حين تخرجت سامية نادر (معلمة خصوصية) من الجامعة، ظلت تترقﺐ كبقية الخريجات ورود اسمها بين المقبولات في الوظائف التعليمية، كانت تتابع بادئ الأمر بحماس لكنه سرعان ما تحول إلى تبلد ولا مبالاة، ولكي تخرج سامية نفسها من هذه الأجواء المحبطة مارست التعليم في محيطها الأسري: "الفراغ الذي يملأُ حياتي دفعني إلى إيجاد مكان في المنزل لتعليم ﺃخواتي ما يستصعﺐ عليهن من دروس، فأعلمهن اللغة العربية (تخصصي)، وكذلك اللغة الإنجليزية التي ﺃجيدها بطلاقة" هذا المجهود الذي تبذله سامية ظهر ﺃثره على مستوى ﺃخواتها المتصاعد، ما جعل زميلاتهن يسألنهن عن السبﺐ، فلما علمن بحقيقة ا لأ مر طلبن من ﺃخوات سامية ﺃن ينضممن إ لى تلك ا لحصص ا لتي تقدمها ﺃختهن: "ﺃصبحت ﺃعلم بعض زميلاتهن في المدرسة في الحصص نفسها، ثم تطور الأمر – بعد ﺃن شاعت كفاءتي في التعليم بين الطالبات فأصبحت ﺃستقبل الطالبات في منزلي لأعلمهن اللغة الإنجليزية، وهن من جميع ا لمر ا حل و خصو صا مر حلة ا لثا لث ا لثا نو ي" لم تكن غرفة النوم التي تستخد مها سا مية كفصل قادرة على استيعاب هؤلاء ا لطا لبا ت لكثر ة عد د هن، الأمر الذي جعلها لا تكتفي بحصة واحدة، بل ﺃخذت توزع الطالبات على حصص تمتد من الواحدة ظهرا حتى الثامنة مساء: "كنت ﺃعمل نحو ثماني ساعات في اليوم طوال الأسبوع، حتى الخميس و ا لجمعة كنت ﺃ ستقبل بعض الطالبات اللاتي كن يفضلن الدراسة ﺃيام العطل الأسبوعية". استمرت سامية نادر سبع سنوات في إعطاء الدروس الخصوصية في منزلها، ومع ﺃنها كانت تجد عائدا جيدا إلا ﺃنها فكرت في إيجاد طريقة ﺃكثر ربحية لها: "اشتركت مع ثلاث من زميلاتي في ا لمهنة، و ا ستأ جر نا شقة ﺃسسنا فيها مركزا لإعطاء الدروس الخصوصية في جميع المواد، وجميع المراحل الدراسية، فوفّرنا مدرسات للغة الإنجليزية، وللرياضيات، وللفيزياء وللكيمياء، وللنحو، ﺃي جميع المواد المطلوبة من قبل الطالبات"، وتم تحد يد ﺃ سعا ر متفا و تة لهذه المواد تتباين بحسﺐ المادة وصعوبتها: "لكل مادة سعرها الخاص، ولكل مرحلة دراسية سعرها، فمثلا يتم احتساب كتاب المرحلة المتوسطة بسعرٍ ﺃقل من المرحلة الثانوية، بينما كتاب الثالث الثانوي يعد سعره الأعلى، وقد تأتينا طالبة قبل الامتحانات النهائية بأيام قليلة فيتم احتساب سعر الكتاب مضاعفا؛ لما يتطلبه من مجهود مضن". تقضي سكينة (طا لبة في المرحلة المتوسطة) جل وقتها في المركز لدراسة مادتي الرياضيات، واللغة الإنجليزية، وترى الطالبة ﺃن الوقت الذي تقضيه هنا ﺃكثر قيمة وفائدة من الوقت الذي تقضيه في حصص المدرسة: "لا يمكن ﺃن ﺃقارن بين ما ﺃتلقاه من الحصص في المدرسة وبين الدروس التي تشرحها لي مدرستي الخاصة، فأنا ﺃتلقى الدرس في المركز بين ست طالبات فقط تتفرغ لنا فيه المدرسة الخاصة ساعة كاملة، فتشرح لنا كامل الدرس، وتستفيض في تبسيط ما يستصعﺐ علينا من معلو ما ت، ثم تختبرنا فيها، وقد تعطينا تما ر ين تقو يمية لما قد نخطئ فيه إن لزم الأمر، و بهذ ا تر سخ ا لمعلو مة، ﺃما في المدرسة فلا تهتم غالبا المدرّسة بإيصال المعلومات لكل طالبة في الفصل، بل تسترسل في الشرح بشكل سريع كأنها تسابق الوقت؛ لتنهي الشرح وتخرج مخلفة وراءها الكثير من الأسئلة، لتكون واجبا منزليا، مع المطالبة بأن يكون هذا الواجﺐ محلولا كاملا وبشكل صحيح في اليوم التالي، ما يشكل ورطة للطالبات اللاتي لم يستوعبن الدرس ﺃصلا؛ فيلجأن للدروس الخصوصية، ليعوضن ما فاتهن فهمه من شرح المدرسّة في الفصل "وعن وقتها الموزع ما بين المدرسة والمركز تقول": ﺃصبحنا نقضي طوال النهار في المدرسة والدروس الخصوصية، ولا نجد وقتا نقضيه مع عائلاتنا ﺃو حتى لممارسة هواياتنا ﺃو لأي شيء آخر".