إعداد : فهد الطريف - تصوير : أحمد الجروان يلفت نظر الزائر لمنطقة الجوف في شمال المملكة تلك الصحاري المحيطة بها التي تتميز هذه الأيام بربيعها الخلاب المصاحب له ظهور زهور الخزامى التي يطلق عليها "اللافندر"، وتعرف بلونها البنفسجي الجميل وعطرها الفوّاح الذي نشر في المكان عبق الزهور، جاذبًا الزوار من محبي التنزه والتخييم، لاسيما مع اقتراب إجازة الربيع الأسبوع المقبل. وتكتسي الأماكن المحيطة بمنطقة الجوف بغطاء كثيف من النباتات البرية التي نبتت بعد سقوط الأمطار على المنطقة خلال فصل الشتاء، وأضحت الآن أرضًا خصبة لرعي الأغنام، واشتهر من هذه النباتات زهرة الخزامى، وغيرها من الزهور العطرية. وتعرف الخزامى بلون زهرها البنفسجي وأوراقها الصغيرة الخضراء، وتغطي مساحات شاسعة من براري منطقة الجوف، راسمة لوحة بديعة من وحي الطبيعة يصعب على الإنسان اختزال منظرها الجاذب للعين، فضلا عن رائحتها العطرية الفواحة التي تدخل السرور إلى أهالي مدينة سكاكا الذين تزوّدهم الرياح الشرقية الخفيفة بعطرها الأخاذ. والزيت العطر في زهور الخزامى مهم من الناحية التجارية ، خصوصاً أنه يستعمل كثيراً في صناعة العطور ، وبشكل اقل في صناعة الأدوية أو المعالجة، والرائحة اللطيفة العطرية توجد في الزهر وفي كل أجزاء الشجيرة. ولقد تغنى العديد من الشعراء بزهرة الخزامى، فقال الشاعر عبيدة بن الأبرص "وَرِيحِ خُزَامَى في مَذانِبِ رَوْضَةٍ.. جَلا دِمْنَها سارٍ منَ المُزْنِ هَطّالُ "، بينما قال امرؤ القيس " كأن المُدامَ صَوْبَ الغَمام.. ورِيحَ الخُزامَى ونَشْرَ القُطُر"، وقال الحطيئة " تَضَوَّعُ رَيّاها إذا جئتَ طارِقاً كَرِيحِ.. الخُزامَى في نبات الخَلَى النَّدِي " أما الشاعر عنترة بن شداد فقال "وريحُ الخُزَامى يُذَكِّرُ أنْفي.. نَسيم عَذَارَى وذَاتَ الأَيادي". وإلى جانب ماذكر سابقًا، فإن منطقة الجوف تشتهر بعدّة عناصر تعزز من مكانتها في خارطة السياحة الوطنية، ويأتي في مقدّمة هذه العناصر غناها بالمعالم الأثريّة التي تعبر معالمها عن عصر الخلفاء الراشدين، بالإضافة إلى تراث المنطقة وما يحمل من عراقة وأصالة تميّز بها أهالي الجوف، فضلا عن النهضة الزراعية التي شهدتها الجوف وجعلتها تتفوق في زراعة أجود أنواع شجر الزيتون الحائز إنتاجه على جائزة الجودة الأوروبيّة.