انطفأت الشمعة ال 16 للتجربة الاحترافية في الملاعب السعودية ولم يسجل أي لاعب سعودي حضورا ملموسا في الملاعب الخارجية، على الرغم من وجود أسماء كانت وما زالت صالحة للعب في الدوريات الخارجية. ومع مرور السنوات توجه الكثير من اللاعبين إلى توقيع عقود مع مديري أعمال، في خطوة توقع الجميع من خلفها نقلة نوعية في مسيرة اللاعب السعودي، ولكن في ظل غياب آليات التسويق لدى مديري الأعمال، بقي اللاعب السعودي بعيدا عن تحقيق هذا الحلم. “شمس” تناولت قضية فشل تسويق اللاعب السعودي للخارج مع مختصين في هذا الحقل. المنتج الجيد في البداية قال طارق كيال عضو الاتحاد السعودي وعضو شرف النادي الأهلي: “إن المنتج الجيد كفيل بأن يوجد في السوق الجيد، ولذلك اكتفى اللاعب السعودي بممارسة الاحتراف فقط كراتب شهري! بينما اللاعب لا يزال في مرحلة الهواية، على عكس اللاعب في أوروبا الذي يخضع لبرنامج احترافي تحت رقابة لصيقة من النادي”. وأضاف: “إن التجارب المحدودة للاعبين السعوديين في الخارج لم تنجح؛ لأن اللاعب بحاجة إلى صياغة مفهومه الاحترافي من برامج تثقيفية عالية الجودة؛ لرفع مستواه من هاو إلى محترف، حتى يقدر الوقت والجهد والشعار الذي يرتديه، كما أنه لا يستحسن أن تترك عملية تطوير الفكر الاحترافي للاعب والنادي، ولأن الاحتراف فن يفترض أن تقوم عليه شركات خاصة معنية بتطوير ثقافة الاحتراف والمستوى الثقافي والتعليمي للاعبين، ومستوى القائمين على الأندية أيضا. ورأى أن فشل التسويق سببه النادي، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، المعنية بالتطوير، واللاعب نفسه، والمجتمع، مع ضرورة وجود مؤسسات راعية للمواهب. مسألة ثقافة ويؤكد طلعت لامي رئيس هيئة أعضاء شرف نادي الاتحاد أن الأندية مطالبة بوضع تنازلات لترسيخ وتوسيع دائرة احتراف اللاعب السعودي خارجيا، بأن تشمل هذه التنازلات الجانب المادي والعاطفي، وتغلب المصلحة الوطنية على كل شيء. مضيفا: “هناك الكثير من العروض الجادة وغير الجادة التي اصطدمت بتعنت الكثير من الإدارات التي وضعت في المقام الأول مصالحها على حساب المصلحة العامة، وإذا ما تحدثنا بشفافية أكبر فسنجد أن لتلك الأندية مصلحة واضحة في بقاء لاعبيها، مادام الشارع الرياضي لم يستوعب فكرة التفريط في النجوم؛ نظرا إلى الهوس الجماهيري، لاسيما للأندية الكبيرة، لتحقيق البطولات التي لا تتحقق إلا بتوفر أدوات النجاح”. وأضاف: “الجميع يحتاج إلى توعية وتثقيف، بداية من الأندية؛ لأن رسالة الاحتراف الخارجي باتت واقعا لا بد أن نوفره حتى يتسنى لنا مواكبة الاحتراف الحقيقي”. وقال: “هناك أمثلة كثيرة عكست الإحباط النفسي الذي عاناه بعض اللاعبين، من قرارات بعض الإدارات ومنسوبي الأندية، وبالتالي أؤيد خطوة أن يقوم اتحاد القدم بابتعاث من يستطيع من اللاعبين إلى أوروبا حتى لو دفع قيمة عقودهم لمدة سنة أو سنتين؛ كونه سيجني ثمار هذه التجربة بشكل طيب يعود على الكرة السعودية التي ستكسب لاعبا محترفا”. ويشير اللامي إلى أن مراحل التسويق تبدأ بتهيئة اللاعب كي يكون منتجا جيدا ومقبولا لدى الطرف الآخر، بثقافته الرياضية وموهبته، وقال: “قد تجد الموهبة، لكن أداؤها لا ينعكس على المجموعة، مثلا في بطولة إفريقيا الأخيرة شاهدنا كثيرا من الأسماء التي تم تصديرها لأوروبا؛ نظرا إلى أنهم تجرعوا الاحتراف، على الرغم من تواضع مستواهم الاجتماعي والفقر الذي يعيشونه”. عوامل مؤثرة الدكتور حافظ المدلج عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد الآسيوي، حدد خمسة عوامل وراء تباطؤ عملية تسويق اللاعب السعودي للخارج وقال: “أول هذه العوامل يرتبط بالأندية التي لا تزال تفكر بالمصلحة الوقتية التي تتمحور في فترة الرئيس الحالي، ولا تفكر في المردود العام للكرة السعودية، وثاني العوامل ينحصر في اللاعب الذي لا بد أن يتجاوز هاجس الفشل المبكر لتجربته، وأن يقفز على الحواجز النفسية والمادية مقابل كسر هذا الحاجز”. وأضاف المدلج: “والعامل الثالث يتمحور في جمهور اللاعب الذي يعكس تأثيرا مباشرا على القضية، لاسيما إذا ما فكر اللاعب الجماهيري في الاحتراف الخارجي، فتجده يفكر ألف مرة في ردة فعل الجماهير، ويهتم برأيهم، وهذه أنانية جماهيرية، وتجد أن اللاعب يستقبل مئات الاتصالات ويواجه ضغوطات في الملعب تطالبه بعدم الرحيل وترك النادي”. وقال عن العامل الرابع: “هو الإعلام، مع تسارع تطوره، ووجود عقليات متميزة يعد سببا مباشرا في إخماد هذا التوجه؛ حيث تجد أن هناك كتاب أعمدة لهم تأثير على حركة انتقال اللاعبين للخارج، فهم لا يزالون يفكرون بأنانية، ولا يرون جدوى من الاحتراف الخارجي” وحصر المدلج السبب الخامس في عامل التسويق، الذي يمثل العنوان الرئيسي لهذه القضية، وقال: “لا يوجد لدينا مكاتب أو وكلاء محترفون لهذه المهنة الحساسة ذات التأثير المباشر بصلب القضية”. اللاعب السبب من جهة أخرى، قال أمين دابو المدرب الوطني: “أغلب اللاعبين غير مهيئين للاحتراف الخارجي، ليس من الناحية الفنية بل من الناحية الاحترافية” وأضاف: “صحيح تجربة الاحتراف الداخلي لدينا يزيد عمرها عن 16 سنة، ولكننا ما زلنا دون المستوى في أن يكون لدينا لاعب محترف يعرف ما له وما عليه؛ كون اللاعب يظل منتجا يفترض أن يسوق بطريقة صحيحة وجيدة عن طريق مكاتب خاصة؛ لذلك طلبت لجنة الاحتراف أن يكون لكل لاعب مدير أعمال بشكل إلزامي؛ لأننا شاهدنا حتى الموسم الماضي لاعبين يجددون عقودهم مع أنديتهم من دون أن يكون لهم وكلاء، على الرغم من تعاميم لجنة الاحتراف شبة الإلزامية”. ويزيد: “نحن في المرحلة الحالية بحاجة إلى أن يستوعب اللاعب ما له وما عليه داخليا، بعد ذلك يكون قادرا على الاحتراف في الخارج، وفي الحقيقة لدينا مجموعة من اللاعبين، ولكنهم قلة، مؤهلين للاحتراف الخارجي، ويبقى اللاعب هو المسؤول عن نفسه إذا وقع عقده الاحترافي؛ حيث إن أى نجاح يجير له شخصيا، وأي دخل مادي يعود عليه، وإذا كان اللاعب لا يدرك مصلحة نفسه فإنه لن يستطيع أن يكون قادرا على النجاح والتعمير في الملاعب، وهنا لا جدوى من تسويقه”. بيئة عاطفية من جانب آخر أعلن عبدالعزيز حبشي وكيل مكتب التعاقدات الدولي، براءة وكلاء اللاعبين من تهمة فشل تسويقهم للاعبين في الخارج. وقال: “إن البيئة الرياضية في السعودية على الرغم من ملامستها المسميات الاحترافية، إلا أن هناك صعوبات على الأرض تحول دون أن تكتمل معادلة الاحتراف بمفهومها الواقعي، وليس العاطفي”. مؤكدا أن البيئة الرياضية ذاتها هي التي تستوعب الأندية وإداراتها وأعضاء شرفها وأجهزتها الفنية والجماهير والإعلام، الذين يمثلون قاعدة القرار الرئيسي مع اللاعب في تحديد الاستراتيجيات.