه في مثل هذه الحال أيضا محرم وإلا فما فائدة الخروج إن كان سيحل محله كافر مثله أويحل محل حكمه حكم وضعي مثله ؟ حكم الخروج عند حصول الكفر البواح إذا اكتملت الشروط للخروج من وجود الكفر البين الواضح وهو يقين الوجود والذي عندنا من الله فيه برهان ودليل واضح، وحجة وغلب على الظن القدرة على إزالة هذا الحاكم من دون مفسدة راجحة وحصلنا على البديل المسلم حينئذ يجوز بل يجب إزالة هذا الكافر . قال الإمام بن حجر ( ينعزل بالكفر إجماعا فيجب على كل مسلم القيام في ذلك فمن قوي على ذلك فله الثواب ومن داهن فعليه الإثم ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض ) ج13 ج123 وقال أيضا رحمه الله تعالى في الفتح (أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وإن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث ج13 ص 7 وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم ج12ص229 (قال القاضي فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل أن أمكنهم ذلك فإن لم يقع ذلك الا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه فإن تحققوا العجز لم يجب القيام وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها ويفر بدينه) المظاهرات والثورات في ميزان المصالح والمفاسد لو تأملنا إلى هذه المظاهرات والثورات وأردنا أن نطرح الرؤية الشرعية فعلينا النظر إلى المصالح المعتبرة وغير المعتبرة وكذلك المصالح المرسلة والمظاهرات الآن أصبحت شبيهة خروجاً على السلطان فهي لا تكتفي بالمطالبات غالبا بل بإسقاط الأنظمة ولو تأملنا الخروج على السلطان وجدنا مصالح متفقا على اعتبارها شرعا ووجدنا مصالح يسوغ الاختلاف فيها فمن المصالح المعتبره شرعا تحريم الخروج على السلطان إلا أن يرى أهل البلد كفراً بواحا هذا بإجماع العلماء فالمصلحة ثابتة شرعا لامجادلة فيها فلو رأينا مجرد فسق أو فجور من الحاكم من الحاكم فلا يجوز لنا أن نخرج عليه بمجرد فجوره وفسقه لكن لو حصل أن رأينا كفرا بواحا أوحرباً على الدين وشعائر الدين أو رأينا الحاكم الكافر الذي يشهر كفره فإنه يجب إزالته لكن بشرط القدرة والاستطاعة والتمكن من دون مفسدة هي أعظم من مصلحة إزالته وذلك بسفك أكثر الدماء وإزهاقها ويكون بالنظر للمصالح والمفاسد التي تترتب على إزالة هذا الكفر أو البدعة وهذا كما أسلفنا يحكم به العلماء فهم الذين يقدرون المصالح والمفاسد ولم تكن المصالح والمفاسد شرعا في يوم من الأيام على حسب العوطف أو الأهواء . أمثلة الكفر البواح : سئل شيخنا العلامة صالح اللحيدان قبل أيام عن الأحداث الأخيرة وتحدث عن سوريا وحرض أهل سوريا على إزالة حاكم سوريا لحتى لو مات بعضهم وبرر ذلك بأمور : 1- كفر الحاكم حيث ينتسب إلى طائفة كفرها العلماء بإجماع 2- البطش والظلم الذي سلطه على اخواننا في درعا 3- أنه غلب الظن القدرة على إزالة هذا الحاكم دون أن يحصل قتل ثلث سوريا 4- أن في إزالة النظام النصيري تحقيق لمصلحة هي أعظم من مفسدة بقاءه حتى لو ذهب ثلث أهل سوريا 5- أن تولي الطائفة النصيرية قريب العهد ويمكن إزالته بخلاف غيره . قلت : والنصيرية فرقة باطنية كافرة بإجماع أهل السنة قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى المجلد 35 ما نصه : ( هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى , بل وأكفر من كثير من المشركين , وضررهم على أمة محمد أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار الفرنج والترك وغيرهم , فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت , وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه ولا بأمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار) فهذا الرأي وهو الأمر بعزل هذا النصيري ليس هو رأيا لي بل هو لعالم مجتهد معتبر قارن بين المصالح والمفاسد فوجد أن مصلحة حفظ الدين أولى من حفظ أي شيء آخر لأنه بزوال هذا النظام سيحفظ الدين وفي زمن غابر لم يكن من المصلحة الخروج عليه أيام حافظ الأسد ذلك أنه في ذاك الزمان كان كل حاكم يفعل ما يحلو له من القتل وإراقة الدماء دون من يصده أو يحده فما فعل بحلب وحماة وغيرها من مجازر جماعية مهولة وسعى في قتل أهل السنة وإبادتهم لم يكن أمرا سهلا لكن هل الخروج الآن والمطالبات اليوم هي مثل الأمس ؟ الواقع يشهد أن هذه الثورات غيرت مجرى الأحداث في تونس الذي كانت قبضة بن علي فيه أشد إحكاما من قبضة بشار لسوريا ليبيا : فالرئيس معمر القذافي كفره كثير من العلماء منهم علماء هذا البلد حيث أصدرت هيئة كبار العلماء في عام 1402 ه بيانا كفرت فيه هذا الضال المنحرف لتحريفه بعض نصوص القرآن ولحكمه وتحاكمه إلى الكتاب الأخضر وحربه على التوحيد وأهله فهو كافر كفرا بواحا بينا واضحا وقد حصل الخروج عليه وأصبح الأمر الآن لا يسمى خروجا أو غير خروج فالقضية في ليبيا الآن هو جهاد لنصرة المظلومين المستضعفين ضد هذا الطاغية المجرم وأصبح الآن قتال أو حرب بين ظالم متغطرس متجبر وبين مظلوم يباد فيجب مناصرتهم لمن قدر على ذلك علما أن هناك بديل صالح عن السفاح معمر القذافي كلام علمائنا المعاصرين في مصلحة الخروج عند حصول الكفر البواح. قال شيخنا الإمام بن باز رحمه الله في النصائح المهمة (فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراًبواحاً عندها قدرة تزيله بها ، وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين ، وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس ، أما إذاكان الخروج يترتب عليه فساد كبير ، واختلال الأمن ، وظلم الناس واغتيال من لايستحق الاغتيال ... إلى غير هذا من الفساد العظيم ، فهذا لا يجوز ) ويقول رحمه الله تعالى في الفتاوى (لا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح عند الخارجين عليه من الله برهان ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة . أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا . لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق - ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق ) وقال شيخنا العلامة بن جبرين رحمه الله تعالى في شرح العقيدة الطحاوية ج2 ص250(من أصول المعتزلة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويُضمِّنون ذلك الخروج على الأئمة، فيقولون: إذا عصى إمام المسلمين العام وأصر على معصية حتى ولو كانت صغيرة لم نقره، بل نخرج عليه ونقاتله، ويسمون ذلك: أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر. وأهل السنة يقولون: لا نكفر الأئمة بذنب، ولا نخرج عن طاعتهم ما لم نر كفراً بواحاً، كما أمرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم) أسأل الله تعالى أن يجعل للمسلمين من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية وان يحفظ أهل السنة والشريعة في مشارق الأرض ومغاربها وأن يرفع راية الجهاد ويقمع أهل الزيغ والعناد والفساد وينشر رحمته على البلاد . د . ناصر بن عبد الرحمن بن ناصر الحمد