كل من شاهد مباراة السد القطري وفريق ميس كرمان الإيراني قبل أكثر من أسبوع ، بالتأكيد لم يشاهد مباراة لكرة القدم بقدر ماهي مشهد سياسي، فقد كانت مباراة مسيَّسة من الجانب الإيراني الذي يزج بكل شيء لادخل له بالسياسة ، يزجه بالسياسة عمدا ً وقصداًً ! ففي الملعب رُفِعت شعارات لاعلاقة لها بالرياضة ، ومنها : الخليج الفارسي ، وخليج فارس ، إضافة ً إلى كلمات بالفارسية أراها رافدة لمثل هذه الشعارات العنصرية الموجهة لعرب الخليج خاصة ! هذه النبرة الحادة التي أخذت في الظهور من أصحاب القرار في إيران، كما ورد في خبرمنذ فترة قريبة عن منع السلطات الإيرانية أي شركة طيران تمر فوق أجواء إيران من ذكر مصطلح ( الخليج العربي ) نطقا ً أو كتابة ً ! أو مابدا من جمهور رياضي كما حدث في تلك المباراة ، أوغيرها في مباريات سابقة كما سمعت ! ماالذي يُغضب إيران من تسمية الخليج العربي بهذا الاسم ؟ وهو اسم له من الواقع ومن التاريخ مايصدقه . فالتاريخ يقول إن العرب لهم الفضل _بعد الله _ في وصول الإسلام إلى بلاد فارس وغيرها ، وبالتالي لهم الفضل في دخول الفُرس في الإسلام ، فهل الفُرس يفخرون كما يفخر العرب بانضمامهم وانتمائهم إلى أمة الإسلام التي لايفخر فيها عربي على فارسي ولا تركي على عربي ؟ وأما الواقع المعاصر فإنه يقول إن (رأس الخليج العربي) والجزء الغربي منه تقع عليه دول عربية ولا أحد يخفى عليه ذلك . أما الجزء الشرقي منه فإن هناك من العرب ومن أهل الخليج خصوصا ً مَن يخفى عليه أنه إقليم عربي صميم ، وحتى الآن فإن أغلب سكانه عرب لساناً وقلبا ً وقالبا ً ، ألا وهو إقليم الأحواز ويسميه الإيرانيون الآن عربستان ، وسكانه يصلون إلى تسعة ملايين نسمة كأقل تقدير !! وللفائدة أنقل بعض المعلومات عن هذا الإقليم : للإقليم عدد من التسميات، مثل: الأحواز والأهواز وعربستان، وخوزستان ، ولكل مسمى تفسير. فالأحواز هي جمع كلمة (حوز)، وهي مصدر للفعل ( حاز)، بمعنى الحيازة والتملك، وهي تستخدم للدلالة على الأرض التي اتخذها فرد وبيَّن حدودها وامتلكها. و(الحوز) كلمة متداولة بين أبناء الأحواز، فمثلا ً يقولون هذا حوز فلان، أي هذه الأرض معلومة الحدود ويمتلكها فلان. وعند الفتح الإسلامي لفارس أطلق العرب على الإقليم كله لفظة الأحواز، والفُرس ينطقونها الأهواز . وقد وردت لفظة الأهواز في أشعار العرب فنجد الشاعرجرير يقول : سيروا بني العم فالأحواز منزلكم / ونهر تيري ولم تعرفكم العرب . وتبقى الأحواز اسماً عربياً لهذا القطر حتى عهد إسماعيل الصفوي، حيث أطلق الفرس عليه(عربستان) ، ويعني ذلك إقليم العرب. لأن كلمة ستان تعني بالفارسية القُطر أو الإقليم. ومهما اختلفت الآراء في هذه التسميات فهي تشير إلى أصل الإقليم وسكانه العرب الذين يكوِّنون الأغلبية الساحقة منه. ختاما ً : ماكان لإيران شعبا ً ولا حكومة ً أن يرفعوا مثل هذه الشعارات العنصرية وهم يسمون دولتهم : جمهورية إيران الإسلامية ، إضافة ً إلى أن إيران عبارة عن خليط من الأجناس كالفُرس والأكراد والعرب والتركمان. إن العنصرية التي بدت واضحة وبحدة في الآونة الأخيرة والمتمثلة بشكل جديد وهو الإصرار على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي لاأرى أنها ستقف عند خلاف أو اختلاف في تسمية الخليج فقط ، بل هي ترمي إلى أبعد من ذلك ، فهل العرب ينتبهون لتلك الأطماع ، ويعدوا العدة لأسوأ الاحتمالات أو يحدث (لاسمح ) الله ماحصل في فلسطين من قِبل الصهاينة الأنجاس ، فالأعداء يجيدون استغلال غفلة أو غفلات العرب أيما استغلال . رافد : يقول الشاعر الجاهلي لقيط بن يعمر الإيادي محذرا ً قومه _ إياد _ من جيش كسرى الفارسي الذي يستعد للزحف عليهم ليجتثهم وهم في غفلة : أَبلِغ إِياداً وَخَلِّل في سَراتِهِمِ أَني أَرى الرَأَيَ إِن لم أُعصَ قد نَصَعا يا لَهفَ نَفسِيَ أَن كانَت أُمورُكمُ شَتى وَأُحكِمَ أَمرُ الناسِ فَاِجتَمَعا أَلا تَخافونَ قَوماً لا أَبا لكمُ أَمسَوا إِلَيكم كَأَمثالِ الدَبا سُرُعا ؟ أَبناءُ قَومٍ تَأَوَّوكُم عَلى حَنَق ٍ لا يَشعُرونَ أَضَرَّ اللهُ أَم نَفَعا أَحرارُ فارِسَ أَبناءُ المُلوكِ لَهُم مِنَ الجُموعِ جُموعٌ تَزدَهي القَلَعا في كلِّ يَومٍ يَسُنّونَ الحِرابَ لَكم لا يَهجَعونَ إِذا ما غافِلٌ هَجَعا لا الحَرثُ يَشغَلهُم بَل لا يَرَونَ لَهُم مِن دونِ بَيضَتِكم رِيّاً وَلا شبَعا ما لي أَراكم نِياماً في بُلَهنِيَةٍ وَقَد تَرَونَ شِهابَ الحَربِ قَد سَطَعا ؟ يا قَومِ لا تَأمَنوا إِن كنتُمُ غُيُراً عَلى نِسائِكمُ كِسرى وَما جَمَعا هُوَ الجَلاءُ الَّذي يَجتَثُّ أَصلَكمُ فَمَن رَأى مِثلَ ذا رَأياً وَمَن سَمِعا لَقَد بَذَلتُ لكم نُصحي بِلا دَخَل ٍ فَاِستَيقِظوا إِنَّ خَيرَ العِلمِ ما نَفَعا عبدالله بن إبراهيم بن حمد البريدي [email protected]