المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    "سلمان للإغاثة" يوزع 2.459 كرتون تمر في مديرية الوادي بمحافظة مأرب    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعا صحيا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    فقيه للرعاية الصحية تحقق 195.3 مليون ريال صافي ربح في أول 9 أشهر من 2024 بنسبة نمو 49%    القبض على يمني لتهريبه (170) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    حاكم الشارقة يفتتح الدورة ال 43 من معرض الشارقةالدولي للكتاب    البنك الأهلي السعودي يطلق محفظة تمويلية بقيمة 3 مليارات ريال خلال بيبان24    الأمير محمد بن عبدالعزيز يدشّن فعاليات مهرجان شتاء جازان 2025    بانسجام عالمي.. السعودية ملتقىً حيويًا لكل المقيمين فيها    إيلون ماسك يحصل على "مفتاح البيت الأبيض" كيف سيستفيد من نفوذه؟    "البحر الأحمر السينمائي الدولي" يكشف عن أفلام "روائع عربية" للعام 2024    "ماونتن ڤيو " المصرية تدخل السوق العقاري السعودي بالشراكة مع "مايا العقارية ".. وتستعد لإطلاق أول مشاريعها في الرياض    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمانة الشرقية: إغلاق طريق الملك فهد الرئيسي بالاتجاهين وتحويل الحركة المرورية إلى الطريق المحلي    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    محافظ جدة يشرف أفراح آل بابلغوم وآل ناصر    «الإحصاء»: ارتفاع عدد ركاب السكك الحديدية 33% والنقل العام 176%    السعودية بصدد إطلاق مبادرة للذكاء الاصطناعي ب 100 مليار دولار    هاريس تلقي خطاب هزيمتها وتحض على قبول النتائج    الذهب يقترب من أدنى مستوى في أكثر من 3 أسابيع    إصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام بلدة اليامون    العام الثقافي السعودي الصيني 2025    المريد ماذا يريد؟    منتخب الطائرة يواجه تونس في ربع نهائي "عربي 23"    صمت وحزن في معسكر هاريس.. وتبخر حلم الديمقراطيين    أربعينية قطّعت أمها أوصالاً ووضعتها على الشواية    قصص مرعبة بسبب المقالي الهوائية تثير قلق بريطانيا    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    الاتحاد يصطدم بالعروبة.. والشباب يتحدى الخلود    هل يظهر سعود للمرة الثالثة في «الدوري الأوروبي» ؟    الإصابات تضرب مفاصل «الفرسان» قبل مواجهة ضمك    «بنان».. سفير ثقافي لحِرف الأجداد    اللسان العربي في خطر    ترمب.. صيّاد الفرص الضائعة!    ترمب.. ولاية ثانية مختلفة    ربَّ ضارة نافعة.. الألم والإجهاد مفيدان لهذا السبب    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    الإصابة تغيب نيمار شهرين    التعاون يتغلب على ألتين أسير    الدراما والواقع    يتحدث بطلاقة    سيادة القانون ركيزة أساسية لازدهار الدول    التعاطي مع الواقع    درّاجات إسعافية تُنقذ حياة سبعيني    العين الإماراتي يقيل كريسبو    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    تقاعد وأنت بصحة جيدة    الأنشطة الرياضية «مضاد حيوي» ضد الجريمة    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    تطوير الشرقية تشارك في المنتدى الحضري العالمي    فلسفة الألم (2)    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفقت من غيبوبة وأخطائي العسكرية اجتهاد وحسن نية
رسالة الأمير سلطان نموذج يستحقه كل متقاعد .. قائد القوات الجوية سابقاً الفريق عبد العزيز هنيدي«عكاظ» :
نشر في عكاظ يوم 22 - 10 - 2010

عصامية الفريق طيار متقاعد عبدالعزيز محمد هنيدي لاتحتاج إلى بحث. فالرجل الذي يحمل على كاهله اليوم تحقيق أحلام أكثر من 650 ألف متقاعد على مستوى المملكة، كتاب مفتوح وشجرة تجارب نمت وترعرعت على مدى خمسة عقود في القوات الجوية الملكية السعودية التي دخلها فقيرا عاريا لايحمل أي مؤهل، وخرج منها على رأس الهرم وقد ترك وراءه بصمة وملمحا وحكاية وسن فيها سننا حسنة لاتعد ولا تحصى. قال بأن سعادته بإلاحالة إلى التقاعد أشبه بمن فاق من غيبوبة طويلة، وأوضح بأنه تعرض للإحراج الشديد على مدى سنوات بسبب الواسطة والمجاملات، ورفض بشدة التصريح عن أخطائه التي صدرت عن اجتهاد وحسن نية منه ولو وصل الأمر إلى التأديب باليد.
وصف تزايد حوادث طائرات التدريب العسكري في المملكة بالعادية والضريبة المتوقعة لأساليب الحرب الحقيقية التي تتبعها القوات الجوية. هنيدي الذي يرأس اليوم جمعية المتقاعدين السعوديين أكد قرب تحويلها إلى هيئة مستقلة، وكشف عن نية الهيئة الجديدة اصطياد المباني الحكومية المهجورة، وإعادة استثمارها كأوقاف في جميع مدن المملكة. حوار سبعيني المواقف والأحداث والرؤى بدأه (أبو عمر) بتفاصيل طفولة الشتات بين المدينة المنورة ونجران وبيشة وسراة عبيدة والظهران قائلا:
في مسيرة حياتي أحداث وأقدار كنت مسيرا فيها أكثر مني مخيرا. فولادتي في نجران ارتبطت بعمل والدي في «الشنطة الملكية» مع الملك عبدالعزيز وهو مايطلق عليه الآن الديوان الملكي. أما نشأتي في بيشة فارتبطت بزواجه من والدتي القحطانية في سراة عبيدة حين تعرف في سوق أبها على التاجر (سعيد أبو زحلة) فزوجه بشقيقته، وهكذا درست في بيشة من الصف الثالث إلى الخامس الابتدائي في قرية اسمها البحار، ثم قرر والدي أن أذهب إلى أعمامي في المدينة المنورة فكانت المرة الأولى التي ألتقي فيها بأهل والدي منذ ولادتي. جئتهم من عسير بلهجة أغلب مخارجها بالشين لكن ذلك لم يمنع اندماجي معهم فعشت طفولة عادية كأي طفل من الأسر المتوسطة الحال بالمدينة المنورة.
نقطة التحول في حياتي جاءت تمشي على مهل من خلال الاستعراضات العسكرية التي كانت تتم لأمير منطقة المدينة المنورة بعد صلاة العيدين فكنت أندس بين الصفوف لمشاهدة الضباط وهم يستعرضون ببزاتهم العسكرية وسيوفهم اللامعة ويحيون أمير المنطقة في حركة عسكرية نشطة فتمنيت أن أكون واحدا منهم. شدتني أصوات الطائرات وهي تحلق في السماء فكنت أصعد مع أقراني إلى سطح المنزل لنراقب أي طائرة (داكوتا) وهي تغيب خلف الأفق ومعها أسبح في أحلامي الطفولية بأن أكون ضابطا طيارا في يوم ما.
عشت في رعاية عم والدي علي حمد الله (رحمه الله) الذي اعتبرني واحدا من أبنائه وتأثرت كثيرا بشخصيته، فقد كان صواما قواما لايترك فرضا من فروض الصلاة. مازلت أتذكر جديته في العمل واحترامه للجيران وإكرامه لضيوفه وقد أحسن معاملتي مثل بقية أولاده وبناته. فيما تولت عمتي (عزيزة) الاهتمام بي لوجود والدتي في أبها مع والدي. بداياتي لم تكن تنبئ بأحلام يمكن أن تتحقق إلى أبعد فضاءات الواقع، فقد درست حتى أكملت الابتدائية ثم ذهبت مع مجموعة من زملائي لاستكمال دراستنا المتوسطة والثانوية في الأحساء والتي كانت المنطقة الوحيدة التي تتمتع بهذه الميزة التعليمية. شاءت الأقدار أن نلتقي بعد وصولنا مباشرة بموظفين من أهل الحجاز في إدارة الجمارك فعرضوا علينا العمل مقابل راتب شهري لكل منا قدره مائتان وعشرة ريالات فضة فوافقنا على الفور لأننا لانملك في جيوبنا مايسد جوعنا ويوفر لنا لقمة العيش طوال دراستنا.
كنت في الرابعة عشرة من عمري حينما بدأت منغصات الحياة تأتيني تباعا بخبر وصلني كوقع الصاعقة فقد تفككت أسرتي الصغيرة مبكرا بطلاق والدتي التي ظلت بعد ذلك وحيدة 11 سنة دون أن أراها بعد أن تقطعت بي السبل في العودة لانشغالي في التعليم مابين الظهران وجدة، فكانت الخطابات المتبادلة بيننا التي يحملها خالي المقيم معي في المنطقة الشرقية الوسيلة الوحيدة للاطمئنان. معادلة نفسية صعبة أشعلت روح التحدي في داخلي فقررت أن أعمل صباحا وأن أدرس ليلا فنلت شهادة الكفاءة الليلية ثم قررت الذهاب إلى جدة بعد أن شغرت وظيفة (منوفيست) في مطار جدة فشاهدت الطائرات عن قرب واستعادت ذاكرتي معالم حلم الطفولة، وشاء القدر أن أتعرف بشخص يعمل في الأرصاد الجوية بمطار جدة فأرشدني إلى مدرسة سلاح الطيران. ذهبت إلى مدير المدرسة طالبا الالتحاق بها، فقال لي إجابة صادمة: نريد شابا صغيرا، وأنت شنبك كبير!!.. تذكرت في تلك اللحظة رفض والدي دخولي مجال الطيران لخوفه من إصابتي بمكروه. لم أجد مفرا من المجازفة بهذه الشعيرات التي تعبر عن الرجولة واجتهدت في تربيتها، فحلقت شنبي مع أنه أمر معيب في ذلك الوقت. ذهبت للمدير في اليوم التالي، فلما شاهدني بالوضع الجديد ضحك، وقال لي: نقصت أربع سنوات من عمرك وتم قبولي على الفور.. ثم أرسلوني إلى الظهران لدراسة اللغة الإنجليزية والرياضيات في البعثة الأمريكية، فلما انتهت تلك السنة عدت إلى مدرسة سلاح الطيران لإكمال السنتين الباقيتين وتخرجت في الواحدة والعشرين من عمري ملازما طيارا. حفل تخرجنا حضره الأمير فهد بن سعود بن عبد العزيز (رحمه الله) وزير الدفاع والطيران والمفتش العام سابقا.
ولك أن تتخيل العبد لله ورأسه بين النجوم. تلك اللحظة مازالت حاضرة في ذاكرتي بكل تفاصيلها. تناسيت كل سنوات المعاناة ولم تكن الأرض تسع فرحتي، خرجت مع زملائي من المبنى وكأننا قادمون من كوكب آخر. كنا نتلفت من حولنا مزهوين بالأعين التي تتبعنا في كل مكان. بعض زملائي من فرط نشوتهم ذهبوا إلى مكة المكرمة فأدوا العمرة بالبذلة الرسمية. من الطريف أنني إلى تلك اللحظة لم أتعلم قيادة السيارة بعد ومكثت على ذلك فترة طويلة. تم تعييني مدرب طيارين في الظهران على وظيفة ضابط تدريب لمدة ثلاث سنوات. وكانت أعلى رتبة موجودة هي رتبة مقدم أو «أوزباشي» ويتولاها قائد سلاح الطيران أسعد زياد في تلك الفترة. تقلبت على جمر نار الصبر والمثابرة وتطوير الذات من خلال الدراسة والممارسة، وتدرجت في الرتب العسكرية والمراكز الإدارية إلى إن أصبحت قائدا للقوات الجوية بعد أربعة عقود نتيجة الانضباط وحسن التربية وإدارة الوقت. ظللت طيلة هذه السنوات مسؤولا أمام الله حازما مع الجميع في تطبيق النظام لأن هذه طبيعة العمل العسكري، إلى أن تقاعدت فشعرت من اليوم الأول كأنني أفقت من غيبوبة طويلة.
• هناك من يرى أنك تجاوزت الحد المسموح به في تطبيق النظام لدرجة الخطأ؟
إن حدثت أخطاء من قبلي فلست مستعدا للتصريح بها، لكنها نتاج اجتهاد واستشارة خصوصا القرارات التي تترك أثارا على أشخاص آخرين أو على سمعة المملكة أو سمعة القوات الجوية، وقد يحدث الخطأ أحيانا لكنه يظل غير مقصود ونيتي دائما طيبة.
• الشدة العسكرية التي اشتهرت بها، هل تعني أنك بلا عاطفة أولحظات ضعف؟
لا، طبعا فأنا إنسان عاطفي جدا وبكاء وتهزني المواقف المؤثرة.
• لماذا رفضوا مشاركتك في حرب الوديعة؟
فعلا كان بودي ذلك، خصوصا أنني شاركت في ساعات طيران كثيرة جدا مع أنني وقتها كنت أقوم بأعمال إدارية في كلية الملك فيصل الجوية وكنت أطير بالطائرات النفاثة (البي اس سي) و(67) ذات التدريب المتقدم في الكلية من أجل ذلك فقيل لي إن وجودي في مجال تدريب الطلبة وتوجيههم والأمور التربوية العسكرية من باب (من جهز غازيا فقد غزا) فاقتنعت وبقيت في الكلية.
• حياتك في الإدارة هل أثرت على قدرتك كطيار؟
في اعتقادي أن من يدخل مجال الطيران ويستطيع أن ينتصر على نفسه فيكبت شهواته وينام ساعات كافية ويأكل دون أن يشبع ويحرص على أن يكون في موعد الرحلة بكامل صحته يستطيع أن يمارس قدرته كطيار وهذا ماحرصت عليه طيلة سنوات عملي الإداري.
• إلى أي مدى عانيت من موضوع القبول بالواسطة في الطيران العسكري وتأثير ذلك على المستوى العام للطيارين؟
بكل أمانة، حدثت إحراجات كثيرة بسبب هذا الموضوع ولكن الأمير سلطان منع مثل هذا الأمر قبل 18 سنة تقريبا بسبب حادثة دخول طالب بتقدير مقبول إلى الكلية، وأصبح القبول حاليا عن طريق الحاسب الآلي الذي يعطي الأفضلية لمن يستحق.
• ماهو تفسيرك لحوادث طائرات التدريب في الفترة الأخيرة؟
ليس بالضرورة أن تنشأ حوادث الطيران بسبب ضعف في التدريب ومشاكل في الصيانة وقطع الغيار، فأحيانا يكون السبب هو الطيران التكتيكي الشبيه بالطيران الحقيقي كأنك في معركة جوية فيعرضون أنفسهم والطائرة لمواقف صعبة جدا، ويمكن أن يكون لديك طائرات وليس عندك حوادث لأنك لاتعرض الطيار للتكتيكات العنيفة جدا التي تجعله قادرا على التعامل مع مختلف المواقف والظروف، ونستطيع أن نقول إنه يتم فقدان خمس طائرات في مثل هذه الحوادث كل عشرة آلاف ساعة طيران في الدول الصناعية لأن المشكلة أن 86 في المائة من الأخطاء من الطيار نفسه، والباقي إما بسبب ضعف في قطع المحرك أونتاج الظروف الجوية.
• هل تشير العقوبات القاسية التي تطبق بحق الطيارين إلى تنامي ظاهرة الأخطاء الفردية؟
سقوط الطائرات العسكرية يخضع لتحقيق معقد ولجان وكشف بالأشعة ويتم عمل سياج حول موقع سقوط أي طائرة لوجود مواد كيماوية تضر بالحيوان والإنسان إن تعرض لها. والعقوبات مرتبطة بكل حالة على حدة، مثلا القفز من طائرة يفترض أن يهبط بها وسقوطها في منطقة شبه آهلة، أوقيامه بحركة قريبة من أسطح الناس على سرعة عالية إلى آخره فهنا يحقق معه ويحال إلى إدارة التفتيش المركزي ويتخذ الإجراء المناسب بحيث تسحب منه علاوة الطيران ويوقف عن الطيران لفترة معينة حسب الضرر، أو أن يؤخر في الترقية، أو أن يؤخذ منه جناح الطيران لفترة معينة. وقد تغيرت الظروف حاليا فأصبح الطيران تكتيكيا والتقنية تسهل على الطيار وليس العكس.
• أين تضع الطيار السعودي مقارنة بدول الجوار؟
نحن نستخدم التكتيك الغربي بالمقارنة ببعض الدول التي مازالت تستخدم تكتيك المعسكر الشرقي مثل روسيا والصين، والفارق بين الاثنين أن تكتيك الغربيين أفضل من ناحية قوة صناعة الطائرة والاهتمام براحة الطيار مثل التكييف وتوفير البديل الاحتياطي للقطع التالفة ووسائل السلامة والقدرة على القفز من الطائرة إذا حدث مالا يحمد عقباه ووجود أسلحة ذكية، وهذه تعطي الطيار ثقة في النفس على عكس طائرات المعسكر الشرقي التي تركز على حمولة الأسلحة وتهمل الطيار.
• هل أوجدنا حلولا للتكلفة العالية لقطع الغيار المستوردة؟
قبل ستة أو سبعة أشهر أقيم معرض كبير في معرض الصناعات الوطنية في الرياض، وعرضت فيه أكثر من 10.000 قطعة طيران ووجدت القوات المسلحة أنه يمكن تصنيع هذه القطع محليا بنفس الجودة أو أحسن وبسعر لايصل إلى ربع قيمة ماكنا نستورده، وفي نفس الوقت يتم تشغيل مصانعنا، ويتيح الفرصة للمتقاعدين الفنيين للعمل، وما أتمناه أن يكون هناك تعاون بين دول الخليج في هذا المجال بحيث نبدأ بالأسهل دائما.
• على أي أساس شككت في قدرة القاعدة على تنفيذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟
ماقرأته من تحليلات للكاتب الفرنسي تيري ميسان وما سمعته من أشخاص ذوي اطلاع بهذا الخبث من الأحداث، كما حدث من قتل لقاتل جون كينيدي لتضيع القضية، وهناك الكثير من الدول تحيك الحيل وتفكر أنها حقيقية، وأنا أميل إلى أن القاعدة ولا الأفضل منها قدرة وإمكانيات وتخطيطا يتقن هذا العمل في دولة كبيرة كأمريكا تملك رادارات ونظما متطورة جدا تستطيع أن ترصد مركز الطائرة من مسافة 180 ميلا ثم تنفذ هذه الطيارات من زوايا معينة ومحددة إضافة إلى عدم ثبوت ماحدث في البنتاجون فمجمل هذه الوقائع ليست من فعل القاعدة، ولا أقول كلامي تبرئة ومساندة لهم بقدر ماهي حقيقة علمية استغلها بعض المنتسبين للقاعدة لتأكيد القدرة الذاتية للتنظيم أمام العالم، والغريب أن بعض الأمريكان يفهم هذا الكلام جيدا وبعضهم لايريد أن يفهم أصلا وهذه من الأسباب التي دعت الشعب الأمريكي ينتخب أوباما بعد أن فقد الثقة في الرؤساء التقليديين.
• ماهو المغزى الذي قصدته من تأليف كتاب إدارة الوقت؟
من الأشياء التي تعلمتها في القوات الجوية حسن إدارة الوقت من خلال قيادة الطائرات التي لها وقت معين وينتهي وقودها فإن لم تتمكن من أداء مهمتك والعودة ومعك زيادة وقود تصل إلى نسبة 20 في المائة فقد يحدث مالا يحمد عقباه، فقد يحدث أن تجد المطار مغلقا فتضطر للذهاب إلى مطار احتياطي يبعد نصف ساعة مثلا، أو أن تكون محاصرا بعاصفة ترابية وأتذكر موقفا حدث معنا في تبوك عندما خرجت أربع طائرات من طراز اللايتننغ والتي نسميها ب(شاربة الوقود) لاستقبال أحد الضيوف فواجهوا عاصفة ترابية في طريق العودة ولم يستطيعوا الهبوط في المطار فأحدهم ذهب إلى ارتفاع عال ثم نزل في الوجه، وآخر هبط على الطريق العام، وثالث قفز بالمظلة بعد أن أمن سقوط طائرته في منطقة غير مأهولة بالسكان وحدثت يومها ربكة غير طبيعية. فسوء إدارة الوقت تضع أي طيار في حرج وقد يقع بسببها في يد الأعداء، فأحببت أن أصدر هذا الكتاب من تجربة ذاتية تؤكد أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
• ما الذي أضافه تأسيسكم لمتحف صقر الجزيرة وفريق الاستعراض الجوي لقواتنا الجوية؟
لاتتصور مدى اعتزازي بهذا المشروع الضخم الذي وقف وراءه ودعمه بقوة سمو سيدي الأمير سلطان ولي العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. هذا المتحف يجسد تاريخ الطيران في المملكة عبر مراحله المختلفة ويعد مرجعا لأبنائنا بما فيه من معروضات ومراجع ووثائق تمكنهم من التعرف على التطور التاريخي للقوات الجوية من خلال خمس مراحل بدأت بما قبل التأسيس وهي الواقعة بين عامي 1333 1344ه، حيث قامت إحدى الطائرات الإنجليزية المائية بالتحليق فوق مدينة جدة وكانت تلك المرة الأولى التي يشاهد فيها سكان عروس البحر الأحمر الطائرات في سماء مدينتهم، وفي عام 1344 واجهت قوات الملك عبد العزيز الطائرات لأول مرة في رحلة كفاحها لتوحيد أرجاء الوطن، وذلك في معركة الطائف حينما قامت هذه الطائرات بطلعات استكشافية فوق مواقع الجيش السعودي، وبعد عام من ذلك التاريخ دخلت الطائرات المعركة أثناء حصار الملك عبدالعزيز لجدة، حيث أسقط جيش المؤسس أول طائرة كانت تقوم بعملية استطلاعية فيما انفجرت الثانية في السماء، وغنمت قواته ست طائرات وهي من نوع DH-9، واحدة منها كانت قابلة للإصلاح، ولذلك أمر الملك عبدالعزيز ببيعها وشراء طائرات بديلة عنها خصص البعض منها لتعليم الطيارين السعوديين علوم الطيران، واستخدم جلالته رحمه الله طائرتين من الطائرات التي غنمها ووضعهما أمام القشلة ليعلن للناس امتلاكه الطائرات الحربية مضاعفا بذلك هيبة قواته في نظر أعدائه. أما فريق الصقور السعوديين فحرصت على تأسيسه بعد موافقة الأمير سلطان لعدم وجود فريق استعراض جوي سعودي في تلك الفترة يشارك في المناسبات الرسمية، وقد وفقنا في وضع لبناته مع مجموعة من إخواني الطيارين، ويظل كلا العملين جهدا مشكورا ومباركا نتاج تضافر الجميع وليس جهدا من عبدالعزيز هنيدي فقط، وأدعو الله أن تكون من السنن الحسنة التي يكون لنا منها أوفر الأجر والحظ والنصيب.
• تلقيت رسالة لطيفة جدا من سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظه الله عندما أحلت إلى التقاعد يتمنى الكثيرون أن يعمم أسلوبها ليكون نموذجا للتعامل مع كل المتقاعدين، فماهو مضمونها؟
علاقتي مع سمو ولي العهد الأمين تمتد لأكثر من خمسة عقود ظل فيها بالنسبة لي ولمنسوبي القوات الجوية ومازال الأب والأخ والصديق فهو المخطط الاستراتيجي لكل تطوير حقيقي في القطاعات العسكرية خاصة وكافة القطاعات عامة، ولي مع سموه من المواقف والمناسبات مايملأ السمع والبصر، ولا أخفيك أن رسالة سموه التي جاءتني بخط يده الكريمة فاجأتني وأسعدتني، وأتمنى أن يتعامل كل رئيس مع مرؤوسيه المتقاعدين بنفس العاطفة الجياشة ودغدغة المشاعر وانتقاء المفردات بعناية التي حاصرتني بها أخلاق سموه الفاضلة، فقد كتب لي حفظه الله مهنئا بالتقاعد، وقال لي: لقد كنت ابنا وأصبحت أخا. ثم أوصاني بأن أكون على أهبة الاستعداد في حال استدعى الأمر إلى طلبي بعد تقاعدي، ثم أمر بتقليدي وسام الملك فيصل من الدرجة الممتازة في آخر يوم لي في الخدمة.
• الانتقادات مازالت تلاحقك من قبل المتقاعدين بأنك لم تقدم شيئا أكثر من حفلات وفلاشات وصور؟
هذا كلام غير صحيح. نحن جئنا في الدورة الثانية بعد أن مهد الإخوة في الدورة الأولى الطريق خاصة فيما يتعلق بالأنظمة واللوائح، ويجب أن نتعامل مع الجمعية بصورة غير ربحية، ونحاول أن تكون أعمالنا مميزة ومتجددة ومتطورة، وأن يكون التقاعد مرحلة فكر وعطاء وليس نهاية لكل شيء، وفي آخر لقاء ناقشنا موضوعات مهمة على رأسها تحويل الجمعية إلى هيئة مستقلة ليكون لها ميزانية أكبر عبر موارد ثابتة تتناسب مع دورها ونقوم حاليا بالبحث عن بيت خبرة لتطوير نظام الجمعية وموادها الأساسية بما يتناسب مع المرحلة الجديدة، إضافة إلى تغيير مسمى (المتقاعدين) إلى (الموفين خدماتهم) من الوفاء لمن أوفى خدمته تجاه وطنه ونفكر في طرح الموضوع من خلال مناقشة على موقع الجمعية، ومنح جوائز لمن يصمم شعارا مميزا ويختار اسما أكثر تميزا مما اخترناه حتى الآن، كما سنمنح كل متقاعد بطاقة شرف لتسهيل أموره في المستشفيات والدوائر الحكومية وغيرها.
• تقصد كبار المتقاعدين؟
الجمعية ليست مخصصة لشريحة معينة وأبوابها مفتوحة لكل المتقاعدين دون استثناء في جميع أنحاء المملكة من مدنيين وعسكريين رجالا ونساء، بل حتى المتقاعدين من القطاع الخاص أيضا.
• كيف يمكن لجمعية غير ربحية أن تحقق أهدافها؟
يصلنا دعم غير ثابت من وزارة الشؤون الاجتماعية بمعدل قدره مليون إلى مليون ونصف سنويا.
• يعني بالكاد يغطي المصاريف الإدارية؟
لا تنس أن لدينا دخلا جيدا نجنيه من مهرجانات الأسر المنتجة والذي يصل إلى 2 مليون ريال أحيانا، زد على ذلك مايأتينا من بطاقات العضوية، حيث بلغ عدد الأعضاء أكثر من 15 ألف شخص من جميع أنحاء المملكة.
• هل تتقبلون أموال الزكاة؟
نقبل أموال المنح، وإن كنا نسعى الآن لإيجاد أوقاف ثابتة ووجدنا دعما قويا من رئيس مجلس الشرف بالجمعية الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وكان لنا اجتماع مهم بشأن هذا الموضوع حضره الأمير سعود الثنيان رئيس الهيئة الاستشارية في الجمعية ورئيس الهيئة الملكية في الجبيل وينبع ومعه مجموعة كبيرة من رجال الأعمال رؤساء مجالس بعض البنوك، وقد بدأنا مشروع الوقف بالاستفادة من مبنى إدارة الجوازات القديم في الأحساء بعد انتقالهم لمقرهم الجديد وحصلنا على موافقة الأمير نايف لاستثماره ونسعى لتصيد مثل هذه المباني لتكون استثمارات تدعم أعمال الجمعية.
• هذا كلام جميل ينفيه الواقع السيئ للتعامل مع المتقاعدين، ويكفي أن أشير إلى عدم وجود أي ميزة للمتقاعد في الخطوط السعودية مثلا، بل الأدهى من ذلك وأمر أن نسبة الفائدة على القروض المقدمة للمتقاعد من كافة البنوك تصل إلى 8 في المائة فيما لاتزيد النسبة على الموظفين عن 4 في المائة في أسوأ الأحوال، فكيف ستعالجون هذا الوضع؟
سنتابع مثل هذه الأمور لاحقا ونحن من ضمن أهدافنا تنمية الثقافة الإنسانية للمجتمع تجاه المتقاعدين من خلال احترامهم وبرهم وتقديرهم ونذكرهم بالحديث النبوي الشريف «ليس منا من لايرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا».
• من الأكثر تضررا من فقدان الميزات الوظيفية المدنيين أم العسكريين؟
الملاحظ أن العسكريين الأكثر تضررا من الإحالة إلى التقاعد من المدنيين خصوصا الضباط في مختلف المناطق والبعض منهم قد يصل حتى إلى رتبة عميد أو لواء أو فريق وليس لديه بيت من كثرة انشغاله لكون السكن يؤمن خلال الخدمة عن طريق المدن العسكرية، كما أنه يفقد العلاوات والبدلات ولا يبقى له إلا الراتب الأساسي إذا أكمل المدة، فيما الإخوة من المدنيين تتاح لهم الفرصة لمزاولة العمل التجاري وخلافه والفرصة لديهم أكبر للبحث عن أعمال ومصادر دخل أخرى.
• رفعتم بدراسة موسعة لزيادة رواتب المتقاعدين إلى مجلس الشورى، فماهي نتائجها المتوقعة؟
طالبنا بإلغاء بند اقتطاع المبلغ المخصص لابن المتقاعد في حال التحاقه بوظيفة، والإبقاء عليه وتقسيمه على بقية الأبناء، كما طالبنا بإيجاد علاوة سنوية للمتقاعدين تختلف عن علاوة غلاء المعيشة التي تتم دراستها حاليا من قبل مجلس الشورى لأن المعاش التقاعدي لم يعد يفي باحتياجات المتقاعد وأسرته في هذا الوقت، خصوصا أن آخر نظام تقاعدي كان قد صدر منذ أكثر من 30 عاما، الأمر الذي يجعله يمثل حقبة قديمة من الزمن، ومازال هناك مجموعة من المتقاعدين يتسلمون رواتبهم وفق نظام التقاعد القديم الذي شهد تعديلات بسيطة، حيث إن المتقاعد قبل 20 عاما ممن كان على المرتبة التاسعة يمنحه النظام الجديد 10 آلاف ريال، في حين لا يتسلم وفق النظام القديم سوى 5 آلاف ريال، إضافة إلى مطالبتنا الجادة بتوفير تأمين صحي للمتقاعدين باعتبار معظمهم من كبار السن.
• بالنسبة للعسكريين. لماذا لم تطبقوا عليهم نظام قدامى المحاربين المعمول به في دول أخرى؟
إدارة شؤون المحاربين القدامى أنشئت في الولايات المتحدة العام 1930 وارتقت إلى مستوى وزارة عام 1989 بتعهد الرئيس لينكولن برعاية من تحمل عبء المعركة ورعاية أرملته وولده اليتيم من خلال خدمة وتكريم الرجال والنساء من المحاربين القدامى في أمريكا. ولا أتذكر أن هذا الموضوع نوقش أو أن له حاجة في بلادنا، وإن كانت الفكرة جيدة إذا درست حسب عاداتنا وتقاليدنا، خصوصا أن لدينا لجنة لرعاية ذوي أسر شهداء الواجب التي أمر الأمير نايف بإنشائها وأعتقد أن تفعيل الفكرة يمكن أن يتم في مناسبة اليوم الوطني بحيث نضم لهم أسر الشهداء الطيارين الذين قضوا في التدريب والعمليات العسكرية ويصل عددهم إلى نحو المائة ونضيف عليهم الأشخاص الأحياء الذين قاتلوا في فلسطين أيضا فيكون اليوم الوطني يوم احتفاء وتذكر بجهود كل من خدموا الوطن.
• لماذا تراجعت عن حماسك لهيئة حقوق الإنسان؟
دخلت حقوق الإنسان من باب الفزعة فكنت أراسل الهيئة عن طريق رئيسها السابق تركي السديري بخطابات وملاحظات واقتراحات فطلب مني تركي الانضمام إلى الهيئة فدخلت وتفرغت فيها وتوليت إدارة المنظمات والعلاقات الدولية، وحضرت ست جلسات في مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف ومازلت على تواصل دائم معهم.
• اقترحت شكلا جديدا للاحتفاء باليوم الوطني. ماهي ملامحه؟
أتمنى أن يشهد اليوم الوطني في قادم الأعوام استعراضات للقوات المسلحة مثل عرض المشاة والدبابات ووسائل الدفاع الجوي وعروض بهلوانية للصقور السعودية بالطائرات بدلا من تحويل اليوم الوطني لإجازة غير مفيدة بالنسبة للأسر ليكون يوما لاستعراض قوة الوطن بحيث يتم في هذا اليوم تكريم من خدموا الوطن من رجال وسيدات في الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ليكون اليوم الوطني أيضا يوم تكريم للمخلصين والمبدعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.