تتسبب حمى الشراء التي تقوم بها الكثير من الأسر سواء خلال إجازة الصيف أو شراء مقاضي شهر رمضان الكريم أو شراء حاجات العيد السعيد والعودة لمقاعد الدراسة في نشوب العديد من الخلافات الأسرية، وتصبح شرارة تلهب الحياة الزوجية وتنتهي نهايات غير سعيدة تذهب معها الفرحة بالعيد السعيد. وبحسب إحدى الجمعيات المعنية بالإرشاد الأسري، فإن عاصفة المقاضي المضطردة تسببت في تسونامي خلافات زوجية كثيرة من واقع الاتصالات الكثيفة التي وردت للمرشدين والمستشارين الأسريين بمعدل زمني بلغ 1600 ساعة اتصال أجابوا فيها على المتصلين الذين يبحثون عن نصائح وإرشادات لتسوية الخلافات التي تنشأ بفجوات الميزانيات الأسرية. تقول «أم بسام» «ذهبت بصحبة زوجي إلى مدينة أبها لقضاء الإجازة الصيفية في ربوع بلادنا وذلك لمدة أسبوعين وبعد عودتنا من الرحلة الصيفية بيومين أخبرت زوجي بأنني أرغب في الذهاب إلى أحد المتاجر الكبرى لشراء مستلزمات ومقاضي رمضان فوافق ودفع كامل المبلغ، وبينما كنا نتبضع أخيرا لشراء مستلزمات عيد الفطر ثم العودة للمدارس أثناء تواجدنا في إحدى الأسواق أخذت في شراء العديد من الأشياء والمستلزمات الخاصة بالعيد السعيد وكذلك مستلزمات المدارس لأبنائي بمبلغ يقدر بثلاثة آلاف ريال الأمر الذي جعل زوجي يتركني أنا وأبنائي في السوق ويعود إلى المنزل، ومن جهتي ذهبت لمنزل أسرتي ونتيجة لذلك التصرف اضطر زوجي للاستدانة من أحد أقاربه لكي يفي بمستلزمات الأسرة». مشادات لا تنتهي «أم منصور» تعاني من نفس التعقيدات في الإنفاق على أكثر من مناسبة، وذلك ما يعرضها لبعض الاحتكاكات والخلافات الزوجية «راتب زوجي الشهري نحو ستة آلاف ريال ولكن ما زلت أعاني من الخلافات الزوجية أثناء رحلاتنا خلال الصيف أو استقبالنا رمضان أو العيد أو المدارس في كل عام، وهذه الخلافات تعود بشكل أساسي إلى سوء تنظيم وخلل الميزانية، حيث إننا ننفق بكثرة على شراء الكثير من المقاضي والمستلزمات وخلافه، أضف إلى ذلك أنني أجدد في كل عام من رمضان ديكور المنزل». وتضيف «على الرغم من محاولاتي قبل قدوم عيد الفطر المبارك بعدة أسابيع لتحديد حاجاتي بشكل واضح إلا أن المتاجر والأسواق التجارية تستنزف أموالنا بكثرة العروض التي تجعلني لا أستطيع السيطرة على نفسي وأشتري كل ما أريده وما لا أريده لمجرد أن عليه عرضا ما ثم تبدأ رحلة الخلافات والمشادات بيني وبين زوجي وعادة لا تنتهي إلا بتدخل الأهل خاصة مع قدوم العيد السعيد من كل عام». شرارة داخل الأسر اختلاف وجهات النظر بين الزوجين حول الأولويات وأوجه الإنفاق ليس بالضرورة أن يكون سلبا، ولكنه قد يتطور إلى وضع سلبي في حال عدم تقدير مصلحة الأسرة بتوازن. تشير المدربة والمستشارة الأسرية والنفسية بلجنة إصلاح ذات البين بمكةالمكرمة وجمعية إيلاف الدكتورة سوسن رشاد نور إلهي إلى أن مقاضي رمضان وكثرة المصاريف على شراء مستلزمات الموائد الرمضانية دائما تحدث شرارة داخل الأسر، حيث إن بعض الأزواج ليس لديه المال الكافي فيضطر للاستدانة، وتكون الأسر عائدة من رحلات سفر صيفية وشهر رمضان والعيد السعيد والعودة للمدارس وشراء الحاجات يفاقم من المشكلة الأسرية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة حالات الطلاق والخلع في أروقة المحاكم الشرعية. « 4000» استشارة ويوضح المدير العام لجمعية المودة الخيرية في مكةالمكرمة زهير بن عبدالرحمن ناصر أن مستشاري ومرشدي الجمعية قدموا أخيرا عبر خدمة هاتف الإرشاد الأسري أكثر من أربعة آلاف استشارة بأكثر من 1600 ساعة، أجاب عليها مرشدو ومستشارو الجمعية خلال ستة أشهر وذلك لمساعدة المسترشد على تحديد مشكلاته وتبصيره بحجمها وفتح آفاق له للتعامل مع المشكلة وتنمية قدراته في ذلك، وتحقيق الصحة النفسية والتوافق الشخصي التربوي، وإتاحة الفرصة للمسترشد لتفريغ ما في نفسه للتخلص من الضغط النفسي، وتوجيهه ومساعدته على اكتشاف قدراته للاستفادة منها في إحداث التغيير أو التكيف مع إفرازات المشكلة التي تحيط به، وكذلك تبصير المسترشد باضطرابات العلاقة الزوجية من خلال تقديم الاستشارات، إضافة لبث الوعي الاجتماعي والنفسي لدى الأفراد والأسرة من خلال توضيح الحلول الاجتماعية والنفسية للمشكلات. ويضيف ناصر أن الجمعية خلال الإجازة الصيفية أهلت 80 شابا في دورة «مهارات إدارة ميزانية الأسرة» حيث تناولت الدورة العديد من المحاور من أبرزها فوائد إدارة الميزانية العائلية حاضرا ومستقبلا، كما استعرضت عوائق إدارة الميزانية، ودور الزوجة في إدارة الميزانية، وخطوات إدارة الميزانية الأسرية، ووسائل إنعاش الميزانية، مع استعراض فلسفة الادخار وتجارب ناجحة في الميزانية الأسرية «في إحدى مهرجانات التسوق في مدينة جدة أجريت العديد من الاستشارات لزوار المهرجان، وتربعت العلاقات الزوجية مواضيع طالبي الاستشارات ضمن المهرجان بنسبة 48 % من طالبي الاستشارات، في حين جاءت القضايا الأسرية في المرتبة الثانية بنسبة 25.8 %». واستطرد «تمكنت الجمعية كذلك من تأهيل 350 نزيلا عبر سبع دورات تدريبية نظمتها في سجون جدة تمحورت حول محاورة الأبناء مع الأبناء والمحاور الناجح ومهارات الاتصال الفعال، وهدفت الجمعية من خلال هذه الدورات لتأكيد دورها في توعية المجتمع عبر مساعدة السجناء على إصلاح وتعديل مسار حياتهم ليعودوا أعضاء صالحين في المجتمع، فضلا عن زيادة الوعي لدى النزلاء، واستغلال وقت فراغهم بما يعود عليهم بالنفع، وتطوير إمكانياتهم وقدراتهم» .