منذ زمن بعيد وبرامج التليفزيون بأنواعها دون استثناء من مسلسلات ومسابقات وفوازير ومنوعات، كلها تلقى نصيبا وافرا من المشاهدة في شهر رمضان، أو كما أصبح يطلق عليه بعضهم «شهر المسلسلات!» ومع أن هذا الرابط القوي بين الشهر الكريم وجهاز التلفاز ما زال مبهما، إلا أنه لطالما كانت ساعة الإفطار تحمل جوا عائليا اجتماعيا هادئا يستغله الإعلام لعرض مسلسل تقضي فيه العائلة وقتها مجتمعة لمشاهدة هذا المسلسل الوحيد، ويتابعه الجميع في التوقيت نفسه! لم تكن حينها المتعة هي متعة المشاهدة، أو تضييع الوقت، وإنما كانت متعة العائلة، أو «المشاركة!». بيد أن طفرة الطمع التي أصابت القائمين على المحطات العربية والمنتجين أخذت بالازدياد، كما أصبح معظم الممثلين وحتى الثانويين «الكومبارس» يرغبون أن يكونوا أبطال مسلسلات، حتى وإن كانت ذات أدوار بلا معنى أو كان عرض مسلسلاتهم في توقيت عشوائي! هذا بالإضافة إلى المسلسلات التي لاقت أصداء لا بأس بها في السنوات السابقة، فتبعتها أجزاء ثانية وثالثة وربما عاشرة! كل من هؤلاء يسعى لابتكار ما هو جديد للفت انتباه التجمعات على مائدة الإفطار أو السحور! فبعد موضة الفوازير جاءت حملة الكاميرات الخفية التي سرعان ما تحولت من قالب عفوي فكاهي إلى مشهد تمثيلي متكرر! هذا إلى جانب المسابقات الرمضانية التي تجني الملايين كل عام من ملل المتصلين، وبرامج الطبخ والبرامج الكوميدية بأشكالها. كل ذلك يأتي بعد المسلسلات العربية في رمضان التي لا يزال عددها في ازدياد سنوي مستمر لتصل إلى 120 مسلسلا لهذه السنة! أي أنك لو قررت مشاهدتها كلها فأنت بحاجة إلى خمسة أيام في اليوم على الأقل! فشل نسبة كبيرة من هذه المسلسلات كل عام يثير علامة استفهام «لماذا كل هذه المسلسلات إذن؟».. ربما لأن التواجد فحسب يعد العامل الأهم للنجاح في الوقت الراهن.. بدليل نجاح هؤلاء في أن يفقدوا الناس المعنى الحقيقي للتسلية ليجعلوا من التلفاز ما هو إلا أداة قد تساعدك على تجاهل جوعك أثناء الصيام!