الكل يتمنى أن يكون قويا في دينه وجسده وحجته وأحواله المادية والاجتماعية ويسعى لذلك بكل ما أُتي من قوة وقد أطر القوة في هذا فقط وتجاهل أن القوة ليست في العضلات وفي السعي للكسب فقط إذ حين يهبك الله قوة في المنطق والعقلانية والحلم والصبر والقدرة على التجاوز والتعامل بلباقة وحسن تصرف فقد أوتيت خير كثير. اغلبنا تغلبه نفسه الأمارة بالسوء فيكابر عند وقوعه في الخطأ فيبدأ في البحث عن المبررات والمسوغات التي تنجيه من آثار خطأه فيرفض الاعتراف به رغم يقينه أنه خطأ إما مكابرة أو جهل وهذا هو الضعف الحقيقي حين نتوارى خلف ما يُظن أنه ثقة بالنفس ونصرّ على التمادي في الخطأ وكأننا معصومين منه، القوة والنجاح تظهر في القدرة تبدو في صنع الأعذار دون اللجوء إلى الكذب أو الانتقاص من النفس أو التملص من المواقف المحرجة، صناعة الأعذار فن إذ أن البعض يضطر اضطرارا إلى تقديم اعتذار بعد الحاح الآخرين عليه لقناعتهم بخطأه أو حين تلزمه الجهات الرسمية بالاعتذار كعقوبة ورد اعتبار للشخص المتضرر بعد أن يتقدم بشكوى عليه، صناعة الاعذار ثقافة لا يدركها إلا واثق بنفسه على يقين أن الاعتذار لغة الكبار قدرا ومقاما، فالأحمق المتهور يرى أن اعتذاره عن خطأ وقع فيه يقلل من قيمته وينتقصه أمام الآخر فيرفض الفكرة ويصر على الخطأ بل ويتحامل على المتضرر في قلبا للحقائق وعكس الأحداث بغية الخروج بأقل الخسائر وما علم أن خسائر مكابرته ترتفع ومصداقيته وشفافيته في انحدار، صناعة الأعذار للآخرين والاعتذار منهم قيم إنسانية رائعة للرائعين والرائعين فقط.