أسهم ارتفاع أسعار مجموعة الترميم والإيجارات والوقود والمياه في صعود مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في شهر يونيو بنسبة 0.2 في المائة، إذ بلغ 121.5 نقطة مقابل 121.3 نقطة في مايو.وأرجعت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ارتفاع المؤشر إلى صعود مجموعتين من المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي، وهما مجموعتا الترميم والإيجار والوقود والمياه بنسبة 1.1 في المائة والسلع وخدمات أخرى بنسبة 0.1 في المائة. واصل معدل التضخم السنوي في الاقتصاد السعودي اتجاهه التنازلي من بدء العام واستقر عند 5.2 في المائة حتى منتصف العام المنتهي في يونيو (حزيران) مقارنة ب 5.5 في المائة في مايو (أيار) و6.9 في المائة في مارس (آذار). وأعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أمس، بيانات تراجع معدل التضخم السنوي مع انحسار الزيادة في أسعار المواد الغذائية والإيجارات. وكشفت أرقام «ساما» أن مؤشر تكاليف المعيشة لجميع السكان ارتفع إلى 121.5 نقطة في يونيو (حزيران) 2009 من 115.5 نقطة في يونيو (حزيران) 2008. ويعد هذا المؤشر الأكثر استخداما في قياس التضخم في المملكة، حيث يرصد التغير في أسعار السلع والخدمات للمستهلكين في المملكة، ويرصد المؤشر 406 سلع وخدمة يتم تجميعها شهريا ل16 مدينة. وانحسرت الزيادة السنوية في مؤشر الإيجار الذي يشمل الإيجارات والوقود والمياه إلى 15 في المائة في يونيو (حزيران) من 17.7 في المائة في مايو (أيار). وتراجعت نسبة الزيادة في مؤشر المواد الغذائية والمشروبات إلى 1.7 في المائة من 2.4 في المائة في مايو (أيار). وتتفاوت بشكل عام العوامل المسببة للتضخم في اقتصاد ما، من عوامل تتعلق بالبيئة الدولية مثل: اتجاهات أسعار السلع ونشاط الاقتصاد العالمي وتطورات الأسواق المالية العالمية، إلى عوامل أخرى محلية مثل: الطلب والعرض الكلي في الاقتصاد وتكاليف المواد الأولية والأجور، وكذلك عوامل مرتبطة بالعرض النقدي، إضافة إلى العوامل الموسمية. ويتوقع اقتصاديون تحدثت إليهم «عكاظ»، باتجاه عام يشير إلى استمرار تراجع معدل التضخم في الاقتصاد السعودي خلال الربع الثالث من عام 2009، خصوصا مع الركود الراهن في الاقتصاد العالمي. ويقول المحلل الاقتصادي عبد الرحمن النعيم، إنه وفقا للعديد من المؤشرات الاقتصادية، فإن هناك تراجعا في أسعار مدخلات البناء كالحديد والاسمنت، وأسعار المواد الغذائية وبقية مكونات سلة أسعار المستهلك، وذلك نتيجة لانخفاض الأسعار عالميا، وتنامي وتيرة المنافسة في السوق المحلية من قبل الموردين والمنتجين المحليين لكثير من السلع والخدمات الرئيسية. وخلال الأشهر القليلة الماضية، بدأ يظهر بوضوح الأثر الإيجابي الذي تركته الإجراءات التي اتخذتها الدولة على صعيد السياسات المالية، والنقدية، والتجارية، والتنظيمية في مكافحة التضخم، ويلاحظ أن هناك توسعا في جانب العرض المحلي بدأ يستجيب للزيادة الحاصلة في جانب الطلب، مما أدى إلى جانب التطورات العالمية الأخيرة إلى مزيد من انخفاض الأسعار المحلية في الربعين الأخيرين، ومن المتوقع استمرار الاتجاه التنازلي في الفترة القادمة. وفي الجانب الآخر، ومن المتوقع أن يؤدي استثمار القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية والتي بدأ العمل بها خلال الثلاثة أعوام الماضية وبخاصة في مجموعة السكن وتوابعه إلى تخفيف الضغط على أسعار السكن وبالتالي المساهمة في تراجع معدل التضخم في المملكة، حيث تشير الإحصاءات إلى أن تصاريح البناء السكنية ارتفعت في عام 1429ه بنسبة 73.4 في المائة مقارنة بعام 1428ه. وبحسب تقرير ل «ساما»، فإن بعض العوامل الأخرى التي ستعزز التوقع بتراجع الأسعار خلال الفترة المقبلة، منها انخفاض تكاليف الشحن نتيجة لانخفاض النشاط الاقتصادي العالمي، وانخفاض أسعار النفط، وارتفاع سعر صرف الدولار الذي شهد في الآونة الأخيرة تحسنا ملحوظا مقابل معظم العملات الأجنبية والذي سيكون له دور مساعد في خفض تكاليف بعض المنتجات المستوردة إلى المملكة بالعملات الأخرى. كما أن التراجع الذي تشهده أسعار النفط حاليا قد يؤدي إلى خفض تكاليف مدخلات الإنتاج الزراعية والصناعية الأمر الذي سيخفض تكاليف مدخلات السلع الزراعية كالأسمدة، والسلع الوسيطة للمنتجات الصناعية وبالتالي سينعكس على مستوى الأسعار المحلية. وتشير بيانات صندوق النقد الدولي لشهر أبريل (نيسان) 2009م إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي ومعدلات التضخم في معظم الدول خلال الفترة القادمة، وذلك نتيجة لتراجع الطلب العالمي الذي سببته الأزمة المالية العالمية. حيث تشير توقعات الصندوق إلى تراجع معدلات التضخم خلال عام 2009 في كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى 0.9 في المائة، ودول منطقة اليورو إلى 0.2 في المائة، كما يتوقع تراجع معدلات التضخم في عام 2009م في كل من اليابان إلى 0.1 في المائة، والصين الشعبية إلى 0.1 في المائة، والمملكة المتحدة إلى 1.5 في المائة، وكوريا الجنوبية إلى 1.7 في المائة، والهند إلى 6.3 في المائة، وأستراليا إلى 1.6 في المائة. وكل تلك العوامل تشير بقوة إلى تأثر أسعار الواردات السلعية إلى المملكة، وبالتالي توقع تراجع تكاليف كثير من مدخلات الإنتاج في المؤسسات الصناعية المحلية الذي بدوره يعزز التوقعات باستمرار الانخفاض في الأسعار خلال الفترة المقبلة.