إعداد / عثمان حنكيش تصوير / حسين رقواني تحوّل مقر جمعية الثريا الخيرية للمكفوفين بمنطقة جازان إلى قاعات للتحدي وروح المثابرة وتجاوز حدود الظلام ، حين حملت الكفيفات أحلامًا وُلدن بها لرؤية ألوان الزهور ونور الصباح ، فأشرقت تلك الأحلام بداخلهن إصرارًا وعزيمة ، فغدا الظلام دروبًا للكفاح ، خطته الكفيفات على أبجدية برايل وخلية الحروف . وتشهد قاعات الجمعية برامج ودورات للتدريب على طريقة برايل ، في وقت تعزز فيه الجمعية برامجها لخدمة المكفوفين والكفيفات ومساعدتهم ، وتسعى لتوجيههم لحياة جديدة ليكونوا أعضاء فاعلين ومؤثرين في الحراك التنموي اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا . وحين رسمت الجمعية رؤيتها وأهدافها لتكون رافدًا أساسيًا من روافد التنمية الاجتماعية والثقافية والمهنية بمنطقة جازان لتقديم برامج رائدة للكفيف والكفيفة ، كان ثمة كفيفات يرسمن الريادة على دروب الحياة ، ويتحدين عبر سنوات عمرهن عوائق اجتماعية ، وصعوبات الإعاقة ، حتى التقت خطواتهن الطموحة بطموح جمعية الثريا الخيرية . ومنذ سنوات مضت حملت شريفة يحيى معافا التي وُلدت كفيفة بقرية البديع بمحافظة أبوعريش أحلامًا قاسية وهي تسمع صوت العصافير في أرجاء قريتها الزراعية ولا تراها ، وتشم رائحة الطين وعبير النباتات العطرية في الجوار ، دون أن تكون قادرة على معرفة ألوانها ، استمتعت بجمال الصباح القروي الفاتن دون أن تبصر نور الشمس ، حلمت بمقاعد الدراسة لكن بُعد المدرسة عن قريتها حال دون ذلك ، تحدّت تلك المعوقات وتعلّمت حروف اسمها ، فكتبته على الرمل وشكلته بالصلصال ، وحفظت بضع آيات من كتاب الله . وحين زاد الطموح ، التحقت بدار نسائية لتحفيظ القرآن الكريم عبر الهاتف من الرياض ، فأتمت حفظ عشرين جزءًا من كتاب الله ، ثم اتجهت صوب "برايل" فتعلمت وأجادت وأصبحت عضوة فاعلة في جمعية الثريا الخيرية لتقوم بدورها في مساعدة وتعليم الكفيفات ، وهي تحمل في داخلها حلم إتمام حفظ كتاب الله . والتحقت مريم مكي من قرية الشقيري بمحافظة ضمد بجمعية الثريا الخيرية ، لتتعلم القراءة والكتابة بطريقة برايل بعد أن فقدت بصرها قبل سنوات بسبب مرض أصاب عينيها ، وقد كانت مبصرة حتى عمر ال17 ، هنا تتلمس مريم حروف برايل ، وقد امتلأ قلبها رضاً ويقينًا بما كتب الله لها ، وتؤكد أن الطموح لا يختلف بين كون الإنسان مبصرًا أو كفيفًا ، فالطموح كما تراه هو تحديد الهدف ومن ثم السير قدماً لتحقيقه . وفي الوقت الذي كشفت فيه عن طموحها المستقبلي بمشروع لمؤسسة تدريب في مجال تطوير الذات وتطوير القدرات ، كانت تحمل أوراقًا بين يديها حيث اكتملت إجراءات ابتعاثها للدراسات العليا في الولاياتالمتحدةالأمريكية في تخصص القانون ، مؤكدة أنها تعشق التحدي دائمًا . وتتذكر ريام محمد زيلعي أيامها الأولى لتعلّم برايل في معهد النور قبل سنوات مضت ، قبل أن تواصل تعليمها بجدارة لتحصل على الشهادة الجامعية في التربية الخاصة في تخصص صعوبات التعلم ، لتصبح الآن مثالًا متميزًا في مجال التطوع لتدريب الكفيفات على طريقة برايل بجمعية الثريا الخيرية ، حيث تجد متعة كبيرة في مساعدة الفتيات والأخذ بأيديهن لتجاوز حدود الإعاقة إلى فضاء الإبداع . وبينت نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الثريا الخيرية للمكفوفين بمنطقة جازان عبير طبيقي أن الجمعية التي كانت حلمًا لكل كفيف وكفيفة في جازان فيما مضى أصبحت الآن تسير إلى جانب أحلام المكفوفين والكفيفات وتبذل كل الجهد لخدمتهم وتسعى لتحقيق كل ما فيه منفعة وفائدة لهم ، حيث تضم الجمعية كوادر تعليمية لتنمية وتطوير مهارات المكفوفين من الجنسين ، مشيرة إلى أن مقر الجمعية وقاعاتها التدريبية تشهد على المزيد من التحديات لتجاوز حدود الإعاقة. وأكدت أهمية الدور المجتمعي للمؤسسات والقطاعات والأفراد كافة في تعزيز دور الجمعية وأداء رسالتها تجاه المكفوفين من الجنسين ، وخاصة في دمج الكفيف والكفيفة مع المجتمع ، وإنشاء مراكز متخصصة في التشخيص والتدخل المبكر لحالات الإعاقة البصرية ، وفصول متخصصة في رياض الأطفال ، متمنية أن يتم في القريب العاجل إنشاء مقر لجمعية الثريا الخيرية للمكفوفين بمنطقة جازان يكون وفقًا للمواصفات التي تلائم احتياجات هذه الفئة وتسهّل أداء مهام منسوبي الجمعية .