توقعت دراسة صادرة عن غرفة الرياض عدم حدوث عجز في موازنة المملكة لهذا العام والمقدرة بنحو 65 ملياراً، وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط العالمية، الأمر الذي من شأنه دفع متوسط سعر النفط في المملكة إلى 50 دولارا للبرميل خلال العام الجاري. ورجحت الدراسة التي أعدها مركز البحوث والدراسات بالغرفة أن تكون وزارة المالية قد بنت تقديراتها لسعر النفط بأقل من 40 دولارا للبرميل في حين يتوقع أن يصل متوسط سعر البرميل هذا العام إلى 50 دولارا وذلك في الوقت الذي تشير فيه التوقعات المتفائلة إلى أن يصل المتوسط إلى أكثر من 60 دولارا للبرميل. واتفق رئيس اللجنة التجارية الوطنية في مجلس الغرف السعودية يوسف الدوسري مع توقعات الدراسة، مرجحا أن تحقق موازنة المملكة للعام الجاري فوائض إيجابية على عكس التوقعات الصادرة في تقارير موازنة العام الماضي. وقال الدوسري ل"الوطن" أمس "من المعروف أن البترول يشكل نسبة كبرى في ميزانية المملكة، إذ إنه مصدر دخل هام يؤثر وبشكل كبير على النتائج النهائية للميزانية العامة للدولة"، مبينا أن متوسط سعر برميل النفط المتوقع خلال العام الحالي يقدر ب60 دولارا، وهو سعر أعلى من التوقعات المتحفظة لوزارة المالية في تقرير ميزانية الدولة لعام الماضي. وأوضح الدوسري أن الأنشطة التجارية المختلفة في المملكة تساهم في دعم الميزانية العامة للدولة، إلا أنه عاد ليؤكد على أن "البترول" يعد مصدر الدخل الأول. ورأت الدراسة أنه من واقع توجهات المالية خلال الموازنات السابقة في تقدير الإيرادات فإنه يتوقع حدوث فائض في إيرادات الميزانية الجديدة مما يؤدي لتلاشي العجز فيها. وفي مقارنتها بين الميزانية الجديدة والسابقة كشفت الدراسة أن أدوات السياسة المالية تستخدم بإحكام لتحقيق الإيجابية للاقتصاد الوطني وعدم تأثره بشكل يضعف نموه، حيث أشارت في هذا الجانب إلى أنه في العام 2008، تم تقدير النفقات العامة بأقل من الإيرادات وذلك بغرض تقليص النفقات لمواجهة توقعات التضخم، مبينة أن التوجه في الميزانية الجديدة استهدف استخدام أدوات السياسة المالية لتحريك النشاط الاقتصادي لمواجهة الركود الاقتصادي العالمي وذلك عن طريق زيادة النفقات العامة وتوفير السيولة المحلية المناسبة وهو ما تميزت به ميزانية 2009، عن الميزانيات السابقة. وبيّنت الدراسة أن النفقات في الموازنة الجديدة تعد الأعلى في تاريخ الموازنات بالمملكة،حيث تم ضخ اعتمادات بجانب النفقات الاستثمارية في مشاريع تنموية تنعكس في استمرارية النمو الاقتصادي بالمملكة خلال الفترة المقبلة وتشكل هذه الاعتمادات أكثر من 225 مليار ريال بزيادة 36% عما تم اعتماده في ميزانية 2008، كما تمثل 47.4% من إجمالي حجم النفقات العام في الموازنة التقديرية لعام 1430/1431. وأكدت الدراسة أن معدلات النمو الإيجابي للاقتصاد الوطني الذي قدر في العام 2008، بنحو22% بالأسعار الجارية و4.2% بالأسعار الثابتة معدلات عالية ومقبولة وقالت "إن الاحتياطات النقدية المتاحة للدولة ستمكنها من تجاوز آثار الأزمة المالية في الوقت الراهن وخلال الفترة المقبلة مما سيجعلها قادرة على سد أي عجز متوقع بالإضافة إلى التوسع في النفقات العامة مما يحفز لأداء اقتصادي إيجابي". ودعت الدراسة إلى مواصلة تقليص الدين العام من خلال الاستفادة من الفوائض المتاحة خلال الست سنوات الماضية والذي بلغ قرابة 1.4 تريليون ريال ليتلاشى بشكل نهائي وبما يوفر النقاء الكامل للتوجهات المالية ورفع القيد عنها في سعيها لوضع سبل تقليصه، كما أكدت الدراسة على أهمية أن تتجه السياسات الاقتصادية بقوة لتفعيل مبدأ تنويع مصادر الدخل من خلال إعطاء دفعة أكبر لتنمية القطاعات غير النفطية خاصة في ظل ما أظهره الواقع من عدم استقرار أوضاع الطلب على النفط وتذبذب الأسعار وتأثير ذلك في تحقيق نمو اقتصادي إيجابي مستقر، مشيرة في هذا الجانب إلى أنه لولا حرص الدولة على الاستفادة من فائض السنوات السابقة في تكوين احتياطي من النقد والحفاظ عليه بشكل آمن لحدث تأثير سلبي في النمو الإيجابي للاقتصاد الوطني بشكل كبير وليس محدوداً مثلما ما هو واقع الآن بالأزمات الاقتصادية العالمية التي يتكرر حدوثها من وقت لآخر في العالم.