- الرأي - خلود النبهان - جازان : في عالم لا يعرف السكون، هناك شخصيات تأبى أن تكون جزءًا من الظل، فتتقدم بشجاعة لتحفر أسماءها في ذاكرة الإنجازات. عبير طبيقي، ليست مجرد اسم، بل هي قصة ملهمة تروي تفاصيل التحدي، الإصرار، والإنجاز. وُلدت في عالم بلا ألوان، لكنها استطاعت أن ترسم لوحة من الأمل والطموح بفرشاة الإيمان بقدراتها، لتصبح رمزًا للكفاح وقائدة يُحتذى بها بين المكفوفين في المملكة. حينما يخبرنا التاريخ عن أبطال الإلهام، نجد في عبير مثالاً نابضًا للطاقة الإيجابية. لم تكن إعاقتها البصرية عائقًا أمام تحقيق أحلامها، بل كانت دافعًا لرحلة طويلة من التعلم والعطاء، جعلتها تُشكل فارقًا حقيقيًا في حياة الآخرين. البداية: حلم الطفلة يصبح واقع القائدة وُلدت الأستاذة عبير طبيقي كفيفة، لكنها لم تكن ترى في الظلام إلا فرصة للتألق. بعزيمة تفوق سنوات عمرها، أصرّت في السابعة من عمرها على الالتحاق بالتعليم رغم عدم وجود مدارس متخصصة آنذاك في جازان. شقت طريقها مع عائلتها إلى الرياض، ودرست في معهد النور، حيث بدأت فصول قصتها التي تحمل بين طياتها إصرارًا وإبداعًا متجددًا. كانت معلمتها ثريا مصدر إلهامها، إذ زرعت فيها فكرة تأسيس جمعية تخدم المكفوفين. وما إن أكملت دراستها الجامعية، حتى أطلقت مشروع حياتها بتأسيس جمعية الثريا للمكفوفين، التي حملت اسم معلمتها تكريمًا لعطائها. مسيرة مهنية وإنسانية بارزة على مدار مسيرتها، جمعت عبير بين العطاء التعليمي والمجتمعي. بدأت كمعلمة للعوق البصري في مدرسة الحكمة للطفولة المبكرة، حيث لم تكن مجرد ناقلة للمعرفة، بل صانعة للأمل. وفي عام 2015، انضمت إلى جمعية الثريا، حيث وضعت بصمتها المميزة: • نائب رئيس مجلس الإدارة (2015-2020): أسهمت في بناء البنية التحتية للجمعية، تدريب المكفوفين، وتمثيل الجمعية في المحافل الرسمية. • رئيسة مجلس الإدارة (2020-حتى الآن): قادت الجمعية نحو التميز من خلال جلب الدعم، وضع الخطط الاستراتيجية، والمشاركة الإعلامية لنشر قضايا المكفوفين. إنجازات رائدة وشهادات تميز تحولت جمعية الثريا للمكفوفين تحت قيادتها إلى منصة تمكين حقيقية. ومن أبرز إنجازاتها التي عززت مصداقيتها حصولها على شهادة الآيزو للجودة، لتكون ضمن المنظمات الرائدة التي تطبق معايير عالمية تعكس التزامها بتقديم أفضل الخدمات. وقد أسهم هذا الإنجاز في رفع كفاءة الجمعية وإبراز دورها في دعم المكفوفين وتطوير قدراتهم. مبادرات تضيء الطريق ومن أبرز مبادرات الجمعية تحت قيادتها: • برامج التمكين المهني: تدريب المكفوفين على استخدام التقنيات الحديثة ودخول سوق العمل. • تطوير التعليم: تعليم برايل، وتعزيز الثقة بالنفس. • الأنشطة الرياضية: من ركوب الخيل إلى بطولات كرة الهدف. • الدعم الاجتماعي والنفسي: تعزيز دمج المكفوفين في المجتمع عبر فعاليات متنوعة. • المشاركة الدولية: مثل معرض إكسبو لذوي الإعاقة في دبي. وفي حديثها لصحيفة الرأي أن إنجازاتها وتأثيرها الحقيقي في المجتمع. حصول جمعية الثريا على شهادة الآيزو ونجاحاتها المتتالية يعتبران بمثابة شهادة حقيقية على التزامها ونجاح جهودها في تمكين المكفوفين ودمجهم في المجتمع. رسالتها إلى العالم تؤمن الأستاذة عبير أن الإعاقة ليست نهاية الطريق، بل هي بداية رحلة مليئة بالإصرار والأمل. تقول: "نحن جزء لا يتجزأ من المجتمع، وذوو الإعاقة سفراء يحملون رسالة قوة وإبداع. المستقبل أمامنا مشرق بدعم حكومتنا الرشيدة." حكاية لا تنتهي عبير ليست مجرد امرأة كفيفة، بل هي قائدة صنعت الأثر، وقدمت نموذجًا حيًا للإرادة التي تتحدى كل العقبات. إنها مثال على أن النور الحقيقي ينبع من الداخل، وأن كل شخص يمتلك القدرة على صناعة التغيير مهما كانت الظروف. ‹ › ×