زعمت الإذاعة البريطانية في 6 مايو الجاري أنه: «تبين من تحليل عينات مياه زمزم من مصدرها من البئر أنها تحتوي على مكونات كيماوية وبيولوجية ضارة بصحة الإنسان». وزادت نقلا على لسان رئيس جمعية المحللين للشؤون العامة دونكان كامبل: «نحن لا ننصح بشرب هذا الماء على الإطلاق، هذا الماء مسموم بسبب وجود مستويات عالية من الزرنيخ، وهو مادة مسرطنة، ويمكن أن تؤدي للإصابة بالسرطان». وكانت الشائعات البريطانية واضحة بأنها تروج للتحذير والتأكيد على أن «زمزم قاتلة لما تحويه من مركبات»، وأن: «جهات مختصة في لندن ضبطت كميات من المياه الملوثة بمادة الزرنيخ يزعم أنها استخرجت من بئر زمزم بمكةالمكرمة، وأن شرب تلك المياه يؤدي إلى الإصابة بالسرطان»، لتبث القناة مخاوف لدى المسلمين الذين يحرصون على شرب زمزم في بريطانيا، حيث تباع المياه بكميات محدودة في ضواح بجنوب وشرق لندن، وبلدة لوتن شمال العاصمة. فيما واجهت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بنفي المزاعم، استغل عضو الشورى الدكتور طلال ضاحي، في 8 مايو، مناقشة تقارير الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، للأعوام المالية 1427/1428ه - 1428/1429ه - 1430/1431ه، ليبادر بتناول مزاعم شبكة بي بي سي البريطانية، مستدلا على تأكيدات الرئاسة بعدم وجود شيء يدعو إلى القلق، إلا أنه سارع بالقول: «كان حريا بالرئاسة أن تقدم عينات من ماء زمزم لمختبرات الجودة والنوعية، أو إلى هيئة الغذاء والدواء لفحصها ومن ثم الرد على ما نشر في الإعلام البريطاني بالقوة نفسها». من هنا بدأ التساؤل: هل صحيح أن زمزم المتهمة من آن لآخر تحتاج إلى قوة في الرد، أم أن الأمر لا يجب أن يعني أحدا؟ وإذا كان رد الرئاسة لم يتأخر وجاء بعد ساعات معدودة على مزاعم الإعلام البريطاني، أفليس ذلك مبررا للمطالبة بقوة في الرد ودحض المزاعم، لإنهاء الأمر جملة وتفصيلا، ولو باستدعاء علماء وخبراء مسلمين من كافة الأنحاء للتأكيد على الواقع، ونفي الأكاذيب؟ ولكن في اتجاه آخر ما دام واقع مياه زمزم يشرب منه الملايين، أفليس ذلك ردا بالغا على تلك المزاعم؟ وأين المرض الذي أصاب من يشرب من زمزم، أم أن واقع العلاج يرفضه الغرب بشكل أو بآخر، ليظهر مشككا في كل ما يرتبط بالدين الحنيف؟ دحض المخاوف سارعت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بعد ساعات من بث المخاوف إلى إعلان الحقيقة، وتفنيد الادعاءات، بالتأكيد على بطلان تلك المزاعم، موضحة على لسان عيفان بن محمد الجعيد مدير إدارة سقيا زمزم بالمسجد الحرام أن الإدارات المختصة بضخ مياه زمزم من البئر عبر مضخات ذات قدرات عالية مزودة بأشعة فوق بنفسجية وتمر المياه عبر أنابيب من مادة الاستانليستيل «غير قابل للصدأ» إلى محطات التبريد فيها ومنها إلى المسجد الحرام وإلى خزانات التجميع التي يضخ منها إلى نقاط التوزيع والتعبئة في المسجد النبوي. وأشارت الرئاسة على لسان الجعيد إلى أنها تولي مياه زمزم أهمية بالغة فتتم على مدار الساعة مراقبة مستوى الضخ من البئر، كذلك أخذ عينات عشوائية من مخارج الماء والحافظات يتم تحليلها مرات عدة يوميا بالتعاون مع الجهات المختصة، كما يتم تعقيم الحافظات آليا ويدويا يوميا، وأنه لم تسجل أي معلومات تدعو للقلق، كما تهيب بالمواطنين والمقيمين التأكد من توافر الشروط والمواصفات المطلوبة للتخزين، حيث إن سوء التخزين والتعرض للشمس وعدم نظافة الأوعية وملامسة الأيدي قد تؤثر في تركيبته. وبعد تصريحات عضو الشورى، وضعت «شمس» سؤالا حول إمكانية تحقيق ذلك الطلب، وإمكانية إرسال عينات زمزم إلى مختبرات الجودة والنوعية، أو إلى هيئة الغذاء والدواء لفحصها، لعلها تكون الآلية التي ترد على تلك المزاعم البريطانية، إلا أن الرئاسة بدأت في التحفظ، مؤكدة ل«شمس»، على لسان مدير إدارة العلاقات العامة بالمسجد الحرام أحمد بن محمد المنصوري، أن: «الرئاسة أنشأت منذ عام 1405 مختبرا لتحليل ماء زمزم المبارك تشرف عليه لتحليل مياه زمزم كيمائيا وبكترولوجيا». زمزم الحقيقة لم يختلف اثنان من المختصين على التأكيد أن: «ماء زمزم المبارك ليس كمثل مياه العالم، ولا توجد به جرثومة واحدة، وزمزم التي تخرج من مصدرها الأساسي من بئر زمزم في مكةالمكرمة صالحة للاستهلاك الآدمي، ولا يوجد بها أي تلوث، كما أنها لم تتأثر بأعمال الإنشاءات والتوسعات في المنطقة المركزية». تأثر بالتمديدات ونفى مستشار مكتب الزمازمة الموحد والباحث المختص في ماء زمزم ومدير عام مصلحة المياه بمنطقة مكةالمكرمة الأسبق الدكتور المهندس يحيى كوشك تأثر ماء زمزم بالتمديدات الحالية، مبينا أنه ليست هناك أي عملية خلط لماء زمزم بأي مواد أخرى، وليس هناك أي تركيب كيميائي مائي مشابه لتركيب ماء زمزم: «بل إن شرب ماء زمزم يزيد طاقة الإنسان، حيث إن الأبحاث والدراسات التي قام بها العلماء في عدد من دول أوروبا أكدت هذه الخاصية له، كما أن حفظه في أوان لا تتفاعل مع المياه، أو وعدم تعريضه للشمس، يمكن من حفظ مكونات مياه زمزم لسنوات طويلة قد تصل إلى عشر سنوات، وذلك لأن كريستالة زمزم تختلف عن جميع مياه العالم قاطبة، فيما لا تؤثر عمليات التعقيم في خصائصه أو تركيبته الأصلية». خير ماء وأكد رئيس قسم الشؤون الإعلامية لمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى الدكتور عثمان بن قزاز، أن ماء زمزم ماء عجيب يختلف عن غيره فهو خير ماء على وجه الأرض: «فماء زمزم ماء مبارك، قد جعل الله له من الخصائص والصفات ما يمتاز به عن غيره ومن ذلك كونه شفاء وعافية، وقد صحت بذلك النصوص، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل ماء زمزم في الأداوي والقِرَب، و كان يصب على المرضى ويسقيهم، وعن أبي جمرة الضبعي قال: كنت أجالس ابن عباس بمكة فأخذتني الحمى فقال: أبردها عنك بماء زمزم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هي الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء، أو قال: بماء زمزم». واستبعد أن تكون لعمليات الإزالة في المنطقة المركزية، أو حفر الأنفاق في الجبال وحفريات الأساسات العميقة للأبراج السكنية المحيطة بالمسجد الحرام، أي تأثير في التركيب الجيولوجي لمسار مياه زمزم أو اختلاطها بمصادر أخرى سواء من الآبار أو غيرها: «فمكةالمكرمة مرت بسيول عدة، وآخرها ما يسمى «سيل الربوع»، ومع ذلك لم يتأثر ماء زمزم بذلك، والمعهد أجرى العديد من الأبحاث والدراسات حول ماء زمزم المبارك، وأثبتت جميع الدراسات والتحاليل العلمية التي أجريت على ماء زمزم أنه نقي وخال من كل الجراثيم والميكروبات التي يمكن أن تعيش في الماء، وماء زمزم يحافظ على خصائصه حتى وإن خلط بماء آخر». شفاء للناس وبين الباحث الصحي والاجتماعي جمعة خياط أن ماء زمزم أثبتت عدد من التحاليل الكيميائية التي أجراها العلماء المتخصصون أنه نقي طاهر، لا توجد فيه جرثومة واحدة، وغني بالعديد من المعادن وبتركيز عال يساعد على تجنب حدوث كثير من الأمراض، وأيضا أنها علاج، فمثلا تحتوى على تركيزات عالية من الكالسيوم والماغنسيوم وهي ما تسمى «المياه العسيرة»، وتقلل الإصابة بشرايين القلب التاجية «الذبحة الصدرية أو جلطة القلب»، وأيضا غنية بالبيكربونات فهي غازية، وتفيد في تحسين الدورة الدموية، وهي كمياه معدنية صالحة للشرب، وتفيد في علاج كثير من الأمراض، ومنها زيادة حموضة المعدة وعسر الهضم، وبعضها يحتوى على الكبريت، وتفيد في علاج آلام الروماتيزم والتهاب العضلات وأيضا في شفاء أمراض الكلى والعيون والصداع النصفي، وأنواع عديدة من الأمراض المزمنة والمستعصية كالسرطان. وأشار إلى أن: «كثير من المريضات المصابات بالسرطان، شفين بإذن الله من المرض بشرب ماء زمزم، فكيف يدعون أن هذا الماء المبارك السبب في مرض السرطان؟». وأفاد بأنه ما زالت تجرى الدراسات على ماء زمزم لإثبات المزيد من الاكتشافات حول فوائده، مشيرا إلى أن: «ماء زمزم أحد معجزات الله العديدة في الكون من مختلف الجوانب، فهو يأتي من عين لا تنضب، ومن حيث تركيبته المتعددة التي تعرف عليها العلماء المتخصصون وحاولوا تصنيع مياه معدنية لها مواصفات ماء زمزم، وبنسب مكونات ماء زمزم نفسها، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وهذا يؤكد أحد أسرار الإعجاز الإلهي لهذا الماء». وذكر أنه منذ سنوات والمتخصصون يجرون أبحاثا ما زالت تؤكد أن ماء زمزم ينفرد بخصائص تميزه عن جميع أنواع المياه في العالم، ومن بين هذه الخصائص التي تشير إليها الدراسات أنه لا يتعفن ولا يتعطن، ولا يتغير طعمه أو لونه أو رائحته، وأنه في هذا مثل عسل النحل، الذي لا يتأثر بتعرضه للجو، مختلفا في ذلك عما يحدث لجميع أنواع المياه الأخرى، مثل مياه الأنهار والبحار والأمطار والمياه الجوفية، ويرجع ذلك إلى مكوناته الكيميائية، التي تمنع نشاط الجراثيم والبكتيريا والفطريات .