واقع يعيشه أبناء المنطقة لم تكن الأخطاء الطبية والإهمال ضربًا من الخيال في مستشفيات منطقة الباحة بل هي واقع يعيشه أبناء المنطقة بين لحظة وأخرى؛ ما يجبر المقتدر منهم على دفع مبالغ باهظة للعلاج في المستشفيات الخاصة التي هي أيضا أصبحت شبحا لا يرحم صغيرا ولا ضعيفا في ظل تقديم خدمات طبية تحتاج إلى إعادة نظر. وبالأمس القريب ودع عضو مجلس منطقة الباحة علي بن صالح الزهراني زوجته التي كانت تنعم بالصحة والعافية وتنتظر المشاركة في فرح ابنها بين لحظة وأخرى، وكانت تتهيأ لأن تجعل من العرس ليلة حالمة لا ينساها ذلك الابن، وبالفعل ما وقع من أحداث درامية سبقت ليلة العرس بأيام قلائل قلبت موازين الفرح وأصبح ترحا لا ينسى وحزنا سيبقى عالقا في الذاكرة أبد الدهر وألغيت مخيمات الفرح واستبدلت بسراديق العزاء. وما هي إلا فترة بسيطة حتى انقلبت أسرتا معاذ محمد عبدالرزاق الغامدي من أهالي بلجرشي وراشد معاذ عبدالله راشد الزهراني من قلوة حزنا. فمعاذ الأول فقد نتيجة إهمال طبي والآخر نتيجة خطأ طبي في اثنين من كبريات المستشفيات وأقدمها في المنطقة الجنوبية بأسرها. “المدينة” التقت بأسر الضحايا لتسليط الضوء على حجم الأخطاء الطبية وكوارثها في منطقة الباحة. -------------------------- الإهمال ينقل طالب ثانوية بلجرشي.. إلى العالم الآخر يروي محمد عبدالرزاق الغامدي قصة ابنه معاذ 17 سنة الذي يدرس في الصف الثاني الثانوي في ثانوية بلجرشي. يقول إن ابنه كان مصابا بالربو منذ أن كان صغيرا. وقبل فترة وجيزة أدخلته طوارئ مستشفى بلجرشي العام إثر أزمة ربو كان مصاحبها ضيق في التنفس. فصرف له الطبيب المعالج علاجا وخرج من المستشفى في نفس الليلة واستخدم العلاج حسب وصفة الطبيب في تلك الليلة في اليوم الثاني بعد الظهر. ولكنه بعد تناول العلاج بعد الظهر حصلت له رعشة فنقلته فورا إلى المستشفى ذاته. وهناك وجدنا أن اسطوانات الأوكسجين فارغة وأخرى بجانب السرير تهرب هواء. ويضيف: لقد بدأ الإهمال من هنا. وتم تنويم الابن في الغرفة 106 في المستشفى، نظرًا لتردي حالته الصحية. وهناك في التنويم لم يستطع أن يضع القناع على فمه وكان يتألم وأنا أبحث عن الطبيب وهو غير موجود سوى طبيبة كانت تتجول في الأقسام. وعندما أتوا أعطوه علاجا وانخفض الأكسجين ولكنه بدأ يستجيب حتى وصل الأوكسجين إلى 95%. عندها بعد أن اطمأننت رجعت إلى البيت وبعدما أبلغوني أن حالته مستقرة. وعند وصولي إلى المنزل أتتني مكالمة من ابني يقول أنه لا يستطيع أن يتنفس وينادي “الحقني يا أبي لا أستطيع أن أتنفس” رجعت إلى المستشفى سريعا فرفض الحراس إدخالي بحجة أن شقيقه مرافق عنده. استبعدت ذلك نهائيا وقلت ومن هو المرافق فابني هو وحيدي بعد وفاة شقيقه في حادث وعندما بحثنا وجدنا شخصا آخر باسم فيصل سعيد فاستغربت ذلك فكيف يضعون عنده شخصا آخر لا نعلم عنه شيئا. عندها أخذوه للعناية المركزة. واستمر الاستشاري الطبيب يشرف عليه وكان بين لحظة وأخرى يتصل بالهاتف الذي معه يطلب استشارة من أطباء آخرين لا أعلم أين هم. فأبلغوني أن رئته مليئة بالهواء وكذلك صدره تعبأ أيضا فنزل مع طبيب “تحتفظ الجريدة باسمه” إلى الدور الأرضي بالمستشفى ليأخذوا له أشعة مقطعية وأثناء ذلك توقف الأكسجين والنبض فعملوا له “إنعاشا” في ممر المستشفى. لقد لاحظت أن رقبته منتفخة وعندما أعادوه إلى غرفته طلبوا أن يعملوا له فتحة كي يخففوا من الهواء. وتساءل: لماذا لم يتأكدوا من ذلك قبل أن يعملوا له أشعة. وأثناء عمل الفتحة كانت الدماء تنزف على ملابس الأطباء وهو ينادينا قائلا “يا أبي أنا سوف أموت” لم أجد وسيلة إلا أن أحملهم المسؤولية. طلبوا مني الموافقة على إجراء عملية تغسيل للكلى قائلين إنهم يخشون أن يحصل له فشل كلوي. ووقعت على الورقة على مضض وخوفا من أن أفقد ابني. ولكنني في نفس اللحظة تقدمت بشكوى للمسؤولين في المستشفى بعد أن وضعوه في العناية المركزة وعنده شبه وفاة دماغيا. ويضيف والألم يعتصر قلبه: لقد ذهبت إلى منزلي وأنا لا أعلم ماذا حصل لابني إلا أن عددا من الأهالي عندما رأيتهم يأتون إلى منزلي عرفت أن ابني قد توفى. لقد أبلغوني أن وفاة ابني طبيعية ولهذا رفضت أن أستلم الجثمان إلا بعد وفاته بثلاثة أيام. لقد تقدمت بشكوى لمدير المستشفى أطالب فيه بالتحقيق وعندما بدأت في طلب التقرير لم يكن اسم الطبيب الذي عالجه في الطوارئ موجودا ولا الأطباء الآخرين وتحتفظ “المدينة” بأسمائهم. حيث أبلغوني أنهم في إجازة. أنا أطالب بلجنة منصفة للتحقيق في وفاة ابني الذي لا زال في ريعان شبابه والذي فقدته بنتيجة إهمال وأخطاء طبية لا تتحملها الجبال. في هذا الإطار قال الإعلامي للشؤون الصحية في الباحة ماجد الشطي انه تم تشكيل لجنة من المستشفى ولجنة أخرى من الطبي العلاجي للتحقيق في وفاة معاذ ومعرفة أسبابها والرفع بذلك للشؤون الصحية ليتم اتخاذ الإجراء اللازم عليها. ------------------------- “راشد”.. عاش 8 شهور ومات ب “كارثة طبية” معاذ عبدالله راشد الزهراني عن معاناة طفله راشد الذي فقده نتيجة خطأ طبي وإهمال -على حد قوله- في مستشفى الملك فهد بالباحة، حيث يقول في شكوى بعثها إلى “المدينة”: أشكو إلى الله حالي وقلة حيلتي فأنا شاب انتظرت طويلًا بعد زواجي مولودا يملأ بيتنا فرحا وسرورا ومن الله علينا -سبحانه وله الفضل أولا وآخرا- بعد مرور أربع سنوات بطفل وُلد في الشهر الثامن، وبسبب عدم اكتمال نموه تم بعثه لمستشفى الملك فهد بالباحة بقسم الحضانة للأطفال الخدج. وهناك حصلت الكارثة. فبسبب خطأ طبي تشخيصي وعلاجي من قبل الطبيب والكادر التمريضي الذين شخصوا حالته بالخطأ وأعطي حقنة من قبل الممرضة في الشريان بدلًا من الوريد بالرّجل، مما أدى إلى انفجار الشريان والأوعية الدموية وتساقطت أصابع رجله اليمنى الخمسة فور وصوله إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة بعد نقله من مستشفى الملك فهد بطائرة الإخلاء الطبي وذلك لموت الأصابع وتعفنها وإصابتها بالغرغرينة دون أي اهتمام من قبل مستشفى الملك فهد بالباحة. ويضيف: كان بالإمكان تدارك ذلك في فترة الأسبوع الذي مكثه ابني حسب ما يتناقله الأطباء شفويًا بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة وحسبما فهمته منهم، إلا أنه تُرِكَ وأُهمل دون عناية ولم يعره أحد اهتمامه وأهملت حالته. تقدمت بطلب لسمو أمير منطقة الباحة لنقله بالإخلاء الطبي وتم نقله لمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة وتم دهن جسمه بمادة زيتية عند الإخلاء الطبي الجوي ولا أعلم ما هي. فقد تسببت بحدوث التهابات جلدية حادة بكامل جسمه وتسببت أيضًا بعدم طلوع شعر رأسه لانعدام بصيلات الشعر من تلك المادة. لقد تدهورت حالته على مرأى ومسمع من الكادر الإداري والطبي بمستشفى الملك فهد بالباحة. ولم تقف المصيبة بذلك المستشفى بالباحة بل زادت وسعًا ونزلت علينا الكوارث متتالية بعد وصولنا لمستشفى الملك فيصل التخصصي فبعد مكوثه فترة أربعة أشهر وبعد إجراء عملية جراحية في تضييق شرايين القلب وقد كان صدره مفتوحًا لمدة يومين لعدم نجاح تلك العملية في المرة الأولى، وبعد نجاحها في المرة الثانية تم قفله بعد التأكد من صحة نجاحها. وفشل تلك العملية في المرة الأولى يؤكد أن العملية ليست بالسهلة بل تعد من أصعب العمليات التي تعمل على المستوى الجراحي للأطفال ذوي الشهور الأولى. وقد مكث بعدها ابني في العناية المركزة لمدة ثمانية أيام وبعدها تم إخراجه لقسم التنويم وبعد مرور أربعة أيام من خروجه من العناية المركزة تم كتابة خروج له من قبل الطبيب المسؤول عن حالة ابني على الرغم من أن العملية لم تجبر بعد. وكان وضع ابني حساسا للغاية فمجرد أن يصيبه فقط زكام وهو بعيد عن أعين الأطباء تسوء حالته ومن المحتمل أن تؤدي بحياته؟! بعد خروج ابني من المستشفى بيوم واحد فقط ساءت حالته بآخر الليل وارتفعت حرارته ولم يمكث سوى ساعات قليلة حتى توفاه الله وهو بين أحضان أمه التي تعاني الآن من هوس شديد لما حدث مع ابنها. وزاد الطين بلّة حين دفن بالقرب من منزلنا وأمه تشاهد ذلك متقطعًا قلبها ودمعاتها تحرق خديها.. فلمن نلجأ بعد الله إلا لكم يا سيدي لإنصافنا. وقال الناطق الإعلامي لصحة الباحة ماجد الشطي إنه ومن خلال ما تم في التحقيق في قضية الطفل راشد الذي تقدم والده بعدة شكاوى تبين ان الطفل قد ولد مبكرًا (قبل أوانه) وكان ناقص الوزن ويعاني من عيوب خلقية متعددة مثل وجود فتحات متعددة بين بطينات القلب وعدم انغلاق القناة بين الشريان الرئوي والأورطي وانسداد القناة الشرجية من الخارج، إضافة إلى عيوب خلقية أخرى في وضع الأذنين ومفصلي الوركين وفتق إربي أيمن واحتمال وجود عيوب أخرى مما يعزز احتمالات تردي الحالة صحيًا بسبب ذلك، وقد تم طلب إجراء مسح كرموزومي للطفل للتأكد بصفة أشمل مما لديه من صعوبات صحية، كما أنه كان يعاني أيضًا من إنتان دموي مستفحل علاوة على المعلومات التي أوردها والده بأنه قد ولد بعد تحفيز حمل لوالدته استمر عدة سنوات، وسنواصل استكمال مقتضيات التحقيق واتخاذ الإجراءات النظامية التي تكفل حقوق الجميع. -------------------------- صدق أو لا تصدق.. تسليم جثة في كيس نفايات فوجئت إدارة الخدمات وصحة البيئة في بلدة بلجرشي باستلام جثمان طفلة نقل من أحد المستشفيات القريبة في كيس نفايات. وأوضح مدير إدارة الخدمات وصحة البيئة ببلدية محافظة بلجرشي الدكتور أنور قذان الغامدى في خبر نشرته “المدينة” سابقا أنهم قاموا باستلام جثمان طفلة متوفاة داخل كيس نفايات تمهيدا لدفنها وتم على الفور تكليف مشرفة الموتي بغسلها ودفنت في مقابر البلدية وتوجيه خطاب للمستشفى بعدم تكرار ذلك مستقبلا. ويقول الناطق الإعلامي للمديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الباحة ماجد الشطي أن الإجراء الذي تم اتخاذه من قبل المستشفى إجراء سليم ولم تكن الجثة في كيس نفايات وإنما في كيس معتمد من وزارة الصحة يطلق عليه “كيس الأنسجة البشرية” وهو مخصص لوضع الجثث بداخله ونقلها ولا في ذلك امتهان أبدا لجثة المتوفى. فقد صمم هذا الكيس لهذه الحالات. --------------------------- عضو مجلس منطقة الباحة يفقد زوجته “في يوم العيد” يقول عضو مجلس منطقة الباحة علي بن صالح الزهراني: فقدت زوجتي في يوم عيد الفطر المبارك لهذا العام والناس تعيش فرحة العيد وأنا وأبنائي وأسرتي نعيش حزنا عميقا ونحمد الله على قضائه وقدره. لقد كنا نستعد لفرح ابننا ثاني أيام عيد الفطر المبارك وكانت الأم الفقيدة -يرحمها الله- تعيش الفرح مضاعفا فها هو العيد على الأبواب وكذلك زواج ابنها أيضا على الأبواب. لم نكن نعلم أن القدر سيسبق ونؤمن بقضائه وقدره سبحانه. ويضيف: انتقلت زوجتي يرحمها الله أول أيام عيد الفطر المبارك، وكان السبب في وفاتها إهمال طبي بدأ مسلسله من مستشفى المندق العام واختتم بمستشفى الملك فهد بالباحة، الذي فيه دخلت غيبوبة لم تفق منها إلا في قبرها. ويضيف: أصيبت زوجتي بوعكة صحية نقلناها على إثر ذلك إلى مستشفى المندق العام القريب من منزلنا وعند إجراء الفحوصات الروتينية دون أن يكلفوا أنفسهم عمل أشعة لتشخيص الحالة بشكل دقيق كما هو المعتاد في أقل المستشفيات إمكانية فما بالكم في مستشفى يستقبل مئات الحالات يوميا ويخدم محافظة من أكبر محافظات المنطقة، واكتفى الطبيب المعالج بتشخيص حالتها أنها زيادة في الهرمونات وصرف لها علاجات مهدئة ولكن للأسف لم تجد نفعا. وعندما رأيت أنه لا فائدة من مراجعة هذا المستشفى قلت أستعين بمستشفى الملك فهد بالباحة فنقلناها إلى هناك. وفي قسم الطوارئ تم عمل أشعة لها وشخص الطبيب المعالج حالتها بأنها عادية ولا شيء هناك يدعو للقلق ولكن لمزيد من الاطمئنان أدخلها التنويم في المستشفى. وأثناء تواجدها في التنويم بالمستشفى يوم الخميس كانت تعاني من صداع شديد وتصرخ طالبة النجدة ولكن لا حياة لمن تنادي. فلا طبيب أتى ليطمئن عليها ويعطيها العلاج اللازم ولا أحد يهتم لحالتها ولا حتى بوجودها. وفي صباح اليوم التالي وهو يوم جمعة ذهبت أنا وأولادي الطبيبين اللذين حضرا من جدة ومن خارج المملكة إلى المستشفى لنطمئن على حالها ووضعها وعند دخولنا إلى غرفتها وجدناها في غيبوبة تامة دون وجود أطباء ولا ممرضين. وواصل حديثه: ارتفعت أصواتنا تجمع الأطباء لكن بعد فوات الأوان وشخصوا حالتها بأن لديه جلطة في الدماغ. على الفور طلب أبنائي أن يطلعوا على الأشعة التي تم عملها لوالدتهم أثناء دخولها المستشفى وتبين لهم أن هناك بوادر جلطة أظهرتها الأشعة لكن الطبيب الذي فحص الحالة لم يعط ذلك اهتماما إما لجهل منه أو لإهمال ولا غير ذلك. هنا جن جنون الأولاد ولولا تمالكهم لأعصابهم كان حدث ما لم يكن في الحسبان -وحسبنا الله ونعم الوكيل-. بعد ذلك تم استدعاء طائرة إخلاء طبي لنقلها من مستشفى الملك فهد بالباحة لأي مستشفى خارج المنطقة لكي يتم علاجها لكن بعد فوات الأوان حيث لفظت أنفاسها الأخيرة في يوم عيد الفطر المبارك وتمت الصلاة عليها في المسجد الحرام ودفنها في مكةالمكرمة وألغيت مناسبة الفرح وتحولت إلى مناسبة عزاء. ويضيف والألم يعتصر قلبه: لقد فقدت زوجتي نتيجة إهمال طبي متعمد وأطالب بمحاكمة المتسبب في ذلك. كما أطالب بمعرفة تفاصيل التحقيق. قال الناطق الإعلامي لصحة الباحة إنه سيجري تحقيقا لمعرفة سبب الوفاة ولكن إلى تاريخه لم نطلع على تقرير. ولا نعرف ماذا حدث؟ وهل تم معاقبة المتسبب؟ أم أن حقوقنا ضاعت سدى؟ ويختتم حديثه قائلا. سنلجأ إلى أي مكان لنعرف المتسبب مهما كانت جنسيته ومهما كان عمله.