الموت يفرّق بين الأحبة، ويدخل كل بيت، ووقعه على النفوس أليم، واقتضت حكمة الله البالغة أن يذوق مرارته كل إنسان، ويتجرّع غصّته كل بني آدم، ولذا كانت أوامر دين الإسلام، تحثّ على الصبر، وقوّة التّحمل، حتى تهدأ النفوس، وتتحمّل وطأة هذه المصيبة، عندما تقع، فكان من تسلية النفس أن قرن الأمر بالثواب، ووعد الصابر الأجر الجزيل، عند الله يوم القيامة, فبقلب مؤمن صابر محتسب ، ونفس رضية بقضاء الله وقدره ، تلقيت نبأ وفاة الطالب عبد الملك السحيم ، رحمه الله رحمة واسعة وأخلف الله عليه شبابه بالجنة ، كان طالباً وليس كأي طالب ! يغشاه أدب رفيع وخلق جم ، نشأ في طاعة الله قلبه معلق بالمسجد ، تلكم – والله – هي التربية والأخلاق . سمعت الخبر وبلغ التأثر مني مبلغه ، لم يكن- عبد الملك – يشكو من مرض أو اعتلال ... ولكنه الحادث ! كان بالأمس كعادته يملأ الفصل أدباً وخلقاً وتربية ... ويتغيب اليوم عن الفصل والمدرسة ليكون غيابه غياب المفارق المودّع .. رحمك الله يا عبد الملك وأسكنك فسيح الجنان . وإذا ماكان الناس شهود الله في ارضه ، فقد درّستك فصلاً دراسيّاً كاملاً أو يزيد .. لم أرك قط إلاّمبتسماً يعلوك أمل دائم ورؤية متفائلة لاتكاد تراها عند أحد .. وكنت ياعبد الملك ممن لم يتخذ القرآن مهجوراً ففي صدرك القرآن .. وأضفت إليه تجويداً وإتقاناً .. ولم تكتف بذلك بل إن القرآن هو مشروعك في الحياة .. فبهمتك وتقديرك للقرآن نافست في مسابقة \" رتّل الكبرى\" التي أقيمت في أوتاد الخير الرابع هذا العام . أحبك معلموك وأجمعوا على حبك وقدرك وحسن خلقك .. وأحبك زملاؤك ورأوا فيك الأخوة الصادقة في الجليس الصالح .. وكنت إلى ذلك كله عفيف اللسان سليم القلب . ولئن كان لي من عزاء لوالديه وإخوانه ، فهو عزاء بشارة - ان عبد الملك - قدم إلى ربٍ رحيم رحمن غفورٍ غير غضبان ، وحسبي بوالديه الحمد والاسترجاع ، والبشارة لهم ببيت الحمد في الجنة الذي وعدهم الله عزوجل في الحديث القدسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات ولد العبد قال الله عز وجل لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم,, فيقول سبحانه: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم,, فيقول سبحانه وهو أعلم: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسموه بيت الحمد . والصابر لا يزال مستضيئاً بنور الله وهدايته، ثابتاً على الصواب، مع ما في ذلك من حصول الأجر وجزيل الثواب،اللهم اخلف على والديه بخير .. وأجرهم في مصابهم واربط على قلوبهم وارزقهم شفاعة ابنهم الصالح يوم لاينفع مال ولابنون .. كتبه حميد بن محمد الحميد رائد التوعية الإسلامية في مجمع الشيخ محمد بن عثيمين لتحفيظ القرآن الكريم ببريده القسم الثانوي