ما أعظم حق الوالدين، وقد شدّد ديننا الإسلامي الحنيف على البر بهما وطاعتهما في كل ما يأمران به ما لم يكن فيه معصية للخالق، ولكن الألم يعتصرني والقلب يتقطر كمدا ووجعا عندما أسمع بأن فلانا من الناس غير بار بوالديه أو أحدهما أو أنه يؤذيهما. فهل هذا حق أعظم إنسان وأعظم إنسانة تعبا وشقيا وسهرا على راحة ولدهما ويمرضان لمرضه ويفرحان لفرحه؟ وأمه أشد تعبا ومتابعة له، حملته تسعة أشهر وأرضعته ونظفته من الأذى بيديها وهي تتلذذ بإبعاد النجاسة والأذى عنه بيديها الطاهرتين. وهل حق هذه المسكينة بعد هذا التعب والتربية والجهد والسهر أن يتنكر لها الابن وينسى فضلها بعد الله ولا يلقي بالا؟ ألا يخاف ذلك الشاب أن تنزل به العقوبة من المولى عز وجل في هذه الدنيا قبل عقوبته في الآخرة، فمن عق والديه نلحظ أن أبناءه يعقونه، ومن كان بارا بهما نراه سعيدا وهانئا ببر أبنائه، فافعلوا ما شئتم فكما تدينون تدانون. ثم ألا يخاف الله أولئك الشباب ضعيفو الشخصية الذين انقلبوا على أمهاتهم وتغيرت طباعهم وتبدلت تصرفاتهم معهن بعد الزواج، وذلك كله نتيجة لتأثير زوجته عليه، أو لأنها لا تخاف الله أولا ثم لا تقدر زوجها فعلا لأنها لو كانت تقدره وتحبه لأعانته على البر بوالدته وتقديرها وإعطائها حقوقها، ولكن لعدم خوفها من الله ولضعف شخصية زوجها كان لها ما أرادت.