في البداية التمييز العنصري هي فكرة انبثقت أو تبلورت من النظرية العرقية التي ظهرت مع الحركة النازية في أوائل التسعينات التي نادت بتقسيم الشعوب على أسس عديدة ومن ضمنها اللون , وعلى الرغم من فشل هذه النظرية التي تداعى بها الألمان قديماً وأدانها أغلب دول العالم حيث تم توقيع الدول على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري إلا أنه لا يمكن القول أنها اختفت تمامًا , حيث تجد بعض وسائل الإعلام نفسها في موضع الاتهامحين تفرضها بطرق غير مباشر باستخدام منهج القولبة الفكرية ، فكما جرت العادة في أفلام الكرتون التي يتعرضون لها الأطفال فإننا نجد 99٪ من الأبطال الخارقين أو الجميلات هم ذوات البشرة البيضاء بينما تحتل عادةً البشرة السوداء الشخصيات الأقل ذكاء أو تصورهم بالأشرار . هنا استطاع المخرجين ومعدي البرامج بناء صورة نمطية لدى الطفل المتلقي بمدى سوء فئة معينة لمجرد لونها أو انتماءاتها العرقية وغرسها فيه كقانون ومسألة حياتية لابد العمل بها وممارسة الاضطهادات العنصرية للفئة الأخرى ! أيضاً من ناحية أخرى عندما تتغنى بعض وسائل الإعلام بدعمها لحقوق السود هي في ذات الوقت تعزز وتمارس فكرة العنصرية وتوهجها بطرق قد تكون غير مقصودة . الإعلام هنا كان له الدور في تمهيد الطرق لتوغل العنصرية بين المجتمعات حين أبرز التفاوتات وخلق منها أنماط تستوجب تعاملات مختلفة ! وتحت ظل هذه الظروف الزمانية من الحروب التي ساهمت العنصرية في غالبيتها لابد على الإعلام اليوم أن يحمل على عاتقيه المسؤولية و بناء الحقيقة الحتمية والمبدأ الأمثل للوحدة الإنسانية التي تتطلب تغييرات عضوية في بنية المجتمع وتجسيد المعايير الدولية لإقامة العدل بين المجتمعات . وقد حدد الرسول علية الصلاة و السلام من قبل في خطبة حجة الوداع أهم أسس توثيق الوحدة الانسانية فقال (يا أيها الناس إن ربكم واحد و إن أباكم واحد , كلكم لآدم وآدم من تراب ) وقوله تعالي ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ وبذلك ينفي التميز العنصري ونفتح ابواب الوحدة الانسانية البعيدة عن التعصب للجنس واللون أو العصبية الجاهلية .