شكلت النتائج التي أعلنتها لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) مفاجأة للأدباء والمهتمين في السعودية، بتضمنها ثلاثة روائيين ضمن القائمة الطويلة، فيما اعتبر تعويضا عن غياب الرواية السعودية خلال ترشيحات الجائزة لدورتين متتاليتين منذ انطلاقتها عام 2008. وكانت لجنة الجائزة أعلنت بعد اجتماعها الأخير في القاهرة اختيارها 16 رواية من أصل 115عملا تقدمت بها دور النشر العربية، على أن يتم اختيار ستة أعمال من بين ال 11 رواية فيما يعرف بالقائمة القصيرة التي ستعلن أسماء مرشحيها الستة في منتصف ديسمبر المقبل ضمن فعاليات معرض بيروت الدولي للكتاب. وفي تفاعل واضح مع نتائج الترشيح، بدا المشهد الثقافي السعودي مترددا في الاحتفاء بالخبر على الرغم من أن البعض رآه انتصارا للرواية السعودية التي نالت النصيب الأوفر من القائمة الطويلة، فتربعت على رأسها ثلاث روايات هي: (الوارفة) لأميمة الخميس، و (شارع العطايف) لعبدالله بن بخيت، و (ترمي بشرر) لعبده خال، فيما توزعت الأسماء ال 13 الأخرى على عدة دول عربية من بينها مصر التي فاز اثنان من روائييها بالجائزة في الدورتين السابقتين، وهما بهاء طاهر عن رواية (واحة الغروب) في عام 2008، ويوسف زيدان عن روايته المثيرة للجدل (عزازيل) في عام 2009. وتراوحت آراء النقاد والروائيين بين استبشار محدود وتحفظ واسع لا سيما أن بعضهم يرى أن الروايات المرشحة لا تمثل الرواية السعودية ولا يمكنها أن تنافس الأعمال العربية الأخرى، إلى جانب أن بعض النقاد أحجم عن التعليق على النتيجة لأن الوقت لم يسعفهم لقراءة عمل أو أكثر من الأعمال الثلاثة المرشحة. والروائي عبدالحفيظ الشمري أحد الذين يرجّحون نظرية الاسترضاء، إذ يقول: “سئمنا من تكرار تجارب المجاملات، كما سئمنا من الباحثين عن المهرجانات والمنتديات لتمثيل السعودية والدخول في الجوائز”. ولنفي تهمة المجاملة عن لجنة التحكيم، يطالب الشمري “بحديث صحافي يدلي به القائمون على الجائزة لتوضيح الكيفية التي تمت بها هذه الترشيحات”. والمعروف أن لوائح الجائزة التي تتكون لجنتها من أعضاء عرب وأوروبيين، تقضي أن يتم اختيار الرواية الفائزة من بين القائمة القصيرة في حفل خاص ضمن معرض أبوظبي العالمي للكتاب الذي تقرر عقده في ثاني أيام شهر مارس من العام المقبل، ويمنح فيه مؤلف الرواية الفائزة مبلغا ماليا قدره 50 ألف دولار أمريكي، بينما يحصل الخمسة الباقون على عشرة آلاف دولار لكل واحد منهم. وتتيح هذه الجائزة للروايات الست التي دخلت القائمة القصيرة أن تحظى بفرصة الترجمة إلى اللغات الأوروبية، كما تمنح مؤلفيها شهرة واهتماما على نطاق واسع، وهي بذلك تسهم في انتشار الرواية العربية بين القراء من غير العرب، وترفع من حظوظها في التربع على مكانة مرموقة من خريطة الأدب العالمي، إلى جانب ما يناله المؤلفون العرب من حظوة واهتمام في بلدانهم ومحيطهم العربي. وفي المقابل، فإن بعضهم يرى أن الجائزة التي تعطي الناشر الحق المطلق في ترشيح ثلاث روايات من منشوراته، تحرم المؤلف المبدع من ترشيح عمله بنفسه، وهي بانحيازها إلى المؤسسات لا الأفراد، تفتح الباب واسعا أمام تدخل المحسوبيات وتغليب المصالح الشخصية، كما يرى الشمري، فهو يميل (أي الشمري) إلى الاعتقاد أن: “هناك أسماء محسوبة على بعض الأشخاص في مثل هذه المنابر والمهرجانات والجوائز، وهي التي تفوز عادة، ولكي تنفي اللجنة التهمة عن نفسها ينبغي تحديد آلية منصفة وواضحة للاختيار”. وفي هذا السياق، فجرت صحيفة (الغاوون) مفاجأة كبرى في عددها الصادر أوائل الشهر الماضي، بنشرها خبرا صاعقا عن صفقة تمت في الخفاء بين عدة أطراف لضمان فوز علوية صبح بالجائزة، وأكدت (الغاوون) التي تصدر شهريا من بيروت، أنها حصلت على هذه المعلومة من (مصدر قريب من الجائزة) لم تكشف الصحيفة عن هويته. وعلى الرغم من خطورة الخبر وتداعياته، لم يصدر أي بيان في هذا الصدد عن الأمانة العامة للجائزة، كما تجاهلت الشاعرة اللبنانية جمانة حداد، وهي المديرة الإدارية للجائزة، محاولة “شمس” الاتصال بها للاستفسار عن آلية الاختيار التي طالب بها الشمري، ولسؤالها عن أمر الصفقة التي شاع ذكرها في الأوساط الأدبية داخل السعودية وخارجها.