أنا اليوم في غاية القناعة والإيمان بأن الله سبحانه، عز في علاه، قد خلق كل كونه الفسيح وبكل ما فيه خلقا متباينا مختلفا، لا في السلوك والطبائع والأعراف والتقاليد فحسب، بل حتى في التركيب الفسيولوجي البيولوجي التشريحي الخالص. أنا مؤمن تماما بأن الله عز وجل لم يخلقنا بكل هذه التباينات والاختلاف الصارخ في لون الجلد وشكل الوجه وحجم الجسد ثم يتركنا سواسية كأسنان المشط في حجم "الدماغ" وطريقة عمله وآلية تفكيره وقدرته على الابتكار والإبداع والمنافسة، وكأنه سبحانه وتعالى -واعتذر على التشبيه- قد خلق فينا كل هذه التناقضات والتباينات في بناء أجسامنا البيولوجية، إلا من "الأدمغة" التي خلقها نسخا من بعضها البعض ليضعها وسط "الجمجمة" في آخر لحظة. هذا الفهم الخاطئ لملكوت الله يعني أن "دماغ" الإنسان في قلب أفريقيا نسخة كربونية من دماغ الألماني، وأن دماغ ابن جنوب جزيرة العرب هو بالتركيب الفسيولوجي البيولوجي التشريحي ذاته لدماغ من خلقه الله سويدياً يعيش في إسكندنافيا. جملة الاختصار: لا يمكن أن نكون بهذا التباين في الشكل والحجم واللون ثم نكون نسخا متطابقة في حجم الدماغ وأداء وظيفته. خذ مثلا هذه المقاربة لتبسيط الفكرة: تنتج شركة "تويوتا" على كل خطوط مصانعها حول العالم 25 اسماً من أنواع السيارات، بدءا من "التوب" في سيارة "اللكزس" حتى الأدنى في السيارة الشعبية "يارس". مثلها تنتج "GMC" واحدا وعشرين نوعا مختلفا من الأعلى الأعقد حتى الأدنى الرخيص البسيط، فهل يظن أحدكم للحظة أو ثانية واحدة أن كل هذه الأصناف من السيارات "أشكال" وأجرام وهياكل مختلفة ولكنها كلها وبلا استثناء بذات "الماطور" الدماغ، بغض البصر عن شكل ونوع المركبة. باختصار واضح صريح ومباشر: لا يمكن لك القول بأن التوصيف البيولوجي الفسيولوجي التشريحي لدماغ الياباني هو نفسه بالوصف ذاته لدماغ السيرلانكي، وأن حجم الدماغ وآلية وظائفه البيولوجية للسويدي هي ذاتها لدماغ مخلوق في مدغشقر. سترد علي بالنظرية البليدة التي تقول إننا لو أخذنا طفلا من "موزمبيق" لينشأ في بيئة "ألمانية" فإنه بالحتم والمصير سيكون دماغا متفوقا مبتكرا. هذه نظرية نسبية يدحضها فشل الأجيال الرابعة والخامسة التي تعيش في المحاضن الأوروبية في المنافسة داخل تلك الثقافة الأوروبية المتطورة. والخلاصة أننا عالم كرة أرضية واحدة ننقسم اليوم إلى بضعة عوالم في شكل الجلد ولون البشرة وحجم البنية وأيضاً في الحجم الفسيولوجي البيولوجي لقدرة الدماغ ووظائفه الطبيعية الخالصة. هذه هي الحقيقة الخالصة.