لا يختلف أي متابع لكرة القدم على أن محمد نور يعد من أفضل ما أنجبته الكرة السعودية في العقدين الأخيرين، حيث استطاع أن يقود الاتحاد إلى عصر البطولات بعد أن ظل الاتحاد لا يمثل فيها إلا أدوارا ثانوية. وشق الفتى الأسمر مشواره مع الاتحاد ليغرق ناديه بفيض من البطولات لم يكن أكثر المتفائلين الاتحاديين يحلم بها، وعلى الرغم من ذلك كان نور يمثل نقطة خلافية لدى الاتحاديين جميعا، فالبعض يرونه أسطورة بسبب البطولات التي قاد إليها اتحاده والبعض يرى أن نور جلب الكثير من المشاكل للاتحاد أثرت حتى بين أعضاء شرفه، حتى بات الدعم ربما يرتقي إلى مرحلة أنت مع نور أو ضد نور، وأيا كانت النقاشات فإن ما حققه اللاعب مع الاتحاد لا يمكن أن يحققه أي لاعب آخر وأن كثرة المشاكل التي تعرض لها اللاعب تؤكد أنه يمثل محورا أساسيا في هذا النادي الكبير. ولأنه نور فإن مشاكساته التي كان يقدمها تارة أو تلك التي كان يتعرض لها، جعلته يظل الاسم البارز في الاتحاد بشكل موسمي فما إن يبدأ موسم أو ينتهي إلا وأحداث نور على مسمع ومرأى أمام كل المتابعين، بل إن الملل أصاب وسائل الإعلام التي وصلت إلى حد التخمة من أخباره، وهو بالفعل كان يستحق هذا المشهد الضوئي الذي سلط عليه طوال ال15 عاما الماضية، لكن فيما يبدو أن هذه الأضواء قد اتجهت باللاعب لاتجاهات أخرى أوصلته لمرحلة التنافر بينه وبين ناديه، فاللاعب الذي من المفترض أن يبقى وفيا لناديه الذي قدمه لعالم الشهرة بل وأوصله إلى ما يشبه الأساطير لم يكن يتوقع أن يكون هذا الجفاء من نور الذي ظهر في أكثر من مناسبة مطالبا ناديه بتنفيذ رغباته، ربما يتحجج البعض بأنه زمن الاحتراف، لكن مع حالة نور يجب الابتعاد عن مثل هذه الكلمات فيكفي الحب ويكفي الجماهيرية الكبيرة التي حازها نور بين أنصار عميده التي لم يكن يحلم بها لو اتجه لغيره. ومشوار نور مع العميد بدأ عام 1996. وهو اللعب كوسط مهاجم وصانع أهداف، إضافة إلى امتلاكه لحس تهديفي عال مما يجعله ينافس المهاجمين في إحراز الأهداف. صاحب مجهود كبير داخل الملعب وهو قلب الفريق النابض، كل هذه المواصفات قادته لأن يكون من أفضل اللاعبين في السعودية وأسطورة الاتحاد بعد أحمد جميل. وعرف مفتاح جدة وهو أحد أهم ألقابه طعم المشاركات الرسمية مع المنتخب السعودي منذ أن ضمه المدرب التشيكي ميلان ماتشالا في كأس الملك فهد للقارات عام 1999 في المكسيك ولم يلعب سوى 20 دقيقة فقط أمام البرازيل في الدور نصف النهائي والتي انتهت برازيلية 8/2 وكان يومها في ال 21 من عمره إلا أنها كانت الانطلاقة للمشاركة في كأس آسيا في لبنان ثم التصفيات المؤهلة لمونديال 2002. وقبل مشاركة نور في المونديال الأول في حياته أسهم مع زملائه بقيادة المنتخب للفوز بكأس الخليج التي أقيمت في الرياض توجه بعدها إلى اليابان حيث نهائيات كأس العالم، لكنه حافظ على مركزه وكان في قمة تألقه بقيادته المنتخب للفوز بكأس العرب الثامنة في الكويت بتسجيله هدفا ذهبيا في مرمى البحرين وكأس الخليج التي أقيمت في الكويت أيضا. وشارك محمد نور مع المنتخب السعودي في مونديال كوريا واليابان 2002 وكذلك في ألمانيا 2006.. وكان صاحب التمريرة الساحرة لياسر القحطاني الذي جاء منها الهدف السعودي الأول في مرمى تونس وتعتبر مباراة إسبانيا الأفضل لهذا النجم بعد أن وقف للجناح الأيسر خوسيه أنطونيو رييس بالمرصاد وأدى دوره الهجومي كما يجب، حيث صنع عدة كرات خطرة لم يستغلها الهجوم.. كما أنه حصل مع المنتخب السعودي على كأس الخليج وشارك في كأس أمم آسيا عام 2000 في لبنان.. وكأس القارات في المكسيك عام 1999.. وتصاعدت الانتقادات في حقه وصدر قرار إيقافه داخليا وخارجيا حتى نهاية الموسم لكن نور استفاد من العفو الملكي. وفي تصفيات كأس العالم عام 2005 لم يقنع كالديرون «مدرب المنتخب السعودي آنذاك» رغم تألقه مع ناديه لإحراز دوري أبطال العرب وقرر خوض التصفيات من دونه رغم المطالب الجماهيرية بضمه وفيما كان كالديرون ينجح بإيصال المنتخب المونديال 2006 كان نور يسير على الخطا نفسها بقيادته الاتحاد للاحتفاظ بلقبه كبطل لدوري أبطال آسيا وتأهله إلى كأس العالم للأندية في اليابان. واختير نور أفضل لاعب في مباراة إياب الدور النهائي أمام العين الإماراتي بعد تألقه ومساهمته بفوز الاتحاد بأربعة أهداف مقابل هدفين، وعلى صعيد ناديه قاد نور الاتحاد لتحقيق بطولة الدوري «سبع مرات»، بطولة كأس ولي العهد «ثلاث مرات»، بطولة كأس الاتحاد السعودي عام 1999، بطولة السوبر السعودي المصري عامي 2002 – 2004، بطولة أندية الخليج عام 1999، كأس الكؤوس الآسيوية 98/99 م، دوري أبطال آسيا 2004 – 2005، دوري أبطال العرب 2005، بطولة كأس الملك للأبطال 12 بطولة محلية، وثماني بطولات خارجية.. وإزاء هذه الإنجازات يرفض الاتحاديون أن يغادر نور ناديهم لكن يبدو أن هذه المطالب لن تلاقي رواجا في ظل حاجة إدارة النادي لمداخيل أكبر خصوصا أن اللاعب يقترب من التوقف عن الركض الجميل الذي ظل يمارسه طوال تلك السنوات .