تمثل الفتاوى في حياة الإنسان مسارا سلوكيا شديد الحساسيه لكونها رقيبا على الإنسان وتصرفاته , كما أنها تحظى بثقة كبيرة عند الغالبية من الناس , لذلك من الطبيعي أن يتم تناقلها بينهم , وتصبح حديث المجالس – وخاصة المثيرة منها. وقد فاجأنا منذ أيام بعض المفتين بفتاوى يتجلى فيها القياس الخاطيء - كما نظن- والفهم القاصر لظروف الفتوى , وطريقة حدوثها , حتى وإن كانت مكتملة الشروط الخاصة بالإسناد والتواتر التي يعلمها المتخصصون . - ففتوى إرضاع الكبير الصادره عن أحد الشيوخ المعروفين سببت بلبلة وإثارة ,وكذلك إساءة إلى المفهوم الراقي للتشريعات الدينيه وأهدافها الساميه !, فضلا عن كونها مصدرا للتندر , وتصيدا للأخطاء من قبل البعض , وبالتالي تعمل على هز الثقة في مجمل العمل التشريعي المنظم لحياة المسلم . كما انه ليس من الغريب أن تحدث هذه الفتوى ردود أفعال ميدانيه كما حصل من قبل أحد السائقين عندما طلب من مخدومته القيام بإرضاعه , وذلك في تجاوب سريع مع فتوى الشيخ الذي تنصل منها لاحقا وذلك في محاولة لتحسين الصورة والتخفيف من صدمة فتواه ! ومما يضاعف الشكوك في الفتاوى ومحاولة تمريرها دون التفكير في محتواها قول صاحبها: يجب على العوام احترام العلماء وتوقيرهم، والتأدب معهم بآداب الإسلام، فإن حدث من عالم خطأ \"ما\" لأي سبب كان، فإن الأصل بالعوام أنهم ليسوا أهلا للتصويب والتعديل ، حيث لا يملكون العلم الذي يجعلهم يميزون بين الصواب من الخطأ !.. ونقول :هؤلاء العوام ياشيخ ليسوا رعاعا كما تظن ! فقد خلق الله لهم عقولا تميز الصواب والخطأ , وأستخدموها في التفكير فيما صدر عنك من فتوى يتعجب منها الرعاع قبل العوام ! - كما أن فتوى الإختلاط و تفلية الرأس - الصادرة من أحد المنظرين والقائل بأنه أحد الدارسين الشرعيين - تسببت في جلب مجموعة من الشباب حول داره طالبين منه التطبيق الفعلي لنص فتواه الجدلية التي ينقصها الفهم ! - نقول لمثل هؤلاء :إرحموا المجتمع , وكفوا عن إشغاله فيما لا فائدة منه فمثل هذه الفتاوى التي حدثت في زمن وظروف معينه لاتحتمل إسقاطها للتطبيق في كل زمان ومكان ! - كما أنه - من البديهي- فهم النصوص الشرعيه ,والإفتاء بما يتناسب ومتغيرات الحياه ! - فنحن لا نستطيع التعامل مع المسكرات إنطلاقا من الآية الكريمة (... لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) دون معرفة الآيات الأخرى ذات الصله, والناسخ والمنسوخ منها ! - بعيدا عن الموضوع : ما حدث لقافلة كسر الحصار عن غزة يبشر بقرب إنتهاءه بإذن الله – وإن كان دور العرب ضعيفا - وذلك بعد أن تعقد هذا الدور وتكبل بأنظمة القانون الدولي الذي يضعف – دائما – أمام الأقوى ! مع أن ذلك لايعفينا من مسؤليتنا أمام الله عن هذا التقصير ! - فالأتراك قادمون – وبقوة – في مجال التأثير الدولي في أحداث الشرق الأوسط بعد أن خلت الساحه – تقريبا- من أصحابها, ولنتأمل الأية الكريمه ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم )! د. عبدالعزيز الزهراني