الرياض. عادت البادية في المناطق المجاورة إلى إبراز ما لديها من «بضاعة مزجاة»، متمثلة في حليب وبول الإبل، بعيدا عن أي رقابة بلدية، تجعل الدواء لا يتحول إلى داء. لكن بعض من لديهم إبل تعيش في البادية اعتمدوا أسلوب الربح فقط، في ظل غياب الرقابة، بسبب ربما بعد المسافات من ناحية، والتوغل في الصحاري من ناحية أخرى. ويوما بعد يوم انتشر بيع لبن وبول «الخلفات»، على الطرق السريعة خارج مدينة الرياض، حتى أصبحت المواقع تعد بالعشرات، وتشهد بينهم تنافسا محموما، فما أن يقبل الزبون بسيارته إلا وتجد الباعة يتسابقون لجذبه بغية الحصول على المكسب المادي، بل يتم حلب الناقة أمام الزبون، في محاولة لإعطاء الصدق في العرض، لكن ما يقدم للزبائن من أدوات وأوان معدنية، لا يتم غسلها بطريقة نظيفة، بل بالماء فقط، ودون أدنى معايير التعقيم. ولعل السعر المعقول الذي يتم به عرض الحليب، الذي لا يتجاوز عشرة ريالات للحجم الأصغر، وإن كان يمتد إلى 70 ريالا، يحفز على زيادة الإقبال، فيما سعر عبوة البول لا يزيد أيضا عن عشرة ريالات. يرى البعض أن أماكن البيع لا تعد بعيدة عن المدينة، ومع ذلك فهي لا تخضع لأي معايير للرقابة، خاصة في ظل تمدد البلديات من موقع لآخر، ما يجعل البادية متاحة الوصول إليها من قبل المراقبين. وربما كان «غض الطرف» وراء تعدد مواقع البيع، إلى الدرجة التي جعلت عددا من الباعة يؤكد «نحن لا نحتاج للرقابة أو التصريح لأنها ليست محال, فهي إبل ترعى في الصحراء، ويتم حلبها وبيعها، وهي منذ الأزل يعد هذا نظامها، لذا لا داعي للرقابة». وأوضح الراعي والمسؤول عن الإبل سليمان الرشيدي أن كثرة من يطلب الحليب يحضر بعد صلاة العصر، والكثير منهم يتصل بالجوال قبل الحضور للتأكد من توفر الحليب، ومنهم من يطلب حليب الناقة كاملا، بل منهم من يحضر بنفسه ويحلب الناقة بنفسه ويدفع المبالغ, ولدينا أكثر من ناقة للحلب، والناقة تعرف راعيها من لمسة يده لها، وللناقة حلبتان في اليوم بعد الظهر وبعد العصر، أما بقية الأوقات فيتم حلب كمية قليلة». وبين صاحب محل لبيع حليب الإبل حمود المطيري أن هناك زبائن كثر يطلبون خلط بول الإبل مع الحليب لما له من فوائد كبيرة جدا، بصفته دواء لمعظم الأمراض، وهناك زبائن تتردد علينا بشكل مستمر لشراء الحليب، ومنهم من يرغب في بول الإبل فقط لكونه فعالا لعلاج الكثير من أمراض الشعر مثل التساقط، ومنهم من يقول إنه يزيد من نعومة الشعر ويكثفه، ويطلب خلطه مع الحليب وشربه، ومنهم من يقول إنه علاج فعال للكثير من الأمراض الباطنية, منها القولون العصبي وكذلك عسر الهضم والغازات وهو علاج قوي وفعال لأمراض السرطان. واعتبر المطيري ما يقال عن تلوث أدوات الشرب، مجرد مخاوف لا أساس لها من الصحة «لم يسبق أن حضر أحد واشتكى من استعمال الحليب الذي يشتريه منا سوى شربه لدينا أو أخذه للمنزل، ونحن نحرص على تغذية الإبل، وندعها ترعى من نفسها أو نعلفها بالأعلاف ونسقيها الماء الحلو ولا نطعمها الشعير نهائيا، لأنه يفسد طعم الحليب ومفعوله. واعترف أحد هواة شرب الإبل أبو بندر، بأنه يحضر على فترات متقطعة لأخذ الحليب، بعدما سبق أن أصيب بآلام باطنية، لم يجد لها علاجا حتى استمع لنصيحة أحد الزملاء، بضرورة شرب حليب الإبل «وعندما شربته للمرة الأولى أتعبني كثيرا، وأحسست بالتواء ومغص شديد، فاستشرت من أوصاني فطلبني باستمرار شرب الحليب، فكررت ذلك وبعدها لم أشعر بأي آلام لذلك حرصت على شربه بين الحين والآخر» .