عندما توجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى عاصمة النرويج أوسلو لتسلم جائزة نوبل للسلام في العاشر من ديسمبر الماضي، ثارت تساؤلات عديدة حول مدى صحة ترشيح أوباما، ورؤساء الدول بصفة عامة، للحصول على هذه الجائزة ومدى التزام لجنة اختيار الفائزين بالشروط التي وضعها صاحبها النرويجي ألفريد نوبل. وحصل 11 رئيسا فقط على هذه الجائزة التي توزع سنويا منذ عام 1901 باستثناء المرات التي حجبت فيها لعدم وجود مؤهلين أو خلال أعوام الحروب. ويرى كثيرون أن معظم الرؤساء لا يكون من بينهم أبطال حقيقيون للسلام من واقع اهتمامهم بتسليح دولهم وشن الحروب لأتفه الأسباب، «الجائزة تمنح عادة لأشخاص أنهوا حروبا وأيدوا نزع السلاح». قوبل فوز أوباما بإشادات وانتقادات حادة في الوقت نفسه. وبينما تلقى تهاني غالبية قادة العالم الذين دعوه إلى مزيد من العمل على نزع السلاح النووي، رأت جهات أخرى أنه لم يقم بإنجازات يستحق عليها الجائزة.. وذلك مثلما يحدث في كل مرة تمنح فيها الجائزة حيث تجذب إليها الانتقادات الشديدة، وتبدأ التأويلات حول معانيها السياسية، ولماذا منحت لهذه الشخصية أو تلك؟! وفي هذا السياق قال رئيس الحزب الجمهوري المعارض مايكل ستيل: «تساءل الأمريكيون عما حققه أوباما فعلا». لقد جاء هذا الاختيار بناء على قوة جاذبيته نجما سياسيا». في حين ندد متحدث باسم حركة طالبان الأفغانية، بمنح الجائزة لأوباما، «لم يفعل شيئا من أجل السلام في أفغانستان ولم يتخذ أي إجراء لجعل البلد أكثر استقرارا وظل يدفع بالمزيد من الجنود». وكان الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون الأكثر توقعا للفوز بالجائزة بسبب مساعيه لتعزيز السلام في إيرلندا الشمالية والتوصل لاتفاقية سلام في منطقة الشرق الأوسط. ولكن علاقته بمونيكا وقفت أمام فوزه بها. وفي المقابل ظلت المذكرات اليومية لمجلس أوصياء الجائزة المكون من خمسة أعضاء تعكس وعيا عميقا بالمشكلات المتعلقة بالتفسير الصحيح لوصية نوبل. وفي الواقع مازالت وصية مؤسس الجائزة مبهمة. وتقول الترجمة الرسمية إن الجائزة ينبغي أن تذهب إلى «الشخص الذي فعل أكثر أو أفضل عمل من أجل الإخاء بين الأمم وإلغاء أو تقليص الجيوش القائمة وتشكيل ونشر مؤتمرات السلام». وحظي السلام بتفسيرات واسعة في الأعوام الأخيرة مع منح الجائزة للناشطة البيئية الكينية وانجاري ماثاي عام 2004 والمصرفي البنجلاديشي محمد يونس عام 2006. وعلى الرغم من أن شخصية هنري كيسنجر أقل إثارة للجدل من بعض الرؤساء الذين نالوا الجائزة، إلا أن نيله لها عام 1973 كان مكان أخذ ورد. فالمستشار الأمني للرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون حصل على هذه الجائزة الرفيعة لدوره في وضع نهاية للحرب في فيتنام. لكن قبل هذا شهدت هذه الحرب تصعيدا ملحوظا ترتب عليه سقوط عدد كبير من المدنيين. ومن المفارقات أن وزير خارجية فيتنام الشمالية لي دوك ثو، الذي حاز الجائزة مناصفة مع كيسنجر، رفض قبولها مبررا قراره بأن السلام لم يحل بعد في بلاده. وجائزة نوبل للسلام هي إحدى الجوائز الخمس التي أوصى بها العالم النرويجي ألفريد نوبل. ومنحت للمرة الأولى عام 1901. ولا يوجد حتى الآن أي تفسير لأسباب اختياره السلام ليكون أحد مواضيع جوائزه. ويرى البعض أن نوبل أراد أن يعوض تنامي القوة المدمرة للديناميت الذي اخترعه، ولكن هذه المادة لم تستعمل قبل وفاته. وتمنح الجائزة في العاشر من ديسمبر كل عام بالعاصمة النرويجية أوسلو في يوم ذكرى وفاة صاحب الجائزة عام 1896. وتبلغ قيمتها عشرة ملايين كورون نرويجي «1.42 مليون دولار» تمنح للفائز مع شهادة وميدالية ذهبية. ويتم اختيار المرشحين للجائزة من قبل هيئة يعينها البرلمان النرويجي وذلك حسب وصية نوبل. وهناك 237 مرشحا لجائزة عام 2010، بينهم 38 منظمة. وهذا هو أعلى عدد من المرشحين من أي وقت مضى. ويمكن ترشيح أي فرد أو منظمة لنيل الجائزة من قبل أي شخص مؤهل، بما في ذلك المستفيدون السابقون وأساتذة الجامعات والقادة الدوليون، وأعضاء الجمعيات الوطنية