لم يتغير حال المواطن“صابر” منذ آخر تعداد هطلت به أسئلة الموظف على رأسه كجلاميد صخر حطها السيل من عل. ورغم صدق أجوبته التي كان مخلصا تمامافي سردها آنذاك، إلا أنه لا يزال ينتظر بعد كل هذه السنوات ما قد يحدث أو ما وعدوه به أن يحدث. أخبرهم أن اسمه صابر.. أو هكذا تمنى والده أن يكون حين ولادته قبل 30 عاما، بدا مرتبكا حين أخبرهم عن اسم زوجته بعد أن أقسم له الموظف بأغلظ الأيمان أنه لن يفشي اسمها لأحد، ثم سرد له أسماء أبنائه العشر، ثم تابع بفخر:“وربما أكثر.. المدام حامل!”. أصبح مبتهجا لأنه وأخيرا هناك من سأل عن تفاصيل حياته الرمادية ويهتم بأدق شؤونه، فلم يصادفه أن سأله أحدهم يوما مثلا:“هل تملك بلاي ستيشن؟”. وقال في نفسه:“يبدو أني رجل مهم للإخوان في وزارة الاقتصاد والتخطيط”، قبل أن يهمس للموظف:“طيب اللي ما عنده تجيبون له واحد؟”. حينها تبسم الموظف ولسان حاله يقول:“إلا ورى ما نلعب معك قيم!”. لكنه قال بلغة شبه رسمية:“هذه الأسئلة وأخواتها يا صابر هي لاستخراج بعض المؤشرات عن الرفاه في المجتمع”. لم تبدُ الجملة الأخيرة مفهومة لصابر لكنه أخبره احترازا أنه مواطن غير سعيد بعد أن جلدت قروض بنوكنا اللطيفة ظهره، وأنه يعاني لإيجاد موطئ قدم له عند زيارته لأحد مستشفياتنا، لم يُعر الموظف اهتماما بفضفضته الأخيرة حين أغلق ملف أسئلته متمتما:“ربك يعين!”.