نشأت الأسواق الشعبية في منطقة الباحة شأنها في ذلك شأن مختلف الأسواق الشعبية في المملكة وفي ظل نظام قبلي تحرص فيه كل قبيلة على إنشاء سوق على بقعة من أراضيها . وقد تعددت الأسواق بالمنطقة في مختلف قطاعاتها بالسراة وتهامة والبادية حيث بلغ عددها أكثر من عشرين سوق توزعت في مختلف أيام الأسبوع، فقد كان السوق يوم السبت يشمل كلا من محافظتي بلجرشي والمندق وقرى الغشامرة والنقعاء والرومي والجرداء ويوم الأحد كان لقرى رغدان وبني كبير ووادي نيرة ووادي دوقة والحجرة ويوم الاثنين لقرى بني سالم وغامد الزناد ووادي يبس وربوع الصفح ويوم الثلاثاء كان لمحافظة قلوة ولقرى الحميد والظفير وآل نعمة والأربعاء لمحافظتي القرى والمخواة وربوع قريش وربوع الصفح فيما كان سوق الخميس لمدينة الباحة وقريتي برحرح والشعراء والجمعة لمحافظة العقيق . ويعد السبب الرئيسي في تعدد الأسواق للتنافس القبلي حيث لم يقتصر التنافس فقط على إنشاء كل قبيلة سوقا على أرضها وإنما تعدى ذلك التنافس لجذب المرتادين الذين يمثلون قوة البيع والشراء مع الأخذ في الاعتبار الظروف الطبيعية الصعبة ووسائل النقل التقليدية التي كانت من أسباب تعدد الأسواق الأسبوعية في منطقة الباحة . ويعتبر قيام الأسواق الأسبوعية مناسبا لطبيعة المجتمع في المنطقة حيث كان يتيح للمزارع والراعي أن يختار السوق الذي يشاء في أي يوم حسب ما يسمح له وقته الذي يقضي معظمة في الزراعة والرعي، وكانت بعض احتياجات المزارع لا توجد إلا في سوق محدد فضلا عن أن بضاعته لا يستوعبها إلا سوق واحد في ظل السيطرة القبلية التي كانت سائدة قبل توحيد المملكة . وكان يخضع موقع اختيار السوق لشروط معينة يأتي في مقدمتها الناحية الأمنية إذ يقع السوق في الغالب في قرية تتوسط أراضي القبيلة وفي موقع يمكن مراقبته والدفاع عنه ويسهل الوصول إليه من المرتادين، ويعود السبب في وجود مثل هذه الشروط للصراعات القبلية التي كانت سائدة في ذلك الوقت وهي شروط احترازية فقط لأن الأسواق الأسبوعية في منطقة الباحة كانت محمية بشكل عام من خلال وثائق للأسواق تعرف بعقود السوق حيث أن القبيلة مسئولة عن كل فرد يفد إلى السوق لمدة ثلاثة أيام بحيث يكون فيها الوافد آمنا حتى لو كان لأحد عنده ثأر لأن عقوبة من يعتدي على أحد في السوق أو في طريقة منه أو إليه صارمة . // يتبع // 1005 ت م