في المقال السابق كان الحديث حول نموذج واحد من نماذج كثيرة مماثلة له وهو حال «السيد خالد مع السيدة وزارة» وعن رحلته التي استخدم فيها كل الخرائط للوصول لما يريد ابتداء من اختبار القياس ومرورا بالمقابلة والتقديم الإلكتروني، وانتهاء بمطابقة البيانات. وفي هذه الأخيرة – المطابقة – أخذ السيد خالد ما طلب منه من أوراق واستأذن من عمله ذي الراتب الذي لا يكفي لدفع رسوم مخالفة مضاعفة، وقد حدد زمن المطابقة على مدى أسبوع واحد – وفوجئ بكثرة الخريجين الذين لم يستوعبهم المكان داخل الوزارة حتى وقفوا على أبوابها، وبعد صراع مميت حول الباب تمكن من الدخول، حتى إذا حان دوره جاء مبتسما فقابله أحد الموظفين بقوله: نأسف يا سيد لقد انتهت النماذج التي يعبئها الخريجون. ولسان حال خالد يقول: لقد علمتني الوزارة - مما أصابني منها - أنواع الصبر الثلاثة في أيام، ما لم أتعلمه في عقدين ونصف، وهذه من حسنات الوزارة! قالوا لهم: عودوا وأتوا يوم الأربعاء، وكأن بيوت الخريجين في الطابق الثاني للوزارة! فهي لا تعلم أن هناك من أتى من أطراف شمال الرياض وجنوبه، وهي بسبب جودة معاييرها لا تحسب حسابا لعملائها لأنها على حق في جميع حالاتها ولأنها من المؤسسات المعصومة! ولو كان ذلك الخريج هو من أخطأ في معلومة أدخلها لن يجد سوى العام المقبل ليجدد معلوماته لأنه سيقال له بابتسامة من ذلك الموظف الذي يظنك ما جئت إلا لتطلب مالا من جيبه الخاص «الباب يوسع جمل»! وفي هذه الظروف وهذا الازدحام حصلت مناوشات بين الطرفين ما أدى إلى الاستعانة برجال الأمن ليخرجوا المتقدمين الذين جاؤوا بموعدهم المحدد من قبل الوزارة، مما اضطر السيد خالد إلى أن يأخذ إجازة من عمله في الرياض ليرجع إلى مدينته ويطابق أوراقه عندهم. ما الذي يستدعي أن تكون المطابقة في أسبوع واحد لاثني عشر ألف متقدم؟ لمَ لا تكون على أسبوعين بدل هذا اللعب وهذه الفوضوية؟ لكل امرئ من دهره ما تعودا... فمن اعتاد على الفوضوية وصنع الأعذار لها، لم يصعب عليه في وقت الأزمات أن يصنع عذرا جيدا.