تلقيت دعوة لحضور اللقاء السنوي لخريجي ثانوية طيبة في المدينةالمنورة بمسرح المدرسة القديم، الذي أصبح لاحقاً متحف دار القلم لأهالي المدينة وزوارها. عادت بي الذاكرة قرابة العقدين من الزمان، حاولت أن أتذكر زملائي أيام دراستي الثانوية، لم أتذكر إلا القليل منهم، لأني لم أتواصل بعد تخرجي إلا مع قلة بسبب انتقالي من الحي الذي كُنت أسكن فيه. كنت متحمسا لحضور هذا اللقاء، الذي أُقيم في مساء يوم الخميس الماضي، وأُعد له إعداداً جيداً من قِبل جمعية خريجي طيبة، وحضره سعادة مدير تعليم المدينة الأستاذ: ناصر العبد الكريم، ومعالي الأمين العام السابق لرابطة العالم الإسلامي وزير الحج والثقافة والإعلام سابقاً د. إياد بن أمين مدني، وعدد من المسؤولين والوجهاء الذين تخرجوا من هذه المدرسة العريقة، التي تأسست قبل 75 عاماً. وقد أُقيم حفل خطابي بهذه المناسبة، أُعلن فيه عن وقف وخطط وبرامج جمعية الخريجين للفترة المقبلة، ثم تناول الجميع طعام العشاء داخل متحف سكة القطار القديمة المجاور للثانوية. وقد لفت نظري أن جُل الحضور من كبار السن والمتقاعدين، وكان بجواري رجل كبير متكئ على عصاه تخرّج في عام 1385ه أي قبل 55 عاماً، وبجواره آخر تخرج بعده بسنوات، وهو متقاعد قادم من الرياض لحضور هذه الفعالية. واتسم اللقاء بروح الأخوة والمحبة، وتعالت من هنا وهناك أصوات الذكريات بين زملاء جمعتهم مقاعد الدراسة، وفرقتهم المشاغل والأعمال، فما أجملها من لحظات، بعد عقود من الزمان وبعد أن أخذ الزمان من أعمارهم وصحتهم، يجتمعون على طاولة واحدة ويتناولون وجبة العشاء سوياً، في مشهد جميل ومعبر. وهنا أُزجي كلمات الثناء العاطرة لكل من ساهم في إقامة هذه الفعالية بجهده وماله، فما أجمل هذا الوفاء، ليضع الزملاء أيديهم في أيدي بعضهم لخدمة مجتمعهم، وصروحهم العلمية التي نهلوا من معينها، وهي دعوة لجميع المؤسسات التعليمية لأن تمسك بزمام المبادرة، وتمد جسور التواصل مع طلابها من خلال قواعد بياناتها الإلكترونية، ولا أقل من التواصل معهم عن طريق الرسائل الإلكترونية، ليشعروا بالانتماء تجاه صروحهم التعليمية. وقد دعاني هذا المشهد إلى التأمل والتفكر في حياتنا، التي مهما طالت فهي في عُمر الزمن قصيرة، فإن لم نستغل لحظاتها وأيامها في ما يفيدنا ويفيد مجتمعاتنا، ونحافظ على أخوتنا وعلاقاتنا ونصونها من البغضاء والشحناء، فإن ساعة الزمان لا تتوقف، والشباب يتبعه المشيب، والقوة يعقبها الضعف، فقد حضرت لهذه المناسبة وأنا في عُمر الشباب، وسأحضر يوماً إن مد الله في العُمر وقد مضى من العُمر الكثير. يسرني تواصلكم @m2025a