ثقافي / النشرة الثقافية لوكالة الأنباء البحرينية .. إصدارات بحرينية تجسد حيوية الساحة الثقافية والفكرية والأدبية / إضافة أولى في العام 1989-7 يونيو، كان قد تلقى الخان رسالة شكر خطية من المغفور له بإذن الله تعالى الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، على الجهد الذي بذله في تقرير مصور كان قد أعده عن «مدرسة الهداية الخليفية» وآخر عن «سوق المحرق» ليأتي هذا الكتاب الضخم «المحرق .. وردة البحر» ليتوج سيرة الاشتغال والعمل التوثيقي لهذه الجزيرة الكبيرة في موروثها الثقافي والاجتماعي، بدءاً من أمكنتها وبيوتها وما بقي من السيرة، مروراً بالمقاهي الشعبية وأحاديث الشاي، ومصايف المحرق والمهن والحرف التي امتهنها أبناء جزيرة الماء، وصولاً لمراحل تشكل الوعي والتعليم وبناء المعرفة، والعادات والأزياء والأنتيك، وحواضن الموسيقى والفنون الشعبية وناس النخيل ورائحة اللوز وغيرها من الموضوعات. كان هناك اتفاق غير مكتوب - يقول الروائي وكاتب السيرة حسين المحروس - بيننا على مشروع «ذاكرة البحرين البصرية»، ثمّ صار هذا الاسم مستخدما في الكلام على مشاريعنا المشتركة. بدأنا في العام 2005م للإعداد للكتاب الذي كان بداية لمعرفتي بشيء من سيرة الخان أيضاً، معرفة المكان الذي نشأ فيه، والمكان أوّل السيرة! بدأنا من صور والده عن المحرق، أي من العام 1945، وظلّ الكتاب مفتوحا على الجديد حتى قبل طباعته عام 2007 بأيام. كلما ظننت أنّي انتهيت تلقيت اتصالا من الخان: حسين عندي صور مهمة للكتاب.. عندي صور جديدة! وكانت كلّ صورة تعني الكتابة حولها، وتفاصيل الأسماء وترجمة مادتها للإنجليزية والفرنسية. فلما انتهينا وضع الشاعر قاسم حداد عنوانه وقدم اقتراحات مهمّة ومعلومات. ما زال حداد يساند هذا المشروع ولا ينسى. استغرق العمل في الكتاب عامين تطورت خلالهما علاقتي بالخان، تجاوزنا الكثير من العقبات، ومعها تطورت رؤيتنا لمشروع «ذاكرة البحرين البصرية»، وتبلور معه فريق رائع للعمل. ترجمته للإنجليزية فاطمة الحلواجي وللفرنسية السفارة الفرنسية، وساهم الدكتور محمد الخزاعي في الترجمة للغتين أيضاً. وضمن مشروع «نقل المعارف» لهيئة الثقافة, كتاب «تَفَكَّرْ» يحكي قصة سقراط الذي لم يتفاخر بمعرفته بل بمحدوديتها. «المعرفة، العقل، الحقيقة، الفكر، الحرية، المصير، الهوية، الخير، العدل» هي دوائر تفكر، يمكنها أن تختصر فهم الطبيعة التي يتشكل من خلالها العالم. مسارات اشتغال فكري يقترحها الفيلسوف والأكاديمي البريطاني سايمون بلاكبرن في كتابه« تَفَكَّرْ ...مدخل أخّاذ إلى الفلسفة»، الصادر عن هيئة البحرين للثقافة والآثار، ضمن مشروعها «نقل المعارف» الذي أطلقته مؤخراً وجعلت من الترجمة أحد أنشطته, حيث يتحدث سايمون عن محاولته طرح سبيل التفكير فيما يصفه بالمسائل الكبرى، وعرض سلسلة من مقولات لعدد من المفكرين في خصوصها، كي يتسنى للقارئ فهم واستيعاب هذا الكتاب. إذ تحمل مفردة «الفلسفة» دلالات غير مناسبة في وجهة نظره، كما إنها غير عملية، ولا تهم عالمنا، وغريبة أيضاً, مستشعراً لحظة الحرج التي يمكنها أن تمر بالفلاسفة وطلابهم عندما يوجه لهم سؤال عن جدوى وفاعلية ما يقومون به، مفضلاً وبصفة شخصية أن يقدم نفسه بأنه من بين ممارسي هندسة المفاهيم بدل الفيلسوف. ليضيف بأن المهندس يعمد في اشتغالاته إلى دراسة بنية الأشياء المادية، وكذلك الحال بالنسبة للفيلسوف فإنه يدرس بنية الفكر. ويتضمن فهم البنية بحسب سايمون، الدراية بالكيفية التي تعمل بها الأجزاء وترتبط فيها، أي معرفة ما سوف يحدث في مختلف الظروف حال إجراء تغييرات بعينها، هذا ما نسعى إلى القيام به حين نتقصى البنى التي تشكل رويتنا للعالم, لينتقل بعدها لصياغة جملة من الأسئلة المتشظية التي طوقها سايمون بسؤال «فيم سنتفكر؟» لترتكز في مسار سؤال الذات، من أنا؟ ما الوعي؟ هل يمكننا البقاء بعد فناء الجسد؟ هل في وسعنا أن نتيقن من أن خبرات الآخرين وأحاسيسهم تشبه خبرتنا وآحاسيسنا؟ إلى ما لا نهاية من تلك الأسئلة. الغريب، يقول سايمون: في أنها لا تبدو من الوهلة الأولى مربكة فحسب، بل تتحدى عمليات الحل البسيطة، مستدركاً ذلك، بالقول: إذا سألني شخص متى يبلغ المد والجزر أوجهما، أعرف كيف أبدأ في الإجابة، إذ ثمة جداول دقيقة للمد و الجزر في وسعي الرجوع إليها، وقد أعرف على وجه التقريب كيفية إعدادها. وحتى إذا فشلت في ذلك - يقول سايمون - فإنني أستطيع أن أقيس مد البحر وجره بنفسي، فذلك كله مرهون بالخبرة، كما إن تلك الأسئلة يمكن حسمها عبر إجراءات متفق عليها، تتضمن البحث والنظر، والقيام بقياسات، وتطبيق قواعد سبق اختبارها بالخبرة, ذلك، بعكس الأسئلة الأخرة، التي تستوجب التفكر، لأننا وباختصار لا نعرف أين نبحث، بل قد نشعر أننا لا نعرف تماماً ما نعنيه رغم أننا من صاغها وطرحها, إذاً، ما الذي يثير مثل هذه الأسئلة المحيرة؟ - يسأل سايمون - ويجيب بكلمة واحدة، إنه التأمل الذاتي، فلدى الكائنات البشرية قدرة لا تكل على التأمل في ذاتها. فقد يقومون بشيء بسبب العادة، لكنهم يستطيعون وبكل بساطة الشروع في التأمل في هذه العادة, أي أن البشر يستطيعون بشكل اعتيادي التفكير في الأشياء ثم تذبر ما يفكرون فيه، لكن كيف يتسنى لنا اكتساب مهارات التفكر؟ إذا يمكن القيام بهذه العملية بطريقة جيدة ورديئة في آن، وبشكل بارع أو خارق, التفكر، هنا لا يمكن اختزال فاعليته من خلال اكتساب مجموعة من المعارف - كما يرى سايمون - بل هو أشبه بعزف البيانو بطريقة بارعة، إنها «معرفة الكيفية» إذن، لا «معرفة المعلومات». وفي هذا السياق، يستحضر سايمون الفيلسوف سقراط في محاوراته لأفلاطون، ذاهباً بالقول: إن سقراط لم يتفاخر بمقدار معرفته، بل كان يتباهى بأنه الوحيد الذي كان يعرف محدودية معارفه، وفي هذا شيء من حكمة التفكر في ضعف مزاعم الآخرين بالمعرفة. هل وصل النقد الأدبي إلى طريق مسدود؟ : «الهوية والسرد» كتاب جديد صادر عن (دار الفراشة للنشر والتوزيع)، في هذا الكتاب يضع أستاذ الدراسات الثقافية بجامعة البحرين الدكتور نادر كاظم، مشارط سؤاله... في مسارات الحركة النقدية ومآلاتها «هل وصل النقد إلى طريق مسدود؟» لينتهي بإجابة الواثق في أن تكون إجابة السؤال «نعم». «نعم» يقول إذا ارتضى النقد طبيعته السائدة اليوم، الطبيعة اللامبالية - كما يصفها الدكتور نادر - والغارقة في جمالية مفرطة ونصوصية معممة. مضيفاً بأن هذا النقد، قد يكون جيد الصياغة والتصميم إلا إنه عديم الجدوى ولا يكاد يقول شيئا ذا مغزى. مشيرا إلى أن المفكّر ومنظر النقد والدراسات الثقافيّة والباحث في علم الاجتماع البريطاني ستيوارت هول، سبق وأن وجه نقداً قاسياً لما آلت إليه الدراسات الثقافية في الأكاديميا الأمريكية على وجه الخصوص. وانه قد اشار إلى وجود ما اسماه ب «الطوفان التفكيكي الشكلاني» الذي اجتاح الداراسات الأدبية والنقدية والدراسات الثقافية على حد سواء, لينتهي الدكتور كاظم إلى ان النقد الثقافي هو نقد مشاكس لمفاهيم «براءة الأشياء» وبداهة الحس المشترك، بل هو محاولة للكشف عن الأصل غير البريء في النصوص والخطابات والممارسات والأشياء، وإدراك أن ما هو مألوف وطبيعي ليس أكثر من «تشييد تاريخي وثقافي» و«تطبيع» تقوده الأجهزة المادية والأديولوجية في المجتمع. وهو أيضاً ما انتهى اليه ستيوارت هول، وهو أن النقد الثقافي أصبح أكثر قدرة على التكلم - بحسب توصيفه -وبطلاقة عن السلطة السياسية، والعرق، والجندر، والخضوع، والهيمنة، والإقصاء، والهامشية، والآخرية ...الخ, وأن الخط الذي يتهدد الأدب والفن والنقد والمعرفة بشكل عام، عائد لما أسماه جان بودريار ب «االسيرورة العامة لتواطؤ الفن مع الخواء»، فقد قام أصحاب هذا التواطؤ - يقول الدكتور نادر - ب «بدفع الناس إلى الاعتقاد في القيمة الأساسية للتفاهة» التي ينطوي عليها ذلك الفن الذي لا يقول شيئا عن الخارج ولا يتحدث سوى عن ذاته النرجسية، وذلك بحجة أن «الفن لا يمكن أن يكون تافها إلى هذا الحد، وأنه لابد أن يكون هناك لغزا وراء التفاهة». «الضفة الثالثة للنهر» قصص من أمريكا اللاتينية: هو عنوان الكتاب الذي صدر ضمن مشروع النشر المشترك فيما بين أسرة الأدباء والكتاب وهيئة شؤون الإعلام، كتاب قام بترجمته عضو أسرة الأدباء القاص والمترجم مهدي عبدالله، وقد اشتمل على إحدى وعشرين قصة لنخبة من أبرز أدباء تلك القارة في القرن العشرين, كان من بينهم الأديب الكولومبي جابريل جارسيا ماركيز، وهو أحد أبرز الروائيين العالميين، حيث يعتبره كثير من النقاد بالروائي الأول في القرن العشرين، ترجم له «يوم من هذه الأيام»، «أحد ما كان يبعثر هذه الورود»، «مرارة لثلاثة سائرين نائمين». كما ترجم لماريوم فارجاس يوسا وهو واحداً من أربعة كتاب بارزين حققوا ما عرف بازدهار الرواية في أمريكا اللاتينية، قصة «التحدي»، وللقاص الكولومبي هرناندوتيليز «مجرد رغوة.. ذلك كل ما في الأمر»، وللكوبي نوربرتوفونتس ترجم «تطهير الشرف»، وللبرازيلي جورجي أمادو ترجم «العرق»، و«الضفة الثالثة للنهر» قصة لجاوجيمريس روسا، وللبوهيمي الكوبي فرجيليو بينيرا ترجم قصة «لحم»، «دفء الأشياء» لنليدا بينون. يذكر بأن هذا الكتاب يأتي بعد إصدار الجزء الأول من «قصص مختارة من الأدب العالمي» في عام 2002م، ثم الجزء الثاني في عام 2006 تلاهما «قصص قصيرة من الأدب الأمريكي الحديث» وفي عام 2011 في خطوة لتعزيز الاطلاع على القصص الأجنبية والاهتمام بها. // يتبع // 15:07ت م
ثقافي / النشرة الثقافية لوكالة الأنباء البحرينية .. إصدارات بحرينية تجسد حيوية الساحة الثقافية والفكرية والأدبية / إضافة ثانية التجربة النسوية في منطقة الخليج .. وحكاية افتتاح أول مدرسة نظامية للبنات في البحرين . الكاتب والناقد الأكاديمي الدكتور فهد حسين، المتخصص في النقد النصوصي والدراسات الثقافية، وأمين عام أسرة الأدباء والكتاب في البحرين، أخذ على عاتقه التصدي بالقراءة النقدية والسيسيولوجية لموضوع النسوية feminism في الخليج العربي مع التركيز على الحركة النسوية في البحرين. من خلال كتابه الصادر عن هيئة البحرين للثقافة والآثار بعيداً عن الظلّ.. التجربة النسوية في منطقة الخليج العربية. صيغة عنونة الكتاب تشي، بحالة التحول والانتقال بالنسبة للمرأة الخليجية بعيداً عن الظلّ لتدلل محمولات تلك الصيغة، على تلك الحركة والتغير في مفاهيم النسوية feminism movement بالنسبة لها، فنجده يتحدث عن المرأة خلال السياقات التاريخية، التي عاشتها المرأة الخليجية ككيان يتكامل بأشكال شتى مع المرأة العربية، عبر ما أسماه بالعصور، مبتدئاً بما عاشته المرأة قبل الإسلام، وفي ظل الإسلام، وعصر النهضة، ليرسم عدد من التمفصلات الرئيسة، التي كان لها الأثر في تشكيل واقع المرأة. ليبدأ بعدها بقراءة تحليلية لواقع المرأة في الثقافة العربية، ولينتقل بعدها للحديث عن تلك الممارسات الذكورية التي أكسبت الرجل حق أحادية اتخاذ القرار والمصير، في كل ما يخص المرأة، سواء كانت بنتاً، زوجة، أو أماً. منتقلاً بعدها للحديث عن المرأة العربية وإشكاليات خُلقت ربما كردة فعل للخلاص من واقعها، لتقع في شرك التمركز حول الذات, مشيراً إلى أن كل الصيغ الذكورية وأفعال الهيمنة هذه، التي هي في الأساس مصدر معاناة المرأة، وقلقها، وتهميشها، أصبحت الآن بمثابة الأدوات التي تتوسلها لفرض وجودها، لتمارس ضغطاً مماثلاً على الرجل، من خلال محاولة معادلة مفاهيم الصراع، والانتقال به من المطالبة بالحقوق داخل الأسرة، وخارجها، إلى صراع يرتكز في سلوكه إلى كل أفعال الإقصاء والمزاحمة في كل شيء. لتخوض غمار تحييد بعض المفاهيم وإزاحتها عن مضامينها، كمسألة الذكورة والأنوثة لتجنح بعض النسويات إلى تفكيك تلك المفاهيم، لتبدأ بإسقاط حاجتها الجسدية والجنسية، شاطبة الرجل من قاموسها، لتبدأ في تأسيس ثقافة المثلية، وليقابلها الرجل بالمثل، مشيراً - وهنا أتحدث عن فهد حسين - إلى أن تمركز الرجل حول ذاته و تمركز المرأة حول ذاتها، سيسقط كل ما من شأنه أن يجعل الحياة سليمة، مستشهداً بما أورده محمد محفوظ في كتابه الإسلام - الغرب وحوار المستقبل بأن خيارات النهوض وتجاوز المآزق الراهنة لا تتم إلا على قاعدة الانسجام والانبثاق من الهوية والذات الحضارية، مؤكداً في هذا السياق على أن مسيرة الحياة والمجتمع والإنسان لا تستمر إلا إذا الغي هذا الصراع، وأسقطت فكرة الانحياز لمركزية الرجل على حساب المرأة والعكس. ينهض كتاب فهد حسين بعيداً عن الظلّ.. التجربة النسوية في منطقة الخليج العربية على ثلاثة مفاصل أساسية: الأول هو المرأة والتعليم في المجتمع الخليجي والذي يتفرع عنه أيضاً مفصلين، يتضمن كل واحد منهم على ثلاثة حقول، كان المفصل الفرعي الأول قد خصصه الكاتب ل التعليم الأهلي متناولاً بالدراسة أثر الكتاتيب والحوزات الدينية وحلقات الذكر والمدارس الأهلية على المرأة الخليجية. ليتحدث عن مجمل الإشكالات التي عاشتها المرأة بشكل عام والخليجية بشكل خاص، بأنها كانت نتاج نسق مهيمن جاهل وفقير، وهي في نظر الكاتب عناصر أساسية للتخلف، سارداً جملة من السياقات التاريخية التي عارضت فكرة تعليم المرأة، مستندة في موقفها هذا على تشكل نوع من التحالف فيما بين التقاليد والعادات الاجتماعية التي تستمد قوتها من جاهلية النظرة للمرأة، وبين الفهم القاصر للدين. فالموقف لدينا هو الموقف في الغرب لا شيء مختلف، لهذا أشار الكاتب إلى ما أورده جوان لوي فيف من اعتراضه على الشرائع السماوية التي تنص على تعليم المرأة وتثقيفها في كتابه تعليم المرأة المسيحية، ليذهب بالقول: وهنا الحديث لجوان لا يليق بالمرأة أن تدير مدرسة، ولا أن تعيش وسط الرجال، ولا أن تتحدث بالخارج، ولا أن تنفض عنها حياءها وصدقها لتكون الغلبة لسيادة مثل هذه الأطروحات، لهذا كانت لغة التطرف حول تعليم المرأة متماثلة هنا وهناك، ليكون الدور بعدها للحراك الثقافي التنويري الذي قاده عدد من المثقفين كرفاعة الطهطاوي وقاسم أمين وطه حسين، وهدى شعراوي وملك ناصف، لتنصب جميع اشتغالاتهم على محاولة تكريس الوعي والإيمان بدور التعليم في تغيير نظرة المجتمع تجاه المرأة، وتأصيل مبدأ حق التعليم للمرأة. «سيّد الخسارات» رواية للكاتبة البحرينية فاطمة العمار : صدرت عن الدار العربية للعلوم ناشرون, في الحوارات التي يقدمها النص الروائي، عبر صوت واحد، هو صوت السارد العارف بالجوهر الحقيقي للشخصيات السردية المتعددة، بدءاً ب «عبد العليم» الأستاذ الجامعي في قسم الأحياء (كلية العلوم)، وزوجته «لمياء» التي لا تُخيب توقعاته؛ المرأة التي تفهم ما لا يريد زوجها وما يريد، في مقابل زوج يفهمها ولكن دون أن يحبها, زوجان عرفا كيف يحافظان على الصورة المثالية للزواج، بينما هما في الحقيقة يعيشان كلٌ في عالِمه الخاص وخيالاته عن الشريك. أما «علي» و«سيرين» فعلاقتهما مشوشة، تبدو المرأة في هذه العلاقة أقوى، فهي تضع الرجل في امتحان دائم، يخاف من فقدانها، ليصل معها «علي» إلى قناعة أن هناك نسختين من «سيرين»، نسخة يحبّها ويعشقها، ونسخة أخرى لا تُحتمل تجعله يحذر منها، ويفضلّ أن يُبقي على مسافة ما. وفي المقابل هناك شخصيات تسعى في بحثٍ دؤوب لخلق فرصها في الحياة، «سلمان» في صراع الديكة، «ابتسام» إذ تخبز حزنها في الكعك، و«فريال» في هوسها وملاحقتها لروائح العطور. «وقت ليس لي» مجموعة قصصية لأمل عبدالوهاب: كتاب صدر عن دار مسعى للنشر، وهو عبارة عن مجموعة قصص قصيرة عكفت الكاتبة لبحرينية أمل عبدالوهاب على كتابتها في منتصف الثمانيات وأواخر التسعينيات. لتشكل التجربة محافظة على نتاج كاتبة بحرينية تمتاز بلغة شعرية وبحالة سردية متفوقة على مستوى البناء والحبكة. مما دفع الكاتب والروائي البحريني عبدالله خليفة للكتابة عنها بأن « أسلوب أمل عبدالوهاب يعتمد على التجربة الشخصية الحميمة. إنها تمتلك المميزات الرئيسية للقصة القصيرة من حيث خلق حدث شبه متماسك وشخصيات في أول نموها الفني قهي لا تقوم بإلغاء الحدث والشخصية وتحويل القصة إلى مجموعة من الخواطر المتناثرة والتداعيات غير المترابطة، بل تحافظ على القسمات الهامة للقصة دون أن تبدأ من التقليدية المحضة, فغالباً ما يكون السرد هو مفتاح القصة لديها، وهو سرد جميل له ظلال وإيحاءات، وفيه رشاقة، ولا تنساق في السرد بل تطوره عبر استخدام الحوار السريع المعبر الذي يضيف الجديد للحدث. إضافة إلى ذلك فان استخدام التداعي يغني الحدث كذلك ويكشف عن جوانب جديدة في الشخصية. ويمضي الحدث ليطرح معاناة إنسانية محددة، وغالبا ما تكون هذه المعاناة منقولة من الواقع، أي لها تجسداتها الفعلية، فقصصها قطع من الحياة اليومية ومن ملاحظاتها وتجاربها». وفي هذا السياق كتب الناقد النصوصي الدكتور فهد حسين عن التجربة وتحت عنوان « الإمساك بخيوط الكتابة القصصية» بأن كثير من يكتبون يوميًا، وقليلون من يقرأون، وعدد من هؤلاء لديه موهبة. وإذا كانت قنوات التواصل فيما سبق قليلة وبسيطة مقتصرة على النشر في الصحافة أو الدوريات أو عبر اللقاءات، فإن التواصل اليوم والنشر بات متاحًا للجميع من دون استثناء طالما الشبكة العنكبوتية فاتحة ذراعيها للاستقبال، هكذا راجت الرغبات الجارفة لدى الكثيرين لينخرطوا في عالم الكتابة، بل شجعتهم هذه الشبكة أن يتوجوا ما ينشرونه عبرها في إصدار ورقي ليكون لهم اسم ساطع ومعروف، في الوقت الذي لا تمانع دور النشر - بالطبع ليس كلها - من تلقي هذه النتاجات ونشرها. ولكن هناك أعدادًا أخرى من الذين لهم تجاربهم الإبداعية في الكتابة سردًا أو شعرًا، يراجعون أنفسهم مرات عديدة حينما ينوون الإقدام على النشر والإصدار الورقي خوفًا من المسئولية الأدبية تجاه القارئ والكلمة التي يكتبونها، وترددًا بأن ما لديهم من تجربة ربما لا تمثل المستوى المطلوب فنيًا وتناولاً ولغة وشكلاً، ومن هؤلاء الذين يترددون كثيرًا الكاتبة أمل عبدالوهاب التي تبرعمت ملامح موهبتها في الكتابة السردية وهي في بداية العشرينات من عمرها، حيث بدأت تكتب القصة القصيرة وتنشرها في الصحف المحلية ثم المواقع الإلكترونية بعقد الثمانينيات من القرن الماضي. // يتبع // 15:07ت م
ثقافي / النشرة الثقافية لوكالة الأنباء البحرينية .. إصدارات بحرينية تجسد حيوية الساحة الثقافية والفكرية والأدبية / إضافة ثالثة واخيرة "خارج الجماعة" إصدار جديد لنادر كاظم أستاذ الدراسات الثقافية بجامعة البحرين, كتاب ينتصر لفكرة الدولة، ويناقش بالبحث قضايا الفرد والانتماء وتمزّقه بين متطلبات الألتزام بالإنتماء للدولة ومطالب الجماعات، والتي تعد واحدة من الإشكاليات الأساسية في سياقات وموضوعات التعددية الثقافية، وهي من القضايا الملحة في هذه المنطقة من العالم. يتناول د.نادر كاظم هذه القضايا من منطلق إشكالي هذه المرة، وذلك في كتابه الذي صدر حديثاً عن "دار سؤال" في بيروت "خارج الجماعة: عن الفرد والدولة والتعددية الثقافية". ويبدو أن مهمة هذا الكتاب تتمثل، إضافة إلى بسط النقاش المفتوح حول هذه القضايا من كل جوانبها، في مقاومة ضرب عنيد من ضروب الاختزال كما يذهب الكتاب، وهو اختزال الإنسان في انتمائه الجماعي وهويته الثقافية التي يجري تصويرها على أنها قدر المرء الحتمي ومصيره الذي لا مهرب له منه. وقد سبق لنادر كاظم أن تناول مسألة التعددية الثقافية في أكثر من كتاب من كتبه الأخيرة بما هي وصفة سياسية واجتماعية تضمن التعايش السمح داخل المجتمعات التعددية، إلا أنه في هذا الكتاب يتناول الآثار الجانبية السلبية التي قد تتسبب فيها التعددية الثقافية، ويركّز الكتاب على دور التعددية الثقافية في تعميق انتماء الأفراد إلى جماعتهم، الأمر الذي يمكّن الجماعات من الهيمنة على أفرادها والتعامل معهم كممتلكات خاصة، وهذا يقود إلى ما يسميه الكتاب ب"الجماعيّة القمعية"، وفي هذه الحالة لا يصبح انتماء الفرد لجماعة ما مجرد خيار متاح بحرية أمام الأفراد، بل واجب على الجميع الالتزام به، وعلى الجماعة عدم التهاون تجاهه. والكتاب بهذا المعنى يعترف بقيمة الانتماء وحق الأفراد في الانتماء إلى الجماعة، وهذا على خلاف ما يذهب إليه كثير من أطياف الحداثيين من القوميين (الذين يتعاملون مع الانتماء إلى جماعة فرعية على أنه تمزيق لوحدة الأمة، وتقسيم للمجتمع، وتشجيع التعصّب والتخندق الطائفي، والخروج على الإجماع القومي) والتقدميين والطليعيين. ينطوي الكتاب على مقاربة تأصيلية وتأملية في قضية التعددية الثقافية، وما تنطوي عليه من تقدير ضمني تجاه الجماعة وتجاه الهوية الثقافية أو الإثنية. إلا أن الكتاب ينطوي كذلك على نقد صريح للتعددية الثقافية والجماعيّة القمعية التي تهدّد باختزال الإنسان، وتقليص وجوده إلى كونه مجرد عضو في جماعة من الجماعات، بحيث يكون انتماؤه الثقافي أو الإثني هو عنوان هويته المفردة، ومحور وجوده كله. إن مقاومة هذا النوع من الاختزال هي موضوع هذا الكتاب.