يعتقد بعض الناس أن الاعتذار خطأ وأنه سمة من سمات الشخصيات الضعيفة، ويرى هؤلاء أن الإنسان يجب أن يتجنب الاعتذار وإن أخطأ من خلال تقديم أسباب مختلفة وحجج واهية، فالاعتذار بالنسبة لهم ثقافة معيبة وغير مناسبة بل يعتبرونه يمس كرامتهم وكبريائهم، وإن أخطأوا فقد يسمحون بالأوضاع أن تسوء وتتردى ولكن المهم بالنسبة لهم أن لا يعتذروا بل عمد البعض إلى إشاعة مفهوم أن الاعتذار ليس من الرجولة. أمثال هؤلاء لم يفهموا المعنى الحقيقي للاعتذار، فالاعتذار أمر رائع لأن فيه التقدير والاحترام وفيه محاولة التصحيح وتظهر فيه الشجاعة والقوة وليس كما يصف البعض المعتذر بأنه ضعيف لأن من يقدم على الاعتذار يقاوم الكثير من الأحاسيس النفسية ويتغلب عليها بل يتحداها ليعتذر وفي ذلك قوة في الشخصية وإتزان في التفكير وقدرة على مواجهة الأخطاء إذ أن المعتذر له قد لا يقبل اعتذارك ومع ذلك ولأنك قوي بادرت بالاعتذار. ليس علينا فقط أن نعتذر إذا أخطأنا بل علينا أن نربي الأجيال القادمة أيضًا على الاعتذار وأن نعلمهم بأن يبادروا بالاعتذار إن أخطأوا مع التأكيد بأن للاعتذار فنون فقد يعتذر إنسان على خطأ وتكون طريقة اعتذاره سيئة تحتاج أيضا لاعتذار آخر، وقد يعتذر لمن أخطأ في حقه في وقت غير مناسب وقد يلجأ للاعتذار أمام آخرين فيزيد الطين بله فعلى من يعتذر أن يستشعر بصدق في البداية أنه أخطأ وأنه يتحمل مسؤولية خطأه ثم تكون لديه الرغبة الصادقة ليصحح ذلك الخطأ من خلال الاعتذار. كلمة (أنا أعتذر أو أنا آسف) كلمة قد تساعد بشكل كبير في حل العديد من المشكلات من بداياتها كما أنها كلمة تعيننا على السيطرة على كبريائنا والتحكم في تصرفاتنا وإعادة الاحترام والتقدير لمن أخطأنا بحقهم، كما أنها كلمة تبقي الأبواب مفتوحة للإصلاح وتطيب القلوب المجروحة وتساعد في حصر الأضرار التي سببتها بعض الأخطاء بدلاً من تراكمها وتركها تتفاقم إلى حد قد لا يجدي فيها الاعتذار. التشجيع على الاعتذار لا يعني أن نشجع الآخرين أن يكثروا من الأخطاء ثم يعتذروا بل هو للتأكيد بأن في الاعتذار تأكيد للمحبة والاحترام لمن تم الخطأ وتطييب لخاطره وتأكيد للمكانة الكبيرة الموجودة له في حق من أعتذر له وفي نفس الوقت فإن فيها رفع لقدر ومكانة المعتذر وتعزيز ثقته في نفسه وتواضعه وحرصه على إصلاح ذات البين.