أما عن مأساوية الوضع فحدث ولا حرج وماعندي غير غيض من فيض تجاه معظم الأوضاع وهناك من هم أجدر بطرح وتحليل وتشخيص المآسي في مجمل الأوضاع المعيشيه والفكريه والوجدانيه سياسيه او اقتصاديه او اجتماعيه. أما الوضع المأساوي فهو مايخص ذاتي والذي سوف أتناوله من واقع تجاربي الشخصيه لهذا الوضع. أن الذات لن تستطيع أن تهرب من واقعها الذي تعيشه إلا عبر خيالها الواسع الذي يجعلها تسمو فوق الواقع وذلك عندما تنصهر أكثر فيه وكلما كانت المعاناة في عملية السمو أعمق كلما كان الألم أكثر وصار الواقع أكثر ألماً ومأساويه. عندها تبحث الذات في التوحد مع الذوات الأخرى الفعاله أو القريبه من فهم هذا الواقع. ولن ترضى الذات بذاتها إلا من خلال تقاربها مع الذات الأخرى والتي قد لا تكون فعاله فيما يخص هذا الواقع مما قد يحدث شرخاً لدى هذه الذات فتبقى أسيره لهذا الشرخ يجعلها تهرب إما الى الأمام أو الى الخلف للقفز عن أو حول هذا الشرخ. وبقدر عمق هذا الشرخ بقدر ماتتألم هذه الذات. تبدأ المعاناة لهذه الذات من لحظة خروجها من ذاك الرحم الذي به تكونت وتشكلت فيكون البكاء أول رد فعل لها عن هذا الواقع الجديد.وبالرغم من كل البكاء والدموع الا أنها قد تكتشف بعض الجوانب الجماليه في هذا الواقع فتبتسم أيضاً. ومابين البكاء والابتسام تعيش هذه الذات وكلها أمل في تفسير هذا الواقع. في البدايه الرفض التام لهذا الواقع بالبكاء حتى الإعياء ومن ثم الخلود الى النوم كوسيلة اولى للهروب حيث تطول ساعات النوم هرباً او احتياجاً للراحه والخلود و لن يطول هذا الهروب فتستيقظ الذات لتجد قربها من هذا الرحم وتشعر بالبهجه والسعاده من تلقي الرعايه التي هي بأمس الحاجه لها لمواصلة الحياة فتعود لتنام هرباً او تستيقظ احتياجاً ومابين النوم والاستيقاظ تستشف أسمى معاني الحب وتستشعر العاطفه وتبدأ مشاعر الرضى والقبول بالتبلور . ومع مرور الأيام ومابين النوم والاستيقاظ وتوفر الرعاية والحب تتبلور لديها أحاسيس بأنها هي مركز هذا العالم وأن العالم بأسره مخلوق لها ومن أجلها فتندهش وتبهج وتواصل عملية الاستكشاف لهذا العالم التي أحست انه عالم جميل و هي مركز هذا العالم. هنا يبدأ خيال هذه الذات لسبر هذا العالم ومحاولة ليس فقط اكتشافه ولكن لأجل التأكيد بأنه ملك خالص لهذه الذات البريئه وخلق من أجلها. ان هذه المرحله هي الأخطر في حياة تلك الذات ويجب على القائمين بالرعايه ترك هذا الخيال يستمتع بهذا السمو بل والعمل بكل جديه لتشجيعه إلى أبعد مدى من أجل المساعده في تكوين ذات ذات خيال واسع لأنه من وجهة نظري لا يمكن الحصول على إنسان بدون خيال وإنسان بدون خيال لآ يعدو الا ان يكون أشبه بالحيوان. هناك الكثير من الآيات في القرآن الكريم ما يدعو الانسان للتأمل والتفكر والتدبر وهذا يحتاج الى انسان على قدر كبير من سعة الخيال لكي يصل الى مايريده الله عز وجل لهذا الانسان من أجل التوصل الى المعرفه التي حتماً سوف تقوده الى كثير من الحقائق والمعارف التي تقربه من الحقيقه والحق مما يؤهله لأن يكون فعلاً خليفة الله في الأرض ليصلحها ويعمرها ويتجنب كل مافيه افساد. لقد صدق عالم النسبيه انشتاين عندما قال ان الخيال أهم من المعرفه. نعم ان الخيال اهم من المعرفه لأن الخيال الواسع حتماً سيقودك الى طلب المعرفه والابحار في دنيا الافكار والتعمق في عالم المعاني الواسع فتتضح لك المعاني الحقيقيه للقيم الانسانيه مثل الحب والجمال والحريه والعدل والحق. عندما يتوصل الانسان الى المعاني الحقيقيه لهذه القيم عندها فقط يصبح انساناً فيرى العنصرية قبحاً ويحب ويريد أن يُحَب ويشعر بأنه ولد ليكون حراً ويراعي حرية الآخرين ويطبق العدل قولاً وعملاً وتكون الحقيقه والحق مبتغاه. هذا وللحديث بقيه... إبراهيم بن عبدالعزيز الدامغ