الفرد الطبيعي في كل حالاته ينشد العدالة حين يتعامل مع الآخرين أو يتعاملون معه باختلاف المناصب والمواقع والمصير، وكذلك المجتمع في حالته الطبيعية يفعل الشيء ذاته وعلى مستوى أكبر ومن خلال مواضيع أكبر. ثقافتنا الدينية تزكي فكرة العدالة، وسياسة الدولة على مستوى التعليم والاقتصاد والطب تؤصل مفاهيمها وتبحث عن كل الأبواب التي تدعمها في تحقيقها وتجتث تلك الأبواب التي قد تهدمها، السياسي ينشد العدالة في خطبه، المعلم ينشد العدالة وهو يطالب بالموازنة بين العطاء والأخذ ويطلب احترام الحقوق والجهود والذات، الخطيب يستشهد بنصوص دينية تحث على العدالة، الكاتب يصر على تشريب الأفراد معاني العدالة ويحثهم على أن تكون مهمتهم في الحياة مقاومة الظلم ورفضه وعدم السماح به لتحقيق مجتمع نزيه نقي، الطالب ينشد العدالة وهو يطالب بحقه في معلم مخلص يحترم حقوقه العلمية والفكرية والإنسانية فهو يدرك هذا الإنسان الصغير بأنه لن يصبح إنسانا ناضجا كريما مؤديا لواجبه الوطني إلا إذا قدمت له حقوقه واستشعرها من معلم عادل و... و... بشكل عام ينشد العدالة من يشعرون بالظلم ويحاربهم المنتفعون من الظلم في تحقيق مكاسبهم وإشباع احتياجاتهم بأسلوب غير عادل.. وطلب العدالة أمر نادت به كل الشعوب قديما وما زال النداء مستمرا وأخرجه الربيع العربي بصور مختلفة حتى تتحقق العدالة.. ولكن ما زالت هذه الشعوب المقاومة للظلم تجهل معرفتها بنفسها وماذا تريد.. وإلى أين تريد أن تصل وماذا سوف تحقق.. فهي تائهة بين مباركة الشروع في البحث عن العدالة وغياب الهدف.